حروف ثائرة

‏غزة.. والفرص الثمينة!

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

«‏أفلح إن صدق» ، هكذا يمكننا وصف تصريحات وزير الخارجية الأمريكى بلنكن خلال زيارته الأخيرة للشرق الأوسط ، والتى حملت تعاطفا ولو ظاهريا لم نعهده من أمريكا مع ضحايا الإجرام والنازية الإسرائيلية بغزة، ودعوته لقادة المنطقة بالضغط لإنهاء العدوان، تغير غريب بالموقف الأمريكى المنحاز دائما لجرائم الكيان الصهيونى ويضعها بنفس المرتبة القذرة الوضيعة مع النازيين الجدد بتل أبيب ، وهناك تسريبات لقادة الجيش الإسرائيلى ووزير دفاعه قدرها الكثيرون أنها تراجع ومؤشر لإنهاء الحرب فى غزة ، بجانب تغير بمواقف دول مناصرة للكيان الصهيونى ، يمكننا القول إن هذا العام هو عام الفرص الثمينة لتعويض غزة وأهلها معاناة غير مسبوقة فى التاريخ الإنسانى


هذا التغير الأنجلوصهيونى ليس انحيازا للحق ولا صحوة ضمير ،لكن له أسباب أولها أن العام الحالى عام انتخابات الرئاسة الأمريكية ويسعى الديموقراطيون للبعد بحزبهم عن مرمى نيران تأججت فى صدور كثير من الأمريكيين تجاه الفجر الإسرائيلى والعهر الأمريكى بحرب غزة ، كما أنه عام الحساب الداخلى فى تل أبيب ورعب شعبى من الحرب وغضب عارم تجاه مجرم الحرب النازى نتنياهو.
وأولى الفرص الثمينة لهذا العام أن وقف الحرب وبهذا الشكل الذى يعد هزيمة للكيان الصهيونى رغم كل ما ارتكب من قتل وتدمير وإبادة بغزة ، لكنه يبقى بالنهاية كسرا لغروره وفرصة لدفع إسرائيل دفعا إلى طاولة المفاوضات وبزوغ نواة لميلاد دولة فلسطينية نحلم بها منذ أضاع الفلسطينيون والعرب الفرصة الثمينة التى وفرها لهم الزعيم الشهيد أنور السادات ، ولا نستطيع إبعاد الداخل الفلسطينى عن تلك الفرص الثمينة فقد أن الأوان لأنهاء الخلاف والتناحر الفلسطيني-الفلسطينى ويستجيب عقلاء فلسطين من كافة الأطياف والتيارات للمحاولات المصرية المتكررة والمستمرة منذ سنوات لإنهاء هذا الخلاف ويعلى الجميع مصلحة فلسطين وشعبها وينحو جانبا المصالح الشخصية والتحزبات والمصالح الإقليمية.


نأتى للموقف الدولى ،فالخميس القادم فرصة أمام المجتمع الدولى وكل القوى والهيئات الدولية لغسل عار خذلانهم القضية الفلسطينية ومواقفهم اللا إنسانية البشعة مما يحدث فى غزة ، فالخميس القادم الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية للنظر فى محاكمة قادة إسرائيل بارتكاب حرب إبادة بغزة ، فإما أن يظل العالم خاصة الدول الغربية فى غيها وانحيازها الأعمى للكيان الصهيونى الغاشم فتضغط بكل الطرق السياسية والاقتصادية على المحكمة حتى لا تطبق قوانينها ولا تحقق عدلها تجاه مجرمى حرب لا مثيل لهم فى التاريخ ، وإما أن يقف العالم ولو مرة فى تاريخه وقفة محايدة ، لا نريد أن يناصر الحق إنما فقط موقف الحياد ويدع المحكمة الدولية تأخذ مجراها ، ستحقق المحكمة وتقدم إسرائيل أدلة كذبها المفضوح ومبررات إجرامها ، وهو ما فشلت فى إثباته على كافة المستويات، ويقدم المدعون الأدلة الدامغة على إجرام لا يمكن إنكاره إلا من أعمى البصر والبصيرة.


وأخيرا هو عام الموقف العربى ، وهنا يأسرنا الموقف المصرى الذى يتحرك بذكاء وفطنة سياسية كبيرة تثبت الحق الفلسطينى وتوقف المخطط الدولى وتضع نهاية حقيقية قوية لمعاناة الأشقاء . بقى فقط أن نشير إلى أنه ثبت للجميع أنه لا أحد يستطيع أن يفرض على مصر ما لا تريد او ترغب فى تنفيذه ولا أحد ينجح فى تشويه الموقف المصرى بإدعاءات كاذبة.