عاجل

82 شمعة لأسطورة الضربة القاضية فى القرن العشرين

الرئيس جمال عبد الناصر يستقبل البطل الأسطورى محمد على كلاى فى منزله
الرئيس جمال عبد الناصر يستقبل البطل الأسطورى محمد على كلاى فى منزله

أضاء عشاق بطل العالم الأسطورى فى الملاكمة للوزن الثقيل محمد على كلاى فى 17 يناير الجارى الشمعة 82 احتفالا بذكرى ميلاده، فالبطل الأسطورى لا تموت سيرته برحيل الجسد إنما تبقى فى الأذهان والوجدان كلما حلت ذكراه، وكلما أتت سيرته فى المناسبات، ومحمد على كلاى من الرموز التى لا تنسى، ليس بانتصاراته الرياضية المدونة فى صفحات التاريخ، بل بشخصيته القوية التى تصدى بها للتمييز العنصرى فى بلاد العّم سام فى ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، إلى جانب أنه دون اسمه بمداد الذهب بفوزه على ديناصورات الوزن الثقيل فى الملاكمة، وخاض حربا ضروسا لنصرة الرجل الأسود الذى تعتبره العنصرية من الدرجة الثانية، الأمر الذى جعله يمعن التفكير ويجد فى الدين الإسلامى تحّررا من العبودية، فرفع راية التوحيد وراية الحقوق المدنية لبنى جلدته السود فى أمريكا، ورفض الانخراط فى الحرب العرقية التى خاضتها الولايات المتحدة ضد الجنس الأصفر من الفيتناميين، وأوضح فى مؤتمر صحفى شهير رفضه للحرب التى يشنها الجيش الأمريكى على فيتنام، وأكد أنه رفض الذهاب للحرب وبرر موقفه قائلا: «ضميرى لن يسمح لى بإطلاق النار على إخوة لى، أو ناس أكثر سمرة منى، أو بعض الفقراء الجوعى الذين يعيشون فى الوحل من أجل أميركا القوية الكبرى، ثم لماذا أطلق النار عليهم ؟ فهم لم ينعتونى أبدا بالزنجى ولم يسحلونى، لم يطلقوا كلابهم عليّ، ولم يجردونى من جنسيتى، أو يغتصبوا أو يقتلوا أمى أو أبى، فلماذا أطلق النار على هؤلاء المساكين؟ لن أذهب لفيتنام لكى أقتل أبرياء من أجل من يحكمون أمريكا حتى ولو أخذونى إلى السجن»، وبهذه المشاعر أصبح «كلاى» رمزا للإنسانية بعد أن سحِبت منه رخصة الملاكمة وحكم عليه بالسجن خمس سنوات وغرامة 10 آلاف دولار، واستأنف كلاى الحكم فألغته المحكمة العليا سنة 1970، وعاد إلى صولاته على الحلبة، ولم يكن حكم السجن قد نفذ حتى الحكم النهائى الذى رد إليه اعتباره، وواصل بشهرته انحيازه لحقوق الإنسان ولم يتوقف نشاطه ضد التفرقة العنصرية .
من المحطات التى كان «كلاى» يعتبرها مهمة فى مسيرة حياته، زيارته لمصر التى استغرقت 15 يوما بدعوة من الاتحاد العربى للملاكمة التى أتاحت له رؤية المواقع الأثرية التى كان يراها فى الصور والأفلام ويتشوق لرؤيتها فى الواقع، وسعد بتكريمه فى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وكان فى قمة سعادته عندما زار النصب التذكارى للشهداء بمدينة بورسعيد، وشاهد فيلما عن العدوان الثلاثى عام 1956 وعقب على الفيلم قائلا «كنت فى الرابعة عشرة من عمرى عندما وقع هذا العدوان على مصر، وعندما كبرت أدركت بشاعة هذا العدوان»، وأقام مع شقيقه عبد الرحمن مباراة استعرض فيها مهاراته فى فنون اللعبة الدفاعية والهجومية وفنون الملاكمة، وكررها فى ملعب نادى الجزيرة، وشهد كلاى مباراة بين بطل إفريقيا محمود حمزة ومحمد رشدى فى وزن الذبابة، لتنتهى بفوز حمزة بالقاضية، شهد مباراة أخرى بين السيد عبد الهادى بطل مصر فى وزن الديك، وحسن فرج، وبعدها توجه إلى الأقصر وأسوان لزيارة مشروع السد العالى، ونظمت له زيارة فى منطقة الأهرامات ركب خلالها الجمل والحصان، وارتدى الجلباب المصرى الأبيض والطاقية وطلب أن يقود «فلوكة» فى النيل بنفسه، ولم يكن ضمن برنامج الزيارة غير الأماكن التى جعلته يشعر بانبهار عظيم، لكنه طلب أن يلتقى الزعيم جمال عبد الناصر لأنه يحبه ويقدر نضاله ضد التفرقة النصرية والاستعمار، ويساند حركات التحرر للشعوب التى تعانى من نير الاستعمار العالمى السارق لخيرات البلاد، ووافق الرئيس عبد الناصر على مقابلته رغم مشاغله واستقبله فى منزله بمنشية البكرى، وفى الطريق إلى مكتب الرئيس شاهد «كلاى» تمثالا للرئيس فوقف ليطبع قبلاته عليه وهو ينحنى تقديرا وتوقيرا أمامه، وأوضح للرئيس أنه يتمثله فى الدفاع عن حقوق الشعوب المقهورة التى تعانى من العنصرية والتمييز، وقال للرئيس فى نهاية المقابلة أنه مقدر عند كل الشعوب كزعيم وطنى يريد لأمته الكرامة والعزة.