شاهد عيان يروي تفاصيل استبسال رجال الشرطة بمعركة الإسماعيلية | فيديو وصور 

"جلال عبده هاشم" ابن الإسماعيلية الشاهد
"جلال عبده هاشم" ابن الإسماعيلية الشاهد

كتب: فتحي البيومي 
منذ نشأتها وأنت حارس على قدسيتها، تحل روحك في جسدها قبل جسدك، جيلا بعد جيل، بأسك من حديد، ودرعك من طاقة نور ونار، تحرق كل من تآمر عليها، ونورك يعمي الأبصار اللعينة، أمنحك سري لأنك نلت شرف حمايتها، وأعطيك قوتي فلا يستطيع أحد هزيمتك على الدوام، حينما تقف شامخا أمام حرمها وتحمل أمانة مجدها، أقتل كل مخاوفك أولا، ثم أتلو ترانيم صلاة الحب لربها، لتنتصر على أعدائها.

اقرأ أيضاً| ملحمة الإسماعيلية 25 يناير 1952.. صمود 880 شرطيًا مصريًا أمام 7000 جندى بريطانى

رسالة "رع" وكأنها موجهة لكل من حمل على عاتقه مهمة الدفاع عن مصر من رجال الشرطة والقوات المسلحة ، رسالة موجهة لكل من أقسم على الحفاظ على كرامة مصر والذود عن ترابها ضد كل محتل أو غاصب يريد النيل منها، وقد أثبت التاريخ وعى أبناء مصر لمضمون الرسالة، والتزامهم بتنفيذ كل ما جاء بها، فكانت مصر هي الأمانة الني حملوها بصدق، ودافعوا عنها بكل بسالة وشجاعة.

في الخامس والعشرين من يناير من كل عام، تحل علينا ذكرى معركة الشرطة الشهيرة ضد المحتل البريطاني، والتي ضرب فيها أبناء مصر والإسماعيلية تحديدا أعظم الأمثلة في بسالة وقوة الجندي المصري، وعقيدته التي لا تراجع عنها في الدفاع عن كرامة الوطن والزود عن ترابه ضد كل معتد أو غاصب يريد بمصر سوء.

"بوابة أخبار اليوم" مع شاهد عيان، حضر الأحداث ووثق ما جاء بها في كتابه " الإسماعيلية أحداث وذكريات" إنه "جلال عبده هاشم" ابن الإسماعيلية الشاهد على كل ما مر بها من أحداث وبطولات .

شرارة أوقدت نار المعركة
وعن أسباب نشوب معركة الشرطة في الخامس والعشرين من يناير 1952 يقول "جلال عبده هاشم" نظرا لنجاح عمليات الفدائيين من أبناء الإسماعيلية ضد المحتل البريطاني والتي كانت نتاج كبت وضيق المواطن المصري من تصرفات المحتل التي كانت تشعرنا بالذل والمهانة في بلدنا وأن المحتل هو صاحب البلد وليس نحن، وعدم تمكن القوات البريطانية من الوصول لأماكن اختباء الفدائيين والقبض عليهم.

أراد المحتل البريطاني نزع أماكن تمركز قوات الشرطة وعودتهم للقاهرة ظنا من المحتل بأنهم يخبئون الفدائيين، وبالفعل في صباح يوم الجمعة الخامس والعشرين من يناير ١٩٥٢ استدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام" ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذارا بأن تسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها، وتنسحب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز اختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته في منطقة القنال، فرفضت المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغته إلى وزير الداخلية "فؤاد سراج الدين "باشا" الذي أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، وعندها فقد القائد البريطاني أعصابه، فقامت قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم الشرطة لنفس الدعوى.

تفاصيل معركة الشرطة وبسالة الجنود المصريين.
وعن تفاصيل المعركة وأحداثها يقول "هاشم"  في رد فعل سريع، هاجمت القوات البريطانية قوات الشرطة المصرية وأطلقوا عليهم نيران قنابلهم بشكل مركز وعنيف بدون توقف،  ولمدة زادت عن الساعة أو يزيد، وفي ذلك الوقت كان تسليح قواتنا من أبناء الشرطة لا يتعدى البنادق العادية الخفيفة قديمة الطراز، وفي غروب نفس اليوم تمت محاصرة مبنى قسم الشرطة الصغير ومبنى محافظة الإسماعيلية، وكان عدد القوات البريطانية في ذلك الوقت يزيد عن سبعة آلاف جندي مزودين بالأسلحة تدعمهم الدبابات الثقيلة والعربات المصفحة بينما كان عدد الجنود المصريين لا يزيد عن ال٨٠٠ في الثكنات وال٨٠ في المحافظة ولا يحملون غير البنادق العادية القديمة.

ويضيف "هاشم" لقد استخدم المحتل البريطاني كل ما لديه من أسلحة في قصف مبنى المحافظة، ورغم ذلك قاوم الجنود المصريون واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة، ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة في القسم ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة لدى القوات المصرية، بعد ساعتين طويلتين من القتال، سقط منهم خلالهما 50 شهيدا و80 جريحا وهم جميع أفراد جنود وضباط قوة الشرطة التي كانت تتمركز في مبنى القسم، وأصيب نحو سبعين آخرين، هذا بخلاف عدد آخر من المدنيين وأسر من بقي منهم.

النتائج المترتبة على معركة الشرطة.
وعن النتائج المترتبة على معركة الشرطة يقول "هاشم"  في صباح السبت 26 من يناير 1952انتشرت أخبار الحادث في مصر كلها، واستقبل المصريون تلك الأنباء بالغضب والسخط، وخرجت المظاهرات العارمة في القاهرة، واشترك جنود الشرطة مع طلاب الجامعة في مظاهراتهم، وانطلقت المظاهرات تشق شوارع القاهرة التي امتلأت بالجماهير الغاضبة،  وتسببت هذه الأحداث في تدهور شعبية الملك فاروق لأبعد مستوى، مما مهد لقيام الضباط بحركة 23 يوليو بقيادة اللواء محمد نجيب في نفس العام.