لذا لزم التنويه

«لحظة السويس» من جديد؟

أميمة كمال
أميمة كمال

ربما كان اختيار الدكتور محمود محيى الدين، لمشهد سينمائي، كمقدمة لمحاضرته، حول ما يعترى العالم من تغيرات، سوف تبدل مواضع الصفوف الأولى للخريطة الدولية، تعبيرًا دقيقًا لمقصده، حول ما ينتظر العالم من «الحروب، والديون، والعملة الصعبة». الحوار الذى جاء فى أحد الأفلام كان بين قائد عسكرى رومانى، ورئيس أركانه، يقول له «الناس يجب أن تعرف متى حدث لهم الغزو».

وهنا يستطرد محيى الدين، شارحًا أن الغزو لا يحدث بالحرب فقط، والدول لا تموت قتلًا، ولكن ربما بالفناء من الداخل. ويذكرنا «المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل خطة التنمية المستدامة»، فى محاضرته بصالون معهد التخطيط القومى منذ أيام، أن ما كان يستغرق حدوثه قرونًا، أصبح يحدث فى شهور. وقد ظل الإسترلينى محافظًا على صدارة العملات حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.

ولكن عندما ضعف الاقتصاد البريطانى، جاءت اللحظة الحاسمة ليحتل الدولار العرش. وهذه اللحظة كانت حرب السويس، والعدوان الثلاثى على مصر فى 1956. عندما أجبرت أمريكا إنجلترا على الإنسحاب.

وبدأت وضعية الدولار فى التزايد، ليحتل النصيب الأكبر من احتياطيات العملات الأجنبية للبنوك المركزية. وزادت حصته من التمويل الدولى، والتسويات التجارية، بالرغم من أن الاقتصاد الأمريكى لا يمثل سوى 25% من الاقتصاد العالمى. ولكن يبدو أن لحظة قريبة من لحظة السويس، قد حانت لتغيير الموازين.

وهو ما استشعره الرئيس البرازيلى لولا دا سيلفا، عندما دعا إلى عدم الإفراط فى الاعتماد على الدولار. وعدم الخوف من استبداله بعملات بديلة. وهناك محاولات أخرى أوضحها محيى الدين، مثل الصين وروسيا اللتين تستبدلان الدولار بالعملة الصينية.

وأيضًا الدعوات الحديثة من لجوء البنوك المركزية لإعتماد العملات الرقمية فى الاحتياطيات. ويشير لبوادر خاصة بالاقتصاد الأمريكى، الذى شهد معدلات تضخم غير مسبوقة ، ومديونية ثقيلة، وارتفاع نفقات التسلح.

والدول المتقدمة هى الأخرى أفرطت فى إصدار البنكنوت ورفع أسعار الفائدة. وكل هذا له تداعيات على الدول النامية التى تراكمت مديونيتها الخارجية، لتصل لـ30% من ناتجها.

ولم يخف محيى الدين أثر الحروب التى يقول إن العالم لم يشهدها منذ الحرب العالمية. وأشدها بشاعة حرب غزة، حيث يفقد الآلاف من المدنيين أرواحهم على مشهد ومسمع من العالم. والتى سيكون لها تداعيات تهدد الثقة بالنظام الدولى..

ويبقى السؤال هل حانت «لحظة السويس» من جديد، لتخلق نظامًا أكثر عدلًا وإنصافًا؟.