الأديبة العراقية المهمومة بقضية المغتربين: الأدب يوثق حياة الناس

ميسلون فاخر
ميسلون فاخر

عندما رأت الأديبة العراقية «ميسلون فاخر» حالة الانتزاع القسرى لصغار المهاجرين، وما حدث للأطفال المنتزعين من عوائلهم العراقية، لم تستطع تجاوز الموقف، وسرعان ما وجدت نفسها فى حالة من الحزن القاتل لم تبرأ منها بسهولة ، كانت الكتابة عن تلك الحالة الإنسانية، التى كانت مؤلمة ومدمرة لأى شخص يحمل أدنى مشاعر إنسانية، تصفية حساب مع الآخر الذى كان بالنسبة إليها، وإلى أغلب المهاجرين مثل تمثال شمع غير قابل لتبادل المشاعر ، فقررت «ميسلون» أن تكتب روايتها «زهرة».

وتقول الأديبة العراقية: يتداخل فى الرواية زمنان متباعدان، وجغرافيا سردية تمتد من الشرق العربى لتنتهى فى «إسكندنافيا» التى ظهرت بها علامات الانتباذ لبطلة الرواية، ومع تجليّات إدراكها الطفولى، تتنازعها شخصيتان: سويدية، وعراقية، ومن هنا تحفل الرواية بالمشاهد التى أسّستْ للمأساة.

اقرأ أيضاً| وزيرا الإسكان والتجارة والصناعة| تنظيم المناطق الصناعية وحصر الأراضى للمشروعات الخدمية

وما يجسّد معاناة الإنسان المهاجر فى سعيهِ نحو الحرية والأمان والكرامة. هذا التشويق هو خط الطريق الذى تسير عليه الحكاية من خلال استعارات، ومشاهد، وتكثيف للأثر النفسى، فهى تشبه حالة رمى عملات ذهبية فى الطريق لتجلب المتلقى، حيث المفاجأة والصراع بين الخير والشر.

وفى السطور التالية نتحدث مع «ميسلون» عن تجربتها مع هذه الرواية الصادرة عن دار سطور للنشر فنسألها:

هل الرواية تتناول موضوع العنصرية والبحث عن الهوية لدى المهاجر؟

هى فكرة مبنية على العلاقة المتوترة بين القادم والآخر ،فى سياق البحث عن العوالم التى تزخر بين كتابة المنفى، وصراع الهوية، أو بين المنفى، واللجوء، إذ يعدّ الأخير نتاجاً أو صورة من فيلم الشّتات، كونه يستيقظ على الفعل القسرى، فاللجوء والارتحال عن الوطن، يعنى فقدان الهويّة، فى حين أن المنفى يبدو أكثر متسعًا من ناحية الحيز المكانى، كونه شعورًا وجدانيًا بحتا، والمشتت يبقى يعانى نفسيا ووجدانيا، والمنفى كما تعرفه موسوعة «كولومبيا» هو فعل الارتحال، أو الانتقال من الوطن، كما فى الإبعاد الذى كان يجرى فى الإمبراطورية الرومانية قديماً، فى حين كان ينفى المجرمون أو الحمقى من أوروبا فى القرن السادس عشر عبر وضعهم فى سفن تتوجه إلى جزر بعيدة، أو قارات مكتشفة حديثا كأستراليا، والأمريكيتين للتخلص منهم. هذا الفعل من الانتقال الخاص بالبشر أو الناس، ودفعهم إلى العيش خارج وطنهم الأصلى هو التعريف المبسط للمنفى ، ولعل البحث بين صورة المنفى، والشتات ليشمل تجربة المقارنة بينهما فى العصر الحديث، فالمنفى يمكن أن يوصف بأنه مكان ننتقل إليه كرهًا، أما الشتات فهو يتعلق بمجموعات عرقية، أو أمة لها ذاكرة مشتركة تسعى إلى أحلام، وآفاق خاصة بها، وتلك الجماعات التى تسعى جاهدة بكل الوسائل لتحقيق التواصل المعنوى، والنفسى الافتراضى والواقعى مع الوطن.

تحدثت عن قضايا اجتماعية مثل أزمة التبنى، كيف جاء اختيارك لتلك القضايا؟

- التبنى، وفكرة الانتزاع القسرى للأطفال من ذويهم «البيولوجيين»، وعرضهم لعوائل بديلة ، الانتماء الى «جينومك» هى فكرة تشى بنفسها مع التغريب الذى يتعرض له الطفل الممنوح للعائلات البديلة بعيداً عن حضنه الأصيل، قد سادت بالفترة الأخيرة فى دول الشمال الاوروبى بحجة أن عوائلهم غير جاهزة اجتماعيا، وانسانيا لأن تكون قادرة على تربية الأطفال، وهى فكرة غريبة منافية لكل الأخلاقيات.

هل رواياتك محاولة توثيق الحياة اليومية لمواطن عراقى؟

الأدب عموما له دور توثيقى فى حياة الناس، وما بالك ان كانت هذه الحياة عبارة عن ارتحال، ولجوء، وأوطان بديلة ، وما أكتبه نافذة صغيرة نطل من خلالها على عالم ملىء بالتساؤلات، وقلق الارتحال، الكتابة فعل تأملى، ومحاولات، لأننا جميعًا فى ورطة البحث عن الذات ضمن إطار وجودى فلسفى، الكتابة تحديق مستمر غير مقصود به نكاية بأولئك الذين ترسمهم كشخصيات، ولكن هى تعبير عن الأفكار والمشاعر الداخلية لكل هؤلاء، هو تواصل للبحث عن تجارب تنقصنا.