فى الصميم

«الضبعة».. والقرار المستقل

جلال عارف
جلال عارف

تأخرنا كثيراً فى دخول عالم المحطات النووية لإنتاج الطاقة النظيفة. كانت هناك محاولات تم تعطيلها واتفاقات مبدئية تم قطع الطريق عليها، ومصالح خارجية وداخلية تعرقل دخولنا هذا الميدان وتطوير برنامجنا السلمى لاستخدام الطاقة النووية.
تغيرت الأوضاع بعد توقيع الاتفاق على تنفيذ مشروع «الضبعة» مع الاتحاد الروسى عام ٢٠١٥، وبالأمس كان الرئيس بوتن يشارك الرئيس السيسى عبر «الڤيديو كونفرانس» فى الاحتفال ببدء العمل لوضع أساسات المفاعل النووى الرابع والأخير فى محطة «الضبعة» والتى من المقرر أن تبدأ إنتاج الكهرباء بعد ٥ سنوات وأن تصل إلى طاقتها القصوى عام ٢٠٣٠. ولتستمر فى الإنتاج « بإذن الله » على مدى ثمانين عاماً بطاقة تبلغ ٤٨٠٠ ميجاوات من الطاقة النظيفة.
إنجاز كبير يؤكد متانة العلاقات المشتركة بين مصر وروسيا، ويعيد للذاكرة رحلة صداقة وتعاون كان من ثمارها بناء السد العالى العظيم ووقوف «الاتحاد السوفيتى» معنا فى كل معاركنا الكبرى.. وصولاً إلى فتح أبواب التعاون الآن والتى تمتد من «الضبعة» إلى المنطقة الاقتصادية بقناة السويس. والمرشحة للتوسع فى كل المجالات بعد انضمام مصر لمنطقة «البريكس» مع بداية هذا العام.
هام جداً أن يتم تنفيذ خطة العمل فى «الضبعة» قبل موعدها رغم الظروف الاستثنائية التى يواجهها الجميع. وهام جداً أن تكون الصناعة المصرية حاضرة فى المشروع بكل جدارة وبالمواصفات العالمية، وأن يكون «الضبعة» فرصة جديدة للاستثمار «العلمى» فى الاستخدام السلمى للطاقة النووية فى المجالات المختلفة، بالإضافة إلى إسهامه الاقتصادى والاجتماعى وإنتاجه من الطاقة النظيفة التى تبعد خطر التلوث المناخى وتقلل الحاجة إلى استيراد البترول.
إنجاز هام يتم فى ظروف استثنائية صعبة ليؤكد قوة التعاون المشترك بين البلدين، وليؤكد أيضاً جاهزية مصر للمضى قدماً فى بناء الدولة القوية الحديثة وامتلاكها لكل العناصر اللازمة لذلك بشرياً ومادياً، وامتلاكها أيضاً للقرار المستقل الذى يفتح أبواب التعاون المشترك مع الجميع، ويعرف جيداً أن الخير قادم حين يكون قرارك بيدك والمصلحة الوطنية وحدها هى الهدف.
فلننطلق من درس «الضبعة» لنعبر كل التحديات.