سر عربة البرتقال التي زلزلت كيان المحتل البريطاني بالإسماعيلية.. 19 يناير

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: فتحي البيومي

إن المتابع لأحداث وبطولات أبناء الإسماعيلية يجد شهر يناير أوفر شهور السنة حظى في عدد الأحداث التى ذكرها التاريخ وسجلها عبر صفحاته بكل فخر وتقدير، فبعد تفجير أهالي التل الكبير للقطار الإنجليزي في الحادى عشر من يناير وموقعة التل الكبير في الثاني والثالث عشر من يناير، تأتى عملية عربة البرتقال الشهيرة على كوبري سالا بشارع محمد علي، يليها معركة الشرطة الشهيرة في الخامس والعشرين من نفس الشهر.

◄ عربة البرتقال
وعن عملية عربة البرتقال يقول أحد الباحثين المؤرخين، تعد هذه العملية من أشهر العمليات التاريخية التي نفذها الفدائيون من أبناء محافظة الإسماعيلية ضد القوات البريطانية، حيث أقامت القوات البريطانية إحدى نقاطهم الحصينة عند كوبري سالا بشارع محمد على، وقد استخدمت عربة برتقال بداخلها متفجرات لتفجير هذه النقطة الحصينة، واستمرارا  لأعمال الفدائيين ضد قوات المحتل البريطانى كان استهداف هذه النقطة من أهم أولوياتهم، مستخدمين فيها عربة برتقال متنكرين في هيئة بائعين متجولين  .

◄ تفاصيل عملية البرتقال
وعن تفاصيل العملية يقول أحد الباحثين المؤرخين بعد رصد الفدائيين من أبناء الإسماعيلية للنقطة البريطانية الحصينة، عند كوبري سالا وفي تمام  الساعة العاشرة صباح يوم 19 يناير 1952 تقدم اثنان من الفدائيين "عبد المنعم عبد ربه وسلام حافظ وشهرته سامبو وبلاك تايجر" متخفيين في ثياب الباعة ويدفعون أمامهم عربة محملة بالبرتقال، وفي الجزء الأسفل من العربة شحنة ناسفة تم تكوينها ثم تجهيزها والقيام بلحامها بورشة لحام "عباس محمد" بجوار السبع بنات بشارع محمد على، وكان يؤمنهم أثناء القيام بالعملية عدد آخر من الفدائيين من الجهة الأخرى، منهم "فتحي صديق و شرام"، واستمر الفدائيان يتقدمان وهم يناديان علي البرتقال حتى وصلا إلى كوبري سالا، وتدافع الجنود الإنجليز للحصول على البرتقال، وافتعل الفدائيان مشاجرة مع الجنود الإنجليز وتركوا المكان إلى إتجاه شارع سالا بدعوى احضار البوليس المصري.

◄ اقرأ أيضًا | العمل تسلّم إعانات اجتماعية وصحية لـ «عمالة غير منتظمة» بالإسماعيلية ‎

وما أن غادرا المنطقة ووصلا "الريزدانس" حتى انفجرت العبوة وقتل 15 وجُرح 24 من جنود النقطة الحصينة الإنجليزية المرابطة عند كوبري سالا، وبدأ إطلاق النار دون وعي في جميع الاتجاهات، وقامت مجموعة من الفدائيين والتي كانت متواجدة على الجانب الآخر بالتغطية وتأمين انسحاب الفدائيين الذين قاموا بالعملية ونتيجة للرصاص المنهمر من النقطة الحصينة لقت راهبة أمريكية الجنسية تدعي "انتوني تيمبرز" وكانت تبلغ من العمر سبعين عامًا مصرعها في الحال برصاصة بريطانية، وكان لمصرعها دوي هائل في الأوساط الامريكية والبريطانية التي حاولت إلقاء مسئولية قتل الراهبة على الجانب المصري ووصفته بعدم التحضر وقتل النساء، وإن الفدائيين يهاجمون الأجانب، وقد قام السفير الأمريكي جيفرسون كافري بتقديم احتجاج إلى وزير الخارجية المصري، إلا أن الدكتور محمد صلاح الدين وزير الخارجية رفض الاحتجاج داعيا السفير الأمريكي إلى الانتظار حتى تظهر نتيجة التحقيق في الحادث، وقد وصل للإسماعيلية يوم 22 يناير 1952 السفير الأمريكي وقابل محافظ القتال للإطلاع على نتائج التحقيقات.

ويضيف أحد الباحثين المؤرخين قد استغلت القيادة البريطانية هذا الحادث واحتلت دير الراهبات بالدبابات في شارع عرابي، وقد بذل البوليس المصري جهودًا جبارة في تحقيق مصرع الراهبة ونسب الجرم لمن قام به، وقد ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية يوم 23 يناير سنة 1952 على لسان المتحدث "ميتشيل مكدرموث" أنها لا تزال تتلقى تقارير متناقضة وليست أنباء قاطعة تؤكد كيف واجهت الراهبة مصرعها، وقد أكدت رئيسة الدير في ذلك الوقت "إيفون موران " عن رأيها فى اتهامات الإنجليز للفدائيين بقتل الراهبة رافضة تلك الاتهامات رفضا قاطعا.