في بريطانيا.. إعلانات النصب استمرت لسنوات وسعر الوجبة ٣٠ جنيه إسترليني

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

دينا‭ ‬جلال‭ ‬

 قصص خادعة وسلسلة من عمليات الاحتيال التي تتستر وراء الاعمال الخيرية وجمع التبرعات وشعارات متنوعة تدعي مساعدة الآخرين والوقوف إلى جانب المحتاجين ولكن فى حقيقة الامر ما أن يتم جمع المال حتى تبدأ سلسلة من النفقات فى اغراض واعمال ترفيهية أبعد ما تكون عن عمل الخير والإنسانية ومساعدة الآخرين.

فضيحة مدوية شهدتها بريطانيا؛ لتُسقط القناع عن اشهر مؤسسة خيرية لجمع التبرعات وتقديم المساعدات للأطفال على مدار عشر سنوات كاملة، استمرت عمليات الاحتيال بلا قلب، ارتكبها محتالون ادعوا انهم يجمعون اكبر قدر ممكن من الاموال من اجل إسعاد الاطفال وتوفير احتياجاتهم اللازمة، أدى الدور بجدارة سبعة مجرمين ادعوا انهم يوفرون وقتهم وأموالهم من اجل اعمال الخير أما في الحقيقة فهم يجمعون المال من اجل إنفاقه في العطلات الفاخرة والسيارات الفارهة.

إعلانات خيرية

«اطفال في احتياج».. 30 جنيها إسترلينيا فقط يمكن أن تساعد في دفع ثمن مواد غذائية لأطفال يموتون بسبب الفقر، يمكنك التبرع ايضا بمبلغ 20 جنيها إسترلينيا فقط لمستشفى اطفال من اجل بناء أجنحة ومرافق جديدة للأطفال المصابين بأمراض خطيرة.. بهذه الكلمات تصدر الاعلان موقع المؤسسة الخيرية ومنها انتشر إلى انحاء عديدة؛ حيث وصلت حملات الجمعية الخيرية إلى المحلات التجارية الكبرى ووضعوا لافتات لحث الجميع على دفع المال لأعمال الخير، وظلت اعلاناتهم مستمرة بين عامي 2011 و2021، شاركوا في حملاتهم مرتدين ملابس تحمل شعارًا موحدًا ولافتات في جميع أنحاء انجلترا واسكتلندا بين عامي 2011 و2021.

استمعت محكمة بريستون كراون للمزيد من التفاصيل؛ حيث زعمت عصابة الجمعية الخيرية البريطانية جمعهم الأموال ضمن نشاطها الخيري، ولكن تم تسليم نسبة صغيرة جدا من اموال التبرعات، واستولت العصابة على الاموال الباقية، قاد ديفيد ليفي، 49 عامًا، عصابة المحتالين، نفى في البداية التهم الموجهة اليه، وادعى أنه كان يدير مشروعه الانساني لجمع التبرعات إلا أنه ينفق من إعانات العجز والميراث من والده لتدبير أموره، وأنشأ الجمعية عبر الإنترنت، واستخدموا عناوين البريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونية التي تم إعدادها لتبدو وكأنها جمعيات خيرية مشروعة.

رحلات وسيارات

استمرت التحقيقات وحاصرت التهم المتهم ليفي؛ لتؤكد أنه أنفق اموال التبرعات لاحقًا على عدد من الهدايا الفاخرة، بما في ذلك الإقامة لمدة 28 ليلة بقيمة 12 الف جنيه إسترليني في فيلا في أستراليا، وبدأ رحلته الترفيهية بالحجز في درجة الأعمال للطيران إلى أستراليا، وأنفق عشرة آلاف جنيه إسترليني في رحلات جوية مع شركات طيران فارهة، وآلاف جنيهات إسترليني أخرى لاستيراد سيارات مميزة من الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث استورد سيارة دودج تشارجر تابعة للشرطة من الولايات المتحدة الأمريكية وعدلها لتصبح صالحة للسير على الطريق في بريطانيا، كما كشفت التحقيقات امتلاكه سيارة هامر وجهاز محاكاة للطيران، وطلبت المحكمة حساب الاموال التي أنفقها ليؤكد في البداية انه ورث 100 ألف جنيه إسترليني من والده.

جاء في كلمة المدعي العام ريتشارد أتكينز: «في جوهر الأمر، كان المتهمون يجمعون الأموال من الجمهور تحت ستار أن الأموال التي تم جمعها ستسلم كلها إلى الجمعيات الخيرية ولكن الحقيقة أن جزءًا صغيرًا فقط من الأموال التي سلمها المتبرعون وصلت إلى الجمعيات الخيرية وقد استولى المتهمون على الجزء الأكبر من الأموال» وحددت المحكمة هوية المتهمين المشاركين في عمليات الاحتيال والنصب على مدار 10 سنوات ومنهم، هوارد كولينز، 73 عاما، الذي تولى العديد من الحملات الانسانية وقدم عددا من الأشخاص المتبرعين إلى مستشفى الاطفال، وكذلك المتهم مارتن إيبانكس، 59 عاما، وروبرت روي فيرجسون، 63 عاما، وستيفن تشيسترمان، 63 عاما، والمتهمة كايشا،31 عاما، بتهمة التآمر والاحتيال.

إعادة الاموال

الغريب في الامر أن الشرطة ألقت القبض على المتهم أو العقل المدبر ليفي في عام 2017 واستجوب حول مشاركته في المؤسسة الخيرية، ولكن في اليوم التالي اطلقت الشرطة سراحه بكفالة بسبب وساطة شخص آخر ومنذ فترة القت الشرطة القبض عليه مرة أخرى؛ حين تلقت بلاغا بمشاهدته وهو يدخل المتاجر ويستغل حساب البنك الذي يتلقى عليه التبرعات لشراء مستلزمات خاصة بمنزله.

اعترف ليفي اخيرا بكونه مذنب في جرائم الاحتيال المحتاجين، والاحتيال فيما يتعلق بمؤامرات جمعية الأطفال، واعترف باقى المتهمين بالحصول على آلاف الجنيهات وطلب الادعاء استعادة اموال التبرعات على سبيل التعويض؛ لتطبيق قانون عائدات الجريمة ووافق المتهمون على سداد آلاف الجنيهات من اجل تخفيف الحكم عليهم، وبالفعل مثل المتهمون امام المحكمة منذ ايام قليلة؛ حيث تلقى المتهم ديفيد ليفي عقوبة السجن خمس سنوات بتهمة الاحتيال وغسل الأموال، وتراوحت عقوبات المتهمين الآخرين ما بين اربع سنوات و18 شهرا بنفس التهم وتبعًا لدورهم في عمليات الاحتيال وغسيل الاموال.

تحولت الاعمال الخيرية إلى طرق للربح السريع ومؤامرات لضمان جمع اكبر قدر ممكن من الأموال؛ وهو ما تكشفه الارقام والاحصائيات، في بريطانيا أبلغت المؤسسات الخيرية خسارة ما يقرب من 9 ملايين جنيه إسترليني من الأموال في العام الماضي بسبب الاحتيال وفقا لأرقام مفوضية المؤسسات الخيرية، وكشفت مؤسسة رصد الجرائم الاحتيالية؛ أن المؤسسات الخيرية ابلغت عن وقوع اكثر من الف حادث تسول إلكتروني عبر بطاقات الائتمان خلال عام واحد فقط وتزداد الامور سوءًا بسبب الاعتماد الدائم على التبرع عبر الكروت البنكية وتستر المتهمون وراء الشاشات لجمع الاموال دون توجيهها إلى اعمال الخير.

5 مليارات دولار

أما في امريكا الامور اكثر سوءًا؛ حيث كشفت مؤسسة «امنح امريكا» لرصد الأعمال الخيرية المتعلقة بالافراد والمؤسسات تقريرها السنوى لعام 2021 إلى أن الأمريكيين قدموا حوالي 471 مليار دولار للجمعيات الخيرية حيث تفوق تلك التبرعات الخيرية الناتج المحلي لدول كاملة، والمؤسف أن هذا الكم الهائل من التبرعات ينطوي على خسائر هائلة وصلت إلى أكثر من 5 مليارات دولار في العام الماضي بفارق 3 مليارات دولار عن عام 2020 طبقا لتقرير لجنة التجارة الفيدرالية، وتعد الفئة الاكثر استهدافًا هم من تخطوا الستين عاما ممن يسهل اقناعهم بالتبرع، كما تحذر مؤسسة «جو فاند مي» المتخصصة فى تحويل التبرعات إلى المحتاجين والمستفيدين منها في امريكا من تكرار عمليات الاحتيال والنصب، وتؤكد أن المواقع الإلكترونية لم تكن كافية للمجرمين وانما ينشرون كما هائلا من المنشورات التي تتضمن قصصًا انسانية وصورًا زائفة تطلب التبرع بالاموال عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع عرض لينك أو رابط سريع لتحويل الاموال عليه بشكل عاجل لدفع فاتورة عاجلة أو توفير المال والطعام اللازم للاطفال، وبالرغم من تكرار تلك التحذيرات إلا أن المحتالين ينجحون في جمع تبرعات هائلة عبر تلك المنصات.

النصب بالمرض

 يرصد المسئولون الأمريكيون عمليات نصب عبر منصة «جو فاند مي» أو «قم بالتبرع لي»؛ حيث أنهت شرطة نيويورك اطول عملية تسول باعتقال الزوجين مارتن وجولين لافران، وعمرهما 35 سنة من نيويورك ليواجها تهما جنائية بالاحتيال وتعريض طفل للخطر بعد أن ادعيا أن طفلهما الوحيد مصاب بالسرطان على مدار اربعة اشهر قدما خلالها تقارير وفواتير طبية لعرض حالة ابنهما المزيفة بالتفصيل. 

تشتهر المؤسسات الخيرية المزيفة في امريكا بجمع التبرعات والتستر وراء المرض وتنكشف كل فترة حقيقة مريض ادعى المرض وجمع التبرعات، وألقت الشرطة القبض على المتهم إيان هوسانج (63 عاما) في مدينة نيويورك أنشأ حوالي 23 مؤسسة خيرية مزيفة لدفع الاموال اللازمة للديون العقارية وفواتير بطاقات الائتمان الخاصة به، وجمع ربع مليون دولار حين ادعى أنه مريض بالسرطان ويحتاج إلى الاموال لدفع التكاليف اللازمة لجلسات العلاج باهظة التكاليف إلا أنه استغل الاموال لدفع نفقات معيشته وفواتيره ورحلاته إلى متجر المشروبات الكحولية، ومثل هوسانج أمام المحكمة وتضمنت لائحة الاتهام 12 تهمة سرقة كبرى، وثلاث تهم سرقة هوية من الدرجة الأولى، وتهمة واحدة من مخطط الاحتيال من الدرجة الأولى ومن المنتظر أن يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى سبع سنوات.

 

إقرأ أيضاً : النصب بأسم «وجبة الخير» .. الفكرة بدأت فى أمريكا وبريطانيا.. ووصلت عندنا

 

;