الكشف عن جريمة قتل فى مصحة لعلاج الإدمان

المجنى عليه
المجنى عليه

بورسعيد- أيمن‭ ‬عبد‭ ‬الهادي

ربما لا تحدث هذه التفاصيل الخطيرة إلا في الأفلام ولا يمكن أن يتصورها أو يتخيلها عقل، وكيف تدرك العقول أن هناك فيللا يديرها مدمنون متعافون يقومون بعلاج المدمنين بالتعذيب وتنتهي قصتهم بوفاة شاب في العقد الثالث من العمر.

 في السطور التالية نروي التفاصيل المثيرة كاملة.

"انا ارسلته يتعالج ..  يرجعلي جثة"؟! ..  بهذه الكلمات ووسط حالة انهيار شديدة صرخت أم الشاب محمد خالد المتوفي داخل مركز لعلاج الإدمان بـ محافظة الإسماعيلية خلال لقاءها بـ «أخبار الحوادث»، مؤكدة أنها لن تترك حقه وسوف تستكمل الإجراءات القانونية.

وكشفت أم محمد خالد المتوفي داخل مركز للعلاج من الإدمان بالإسماعيلية؛ أنها عقب وفاة نجلها كشفت لها الأجهزة الأمنية وجهات التحقيق أن المركز غير مرخص أو تابع لأي جهة معنية، وأن من يديرونه أشخاص متعافين من الإدمان بالمخالفة للقانون، وتمكنت جهات التحقيق من ضبط 2 منهم وجاري البحث عن آخرين ومالك الفيللا.

روت أم محمد خالد؛ أن نجلها كان يعاني من حالة نفسية نتيجة طلاقه من زوجته ولديه طفل يعمل على تربيته، وكانت تتمنى أن يفيق مما هو فيه من أجل أن يربي صغيره، وعلمت أن هناك مركزًا يعالج من الإدمان، فتواصلت معهم وجاءوا ذات يوم إلي بورسعيد حتى يصطحبونه لمحافظة الإسماعيلية، وعندما قيدوه ووضعوا قطنا في فمه اعترضت الأم وأبلغتهم أنه مريض وأجرى جراحات سابقة.

وأشارت إلى أنها كانت ترسل لهم عبر تطبيق المحافظ الإلكترونية 6 آلاف جنيها شهريا، وكانت تظن أنهم أطباء ومختصين يعالجون نجلها، وفوجئت باتصال يبلغها أن نجلها لا يستطيع التنفس، وبعدها بقليل اتصال آخر أنه قد توفى.

 هرعت الأم إلى محافظة الإسماعيلية، وحاول المعالجون الاتصال بها لتكفين نجلها وتوصيله لها على الطريق، إلا أنها وشقيقتها رفضتا ذلك.

وصلت أم الشاب وشقيقاته إلى المركز ونما إلي علمهن أن العاملين بهذه الفيللا نقلوا نجلهم لأحد المديرين، في محاولة للتخلص من جريمتهم، لكنه رفض أن يتسلمه أو يكفنه أو يبلغ أي جهة بذلك، ودخلت إحدى شقيقاته فوجدت إصابات وتغيرات كبيرة في جسد نجلهم المتوفى، وتمسكت الأسرة بأن يتم تحرير محضر والعرض على جهات التحقيق.

وتكشف الأم أن الطب الشرعي ناظر جسد نجلها المتوفى قبل أن يتم التصريح بالدفن، وأكد لهم أن هناك كسر بالقصبة الهوائية ونزيف بالمخ وتكسير بالمفاصل وتيبس في اليد وإصابات متفرقة بالجسد، وأشارت إلى أنها تثق أن جهات التحقيق سوف تقتص لحق نجلها، مؤكدة على ثقتها في القضاء.

وطالبت أم الشاب محمد خالد المتوفى داخل مركز علاج الإدمان بالإسماعيلية، أن مطالبتها ليس فقط بحق نجلها، وإنما مطالبتها بعقاب هولاء الأشخاص المدمنين الذين أقاموا مركزا غير مرخص، وانتحلوا صفة أطباء، وعذبوا وضربوا ابنها حتى الموت، كما عذبوا الكثير من الشباب.

مفاجآت

والتقت «أخبار الحوادث» بثلاثة من الشباب الذين كانوا يعالجون من الإدمان داخل هذا المركز غير الآدمي والذين تعرضوا للضرب والتعذيب والتقييد علي يد أشخاص متعافين من المخدرات بدعوى العلاج، والذين شهدوا على الوقائع والأحداث التي تسببت في وفاة زميلهم محمد خالد بعد تعرضه للضرب الشديد.

حيث أوضح أحمد من أبناء مدينة بورفؤاد، والمعافى مؤخرا من الإدمان بنفس المركز غير المرخص، الذي تسبب العاملون به في وفاة زميله ببورسعيد، وكشف عن تفاصيل خطيرة تحدث داخل المركز ومن العاملين به، مؤكدا أنه شهد بذلك أمام البحث الجنائي وجهات التحقيق.

وأوضح الشاب أن أسرهم أرسلوهم إلى المركز، من أجل العلاج من الإدمان، مقابل 6 آلاف جنيه شهريا، وقد ذهب في شهر أكتوبر الماضي للعلاج، وكان يظن أن المعالجين أطباء، وما أن وصل إلى هناك حتى انقطع اتصاله بأسرته، وكانت معاملة المعالجين سيئة، وصلت إلى أنه كان يتم ربطه من يديه وقدميه، ووقوفه على قدم واحدة لمدة 5 ساعات، والتعليق في السرير المكون من دورين، وغيرها من الأساليب التي لا تحترم آدمية الأشخاص.

وكشف عن أنه حضر وصول محمد خالد المتوفي يوم الجمعة الماضية، وكان معه في أحد غرف العقاب، كما يطلق عليها المعالجون، وعندما وصل كان رافضا للأكل والشرب، نتيجة العلاجات التي يتم أعطائها له، وكان كذلك لا يستطيع النوم، ويروي الشاب أن 4 أشخاص تبين أنهم مدمنون وليسوا أطباء ضربوا المتوفي أمامه بصورة مفزعة، ووضع أحدهم قدمه علي صدره، وضربه آخر بسلك الشاحن الكهربائي، وكان يسمع صوت صراخه وتكسير عظامه، حتي وصل لحالة عصبية ينادي خلالها على أشخاص ليسوا بالمكان، وأكد أن ذلك كله تسبب في موته نتيجة تعذيب شديد.

وأشار إلى أن وفاة محمد خالد بن بورسعيد كان شرارة لأن ينكشف أمر هذه العصابة علي حد وصفه، مؤكدا أن الفيلا تبين لجهات التحقيق أنها غير مرخصة، وأن العاملين بها مدمنون متعافون من الإدمان، تم ضبط 2 منهم وحبسهم على ذمة القضية، وجاري البحث عن 2 هاربين ومالك الفيلا، وأشار إلى أنهم وأسرهم تعرضوا للنصب من هؤلاء الأشخاص، وأوهومهم بأنه مركز علاج وأنهم أطباء، وتبين أنهم مدمنون متعافون، والمركز ليس مرخصا، كما أنه وزملاءه تعرضوا للتعذيب الشديد ومات أحدهم، وعلق: أنا شهدت أمام الشرطة وجهات التحقيق ومش هسيب حق محمد ولا حقي ولا حق كل ضحايا المجرمين دول.

وكشف أحمد أنه ذهب إلي المركز منذ 5 أشهر وكان هناك أكثر من 80 شخصا بين عاملين ومدمنين يحصلون علي العلاج، وتم منعه من التواصل مع أسرته ومنعه من الهاتف المحمول، كما تعرض لضرب شديد واهانات لم يشهدها من قبل، حتى أنه كان يقيد من الخلف ويؤمر بتنظيف بلاط الفيلا، ورأى بعينه محمد خالد المتوفى وهو يمنع عنه الأكل والشرب ويقيد ويتم ضربه بشكل وحشي، حتي أنه توفى من الضرب والتعذيب، مؤكدا أن أمه دفعت لهولاء الأشخاص 60 ألف جنيها لعلاجه، وروي محمد أحد الاشخاص كذلك الذين كانوا يحصلون علي العلاج بهذا المركز أنه حاول أن يروي عطش محمد المتوفى بقطرة مياه إلا أن المعالجين رفضوا، وقال: أنا شفت العذاب أشكال والوان داخل هذا المركز.

وكشف مُغسل الشاب المتوفى عن كواليس خطيرة خلال تغسيل الجثمان، حيث أكد أنه كان مشوها بشكل كامل وكانت به آثار للتعذيب في كل مكان، ولم يكن هناك جزءًا سليما، وأوضح أن يديه كانتا متيبستان من التقييد، وأشار أن ما حدث مع هذا الشاب جريمة وناقوس خطر لهذه المراكز التي تحصل علي آلاف الجنيهات وتوهم الأهالي بأنهم أطباء ومعالجين وهم مجرمين ومدمنين.

وكانت الأجهزة الأمنية بـ محافظة الإسماعيلية قد القت القبض علي المتهمين في هذه الواقعة والمتسببين في وفاة الشاب، وأمرت جهات التحقيق بحبسهم علي ذمة القضية، وتشميع المركز الوهمي، ومن المنتظر احالتهم للجنايات. 

إقرأ أيضاً : ضبط ٨ مراكز خاصة لعلاج الإدمان بالعاشر من رمضان.. تدار بدون ترخيص 


 

;