«ظواهر لغوية في المعجمية العربية» للدكتور مصطفى يوسف بمعرض الكتاب

د. مصطفى يوسف عبدالحي (الأستاذ المساعد والمتحدث الرسمي لمجمع اللغة العربية)
د. مصطفى يوسف عبدالحي (الأستاذ المساعد والمتحدث الرسمي لمجمع اللغة العربية)

إصدار جديد بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2024م، للدكتور مصطفى يوسف عبدالحي (الأستاذ المساعد والمتحدث الرسمي لمجمع اللغة العربية) عن دار النابغة، وقد قدَّم للكتاب أ.د.محمد العبد (أستاذ العلوم اللغوية بكلية الألسن جامعة عين شمس، عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة). 
ضمَّ الكتاب فصولًا خمسة؛ تناول الفصل الأول "أثر ظاهرة المُثَنَّيات في صناعة المعجم العربي: دراسة معجمية دلالية"؛ حيث تُعَدّ ظاهرة المُثَنّيات من ظواهر اللغة العربية على المستوى الصرفي، ومن علاماتها المعروفة على مستوى الثروة اللفظية. وقد سعى المؤلف إلى دراسة هذه الظاهرة، وبيان أثرها في إثراء المعجم العربي، وقصد بألفاظ المُثَنَّيات تلك الألفاظ التي تدل على معنيين معًا؛ مثل: "الحَرَمان"، للدلالة على مكة والمدينة. وقد بيَّن طبيعة البنية الاشتقاقية لألفاظ المثنيات في المعجم العربي؛ حيث تبيَّن تنوع هذه البنية وثراؤها، وميلها أكثر إلى المجيء وفق وزن "أَفْعَل" سواء أكان للتفضيل أم لغيره؛ وسبب ذلك أن المُثَنّيات تأتي من باب التغليب غالبًا، كما أوضح وقوع ظواهر دلالية في ألفاظ المثنيات، كالترادف، والتضاد، والمشترك اللفظي، والتغير الدلالي، وكشف أيضًا عن مستويات الاستعمال اللغوي لألفاظ المثنيات في القرآن الكريم، والحديث النبوي، وأقوال السيدة عائشة -رضي الله عنها- والصحابة، والأمثال، والشعر، والمصاحبات اللفظية والتعبيرات السياقية؛ وأن ذلك يرجع إلى أهمية المثنيات في التعبير عن المعنى المقصود بإيجاز، وأن صُنّاع المعاجم العربية قد حرصوا على إبراز توظيف مستويات الاستعمال السابقة للمثنيات في مادة معاجمهم، وخلص إلى عدد من النتائج والتوصيات، منها: أن إطلاق المثنيات في اللغة لا يخضع لمعيار محدَّد، وإنما يحكم هذه الظاهرة السليقة اللغوية للمتكلم، وأن اللسان العربي لم يعتمد بنية صرفية بعينها في بناء ظاهرة المثنيات، وأن توظيف المثنيات قائم على التواصل بين المتكلمين في إطار مبادئ التداولية التي ترتكز على الوظيفة التواصلية للخطاب. وأوصى الباحثين في مجال الدراسات الأدبية والبلاغية بعمل دراسات حول المثنيات؛ بهدف الكشف عن الجوانب البلاغية والأدبية بها، كما أوصى مجمع اللغة العربية بالقاهرة بعمل معجم حصري لألفاظ المثنيات، مع بيان التغير الدلالي الحادث لبعضها.

اقرأ أيضًا| الضويني يفتتح جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ 55
  وتناول الفصل الثاني "سجعات الزمخشري في معجمه "أساس البلاغة": دراسة معجمية"، وهدف فيه المؤلف إلى الكشف عن تجربة توظيف السجع في المعاجم العربية، واختار منها معجم "أساس البلاغة" للزمخشري (ت538هـ)؛ لوضوحها فيه، مبينًا الدلالات السياقية التي أضفاها السجع على لغة معجمه، وكيف أسهم في إزاحة الرتابة والحدة عن لغة المعجم؛ لما له من أهمية قصوى في التحسين اللفظي للألفاظ، فضلًا عن سهولة حفظه، وكثرة دورانه على الألسنة، وقد بيَّن المؤلف بعض الإرهاصات التي سبقت الزمخشري في توظيف السجع في بنية المعاجم العربية، التي لم ترقَ إلى مستوى الظاهرة، ولكنها ظهرت بجلاء في "أساس البلاغة"، ولم يثبت أن الزمخشري قلَّد فيها أحدًا، أو أخذها عن سابق له، وعرض حجاجية السجع في التراث المعجمي، واعتماد الخطباء والبلغاء والحكماء عليه فنًّا من الفنون القولية، ثم توظيف الزمخشري للسجع؛ إثارة لعواطف المتلقي، وتحقيقًا للاتساق الصوتي في بنية الجملة المسجوعة، ثم أوضح المؤلف إلى أي مدى أثَّرت هذه التجربة في صناع المعاجم العربية الذين أعقبوا الزمخشري، خاصة مرتضى الزبيدي

(ت1205هـ) في معجمه "تاج العروس من جواهر القاموس"، ثم أبرز مظاهر التغير الدلالي في لغة السجع من تخصيص الدلالة وتعميمها ورقيها وانحطاطها ونقلها، وأردف ذلك ببيان الأثر المعجمي والدلالي لبعض المحسنات اللفظية التي برزت في "أساس البلاغة"، كالطباق والتضاد، والمقابلة، والجناس، والإطناب، والاقتباس. وخلص إلى عدد من النتائج، منها: استعارة بعض اللغويين اللاحقين من أسجاع الزمخشري في بناء مادته المعجمية كما فعل مرتضي الزبيدي في معجمه (تاج العروس من جواهر القاموس)، وبيان إلى أي مدى وظَّف الزمخشري السجع في معجمه "أساس البلاغة" وسيلة من وسائل التزيين اللفظي وإبانة المعنى، وأن توظيف السجع في الصناعة المعجمية يجعل المعاني أكثر علوقًا بالذهن، وأسهل دورانًا على الألسنة، ويكسر حدة الرتابة في العمل المعجمي، وأن السجع في "أساس البلاغة" كان سببًا في إثارة عواطف المتلقي بوصفه أحد عناصر الخطاب، خاصة اعتماده على الكثير من الأساليب الإنشائية، وبيان إلى أي مدى حقَّق السجع في "أساس البلاغة" اتساقًا صوتيًّا في سبك الألفاظ ورصفها؛ مما جعل الأذن ترتاح له، وتطرب له النفس، وإظهار دور السجع في معجم (أساس البلاغة) في تفسير المعنى المعجمي؛ حيث إن سبك الكلمة في سياق السجع أكسبها معنى جديدًا، وبنزع هذه الكلمة من سياقها فإنها تفقد الكثير من الملامح التمييزية المكتسبة، وتعود إلى سيرتها الأولى في الدلالة الأصلية.
  ثم تناول الفصل الثالث "كلام العامة في معجم (تاج العروس) ومآلاته الدلالية في المعجم العربي المعاصر: دراسة لغوية"؛ حيث سعى المؤلف فيه إلى دراسة الألفاظ الموسومة بالعامية في معجم "تاج العروس" لمرتضى الزبيدي (ت1205هـ)، وبيان موقف بعض المعاجم المعاصرة منها؛ وبيَّن المؤلف أن وصف اللفظ بالعامي لا يعني الابتذال أو الانحراف اللغوي، وإنما يعني في المقام الأول عدم تسجيل المعاجم القديمة له، وشيوعه على ألسنة العامة خاصة، وقام المؤلف باستقراء الألفاظ التي نص الزبيدي في معجمه "تاج العروس" على عاميتها، واختار المؤلف منها نماذجَ وصنَّفها إلى قسمين: أفعال، وأسماء ومشتقات، ووازن بينها وبين معجمي اللغة العربية المعاصرة والوسيط، وقدَّم مسوِّغات معجمية تصحِّح هذه الألفاظ، ورجع في ذلك كله إلى قرارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة؛ لالتماس ما يمكن الاستناد إليه في تسويغها، واستنطق أعمال لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع، والمعجم الكبير؛ للقياس على ما يمكن القياس عليه في التسويغ والقبول، واجتهد في تقديم أقيسة لغوية، وتخريجات منطقية تدفع شبهة العامية عن هذه الألفاظ، وبيَّن أنها ترتبط بالأصول الاستعمالية الصحيحة، واقترح نماذج من الاستعمال اللغوي المعاصر لما يمكن إجازته وقبوله من اللغة الحية المستعملة، وخلص إلى عدد من النتائج والتوصيات، منها: مدى إسهام قرارات المجمع –خاصة لجنة الألفاظ والأساليب- في إجازة العديد من الأفعال والمشتقات التي يُتوهَّم عاميتها، وبيان أثر التغير الدلالي في تسويغ العديد من الدلالات العامية، ومما أوصى به المؤلف: ضرورة إخضاع كلام العامة في حياتنا المعاصرة للدراسة العلمية المجردة، والعمل على إشاعة الألفاظ والأساليب التي تُتَوَهَّم عاميتها في لغة الكتابة الأدبية والصحافة... إلخ.


  ثم تناول الفصل الرابع "ظاهرة الاقتراض اللغوي: دراسة تحليلية لأعمال لجنة (الألفاظ والأساليب) بمجمع اللغة العربية بالقاهرة"؛ حيث سعى فيه المؤلف إلى بيان منهج لجنة الألفاظ والأساليب بمجمع اللغة العربية في التعامل مع الألفاظ والأساليب والتراكيب المقترضة من اللغات الأجنبية لفظًا أو دلالةً، وبيَّن أن هذا التعامل تلخص في أربع نقاط:1) ترشيح مكافئ عربي. 2) قبول اللفظ أو الأسلوب أو التركيب المقترض عن طريق التعريب. 3) قبول اللفظ أو الأسلوب أو التركيب المقترض، بوصفه من الدخيل. 4) الترجمة. وقد حاول الإجابة عن أسئلة بحثية منها: هل حققت المكافئات العربية للألفاظ والأساليب والتراكيب المقترضة التي رشحتها لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع قبولًا في الاستعمال والتداول؟ وهل استطاعت اللجنة ملء الثغرات المعجمية في المعجم العربي المعاصر عن طريق الاقتراض اللغوي؟ وهل وظَّفت اللجنة الترجمة في نطاق الضرورة التي نص المجمع عليها في قراراته المكمِّلة لقرار التعريب؟ وقدَّم المؤلف تأصيلًا لنشأة الاقتراض اللغوي، وأوضح المصطلحات التي نابت عنه في فترات سابقة، وهي: المُعَرَّب، والدخيل، وبيَّن أسباب الاقتراض اللغوي ودوافعه، ثم أعقب ذلك ببيان موقف مجمع اللغة العربية بالقاهرة من: التعريب والدخيل والاقتراض اللغوي، وحاول بيان: إلى أي مدى ناسب المكافئ العربي البيئة اللغوية العربية؟ وبيان سمات اللغة العربية التي اكتسبتها الألفاظ والأساليب والتراكيب عن طريق التعريب؟ وهل حسمت اللجنة الفصل بين المعرب والدخيل؟ وإلى أي مدى وجدت المكافئات العربية والمعربات والدخيل صداها من التسجيل والتدوين في معاجم المجمع اللغوية، خاصة المعجم الوسيط في طبعته المُحَدَّثة (2020)؟

اقرأ أيضًا| الضويني يفتتح جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ 55
  وأخيرًا تناول الفصل الخامس "أثر بعض قرارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة في تنمية الثروة اللغوية دراسة إحصائية تحليلية على حرف الصاد من المعجم الكبير"، وقد سعى فيه المؤلف إلى الكشف عن تطبيق بعض قرارات مجمع اللغة العربية (اسم الآلة -المصدر الصناعي- المصطلحات العلمية والفنية- ألفاظ الشؤون العامة وألفاظ الحضارة والاعتداد بالسماع من المحدثين) في المادة المعجمية للمعجم الكبير (حرف الصاد أنموذجًا)، وإلى أي مدى جاءت المادة المعجمية في المعجم الكبير ترجمة صادقة لهذه القرارات؟، وحاول المؤلف إظهار قدرة اللغة العربية وأبنيتها الاشتقاقية على استيعاب الثروة اللغوية المتنامية في العصر الحاضر، وبيان إلى أي مدى جاءت مادة المعجم الكبير- (من خلال تطبيق القرارات السابقة) - ملائمة لحاجات الحياة في عصرنا الحاضر؟، وكذلك بيان دور المعجم الكبير في تقليل الفجوة بين العامية والفصحى؛ أو بمعنى أدق: رفع الحرج عما يُظَنُّ عاميته؛ ومن ثم الكشف عن أهمية قرارات المجمع في تنمية الثروة اللغوية في بنية المعجم العربي المعاصر. وقد قام المؤلف باستقراء حرف الصاد، واستخرج الألفاظ والأساليب والتراكيب المحدثة التي جاءت صدى لتطبيق قرارات المجمع السالفة الذكر، وصنَّف أوزان اسم الآلة، وأوضح ما يمكن اقتراحه من قرارات في هذا الشأن، كما صنَّف المصطلحات العلمية والفنية وفق مجالات العلوم الواردة فيها، وبيَّن بعض القصور الذي شاب صوغ هذه المصطلحات كالتكرار، والإفراط في المصطلحات المتخصصة في مجالها، والإفراط في مادة شرحها... إلخ، كما صنَّف الألفاظ المحدثة التي جاءت وفق قرارات تسجيل كلمات الشؤون العامة، والسماع من المحدثين، إلى حقول دلالية، وأوضح ما فات المعجم الكبير من صيغ خاصة باسم الآلة، والمصدر الصناعي، والمصطلحات العلمية والفنية، وألفاظ الحضارة، وكلمات الشؤون العامة وألفاظ الحضارة في حرف الصاد من المعجم الكبير. وقد خلص المؤلف إلى عدد من النتائج، منها: ضرورة إصدار قرارات مجمعية جديدة، من شأنها توسيع قاعدة الوضع اللغوي في معاجم المجمع، وعدم الإفراط في إيراد المصطلحات العلمية الموغلة في تخصص بعينه في معاجم المجمع اللغوي، وترك ذلك للمعجم المختص بهذا العلم... إلخ.
ومن الجدير بالذكر أن المؤلف قد سبق أن نُشِرَ له: "المواد والمداخل في المعجم اللغوي التاريخي" (عالم الكتب، 2014م)، و"قوِّم لسانك- قل ولا تقل" (عالم الكتب، 2019م)، وجهود مجمع اللغة العربية بالقاهرة في التصويب اللغوي: النحو والصرف (عالم الكتب، 2020م)، وجهود مجمع اللغة العربية بالقاهرة في التصويب اللغوي: المعجم والدلالة (عالم الكتب، 2020م، وقل ولا حرج- دفع ما يُتَوَهَّم خطؤُه (عالم الكتب، 2022م)، ومحاورات في اللغة والفكر والأدب مع نخبة من علماء العربية (عالم الكتب، 2022م).
كما شارك المؤلف في تحرير مواد المعاجم الآتية: الصواب اللغوي- اللغة العربية المعاصرة- المعجم الكبير- المعجم الوسيط (تحديث)- المعجم التاريخي للغة العربية، كما شارك في تأليف "موسوعة نحو الجملة والخطاب" (12جزءًا)، و"مقررات اللغة العربية لإحدى الدول العربية للمراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية"، وهو محكَّم في العديد من المجلات العلمية.