ظلال

قصب السكر..وتطوير الصناعات الزراعية

د. حسن أبو طالب
د. حسن أبو طالب

تولي الدولة اهتمامًا كبيرًا بتطوير وتحديث المصانع المنتجة للسلع الاستراتيجية، وكذلك زيادة المساحات المزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية، والتي تستخدم ضمن مدخلات إنتاج هذه السلع خاصة السكر، المستخرج من القصب والبنجر. وقد بدأ موسم حصاد قصب السكر منذ بداية شهر يناير 2024، بينما ينطلق حصاد بنجر السكر خلال فبراير، ويتم نقل المحصول من أراضي المزارعين، إلى مصانع انتاج السكر وفقا لجداول محددة مسبقا، لتنظيم عمليات الاستلام.

 

وفي هذا الموسم الزراعي يتجلى الأمل والتفاؤل في المستقبل المزدهر لقطاع زراعة وصناعة السكر. وحريٌ ألا يقتصر النظر إلى قصب السكر على أنهمصدرأساسي لإنتاج السكر فقط، بلمن الضروري أن يمتد للاستفادة الكاملة من هذه الثروة الزراعية ومخلفاتها بطرق مبتكرة ومستدامة.

تشكل مخلفات قصب السكر ثروة غير مستغلة يمكن استثمارها بشكل فعّال. يدخل تفل قصب السكر والأوراق الجافة في إنتاج السماد العضوي، حيث يحتوي على عناصر غذائية تعزز نمو النباتات. كما أن رواسب قصب السكر، الناتجة عن عملية تصفية عصير القصب، يمكن تحويلها إلى سماد عضوي مفيد لتحسين التربة وزيادة إنتاج المحاصيل. أما دبس قصب السكر، فالاستفادة منه تكمن في تحويله إلى سماد عضوي سائل، مع مراعاة التصرف البيئي السليم لمنع تأثيره السلبي، وهو يحتوي على مواد غذائية قيمة تسهم في تغذية النباتات وتحسين جودة التربة. ويشكل استخدام هذه المخلفات بشكل فعال خطوة مهمة نحو تعزيز التنمية المستدامة والحفاظ على البيئةTop of Form

ولمخلفات قصب السكر إمكانيات أخرى،حيث يمكن تحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة، فعلى سبيل المثال تدخل الألياففي إنتاج الورق، والورق المقوى، مما يسهم في دعم صناعة التعبئة والتغليف بمواد صديقة للبيئة. وتعد مخلفات قصب السكر مصدرًا لإنتاج الطاقة البيئية،حيث يتم تحويل المخلفات إلى وقود حيوي، مما يخفض التبعات البيئية ويدعم مشروعات الطاقة المتجددة. وربما من المناسب الآن أن تبذل الجهات المعنية ما يكفي من جهد لتوفير الدعم للصناعات المتعلقة بقصب السكر، بما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي، حيث يُفترض أن يكون لديها تأثير إيجابي على سوق العمل وتعزيز التنمية المستدامة.

وبشيء من الموضوعية، نجد أن الاستفادة من مخلفات قصب السكر لن تتحقق من دون التوعية والتثقيف. فيجب على المزارعين والمصنعين على حدٍ سواء أن يكونوا على دراية بالتقنيات الحديثة والأساليب المستدامة لاستغلال هذه الموارد بشكل فعال. وربما لا يتأتى ذلك من دون ابتكار حملات إعلانية تثقيفية تبرز القيمة التي يمكن أن تتحقق من المخلفات الزراعية لا سيما قصب السكر، فضلا عن تحقيق الاستفادة من التقدم الذي أحرزته دول رائدة في هذا المجال مثل الهند، عبر ابتعاث المتخصصين لدينا لدراسة التجربة الهندية وتطبيق أفضل ما يناسبنا منها على الحالة المصرية.

في ظل استمرار تحديات البيئة والاقتصاد، يتعين علينا استغلال كل فرصة لتعزيز الاستدامة وتطوير الصناعات الزراعية. موسم حصاد قصب السكر يضع أمامنا فرصة ذهبية لاستكشاف وتنمية مصادر الطاقة المتجددة وصناعات الورق الصديقة للبيئة، مع الحرص على تعزيز التوعية والابتكار في هذا السياق.