يوميات الأخبار

خديعة القرن العشرين

د. محمود عطية
د. محمود عطية

«رفض الرازى قائلا: لقد رأيت ما يكفي من هذا العالم، ولا أرغب فى رؤية المزيد منه»

الجمعة: الكذبة الكبرى

«آرثر بوتز» كاتب وباحث أمريكى تجرأ عام 1975 وأصدر كتابًا ضخمًا تحت اسم «خديعة القرن العشرين»، وكاد يتسبب كتابه هذا فى إنهاء حياته بعدما قوبل بهجوم ضار من الصهيونية العالمية، و»آرثر» حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة «مينيسوتا»، فى كتابه «خديعة القرن العشرين» تصدى بالبحث والتنقيب -كعالم وباحث- فيما أطلقت عليه الحركة الصهيونية «الهولوكوست» أو المحارق، ومحاولة إبادة الملايين من اليهود خلال الحقبة النازية الألمانية باستخدام غرف الغاز أبان الحرب العالمية الثانية.

 وقد توصل «آرثر» إلى أن المحرقة اليهودية هى أسطورة صاغها اليهود الإسرائيليون عن عمد لتبرير إنشاء الكيان الصهيوني، فقد جمع «آرثر» معلومات علمية شديدة الدقة عن معتقل «أوشفيتز» الذى يزعم اليهود أنه تم فيه إحراق 1,2 مليون يهودى بداخله، وقد اكتشف «آرثر» أن هذا المعتقل قد أحرقت فيه جثث بالفعل، لكنها جثث موتى الحرب العالمية الدائرة فى ذلك الوقت بغض النظر عن ديانتهم، وقد أحرقت جثثهم للحد من انتشار الأمراض المعدية، فكانت الجثث متروكة فى الشوارع لفترات طويلة، وتعفنت، وتم فى نفس المعتقل إحراق الخيول النافقة فى الحرب، وقد أشار إلى أنه من المرجح أن المحرقة قد شيدت بعد الحرب على يد البولنديين، وليس على يد «هتلر» كما يزعمون، وقد أخذ «آرثر» عينات من أماكن المحرقة المزعومة ومن بقايا المحروقات لتحليلها، وخرج من كل هذا بأن هذه المحارق والهولوكوست بالوصف الذى قدمه اليهود الإسرائيليون هى أكذوبة القرون وتم ترويجها، والآن آن أوان فضحها.

 الإثنين: مأساة «أبو الطب» 

 «أبو بكر الرازي» الملقب بأبو الطب، أكبر عباقرة العصور الوسطى لإنجازاته المتعددة فى الطب، ترجمت العديد من كتبه إلى اللاتينية، وكانت المراجع الرئيسية فى الطب حتى القرن السابع عشر.. من أعظم كتبه وأشهرها كتاب «تاريخ الطب» و»الحاوى». وكتاب «المنصور» فى الطب وكتاب «الأدوية المفردة» وفيه وصف شامل ودقيق لتشريح أعضاء جسم الإنسان وهو أول من ابتكر خيوط الجراحة وصنع المراهم، وله أيضا مؤلفات فى الصيدلة وساهم فى تقدم العقاقير وله العديد من الكتب فى فروع المعرفة الأخرى والفلسفة.

 لكن أفكاره غير التقليدية فى العلم والفلسفة والدين تسببت فى اتهامه بالتجديف والخروج عن الملة رغم الاعتراف بمقدرته العقلية والعلمية، فمن آرائه الجريئة أن الله خلق الإنسان ومنحه جزءًا من منطقه ليصبح الإنسان قادرًا على فهم طبيعة الكون المادي، وقد اقتضت نظرية الرازى فى خلق الكون أن تكون البداية مقصورة على وجود الله والروح والمادة والفضاء والزمن، خرج بعدها الكون المادى إلى الوجود بتدخل الله فى بعض خصائص الروح، ثم يرى نهاية الوجود بعد ذلك عندما تعود جميع الأرواح إلى مستقرها فى السماء، لكن هذا المفهوم لمصير الكون وارتحال الأرواح لم يتماش مع المعتقدات الشائعة عن الخلق عند العامة وبعض العلماء من أصحاب الهوى، ولذلك أزعجت آراؤه السابقة الجريئة الكثيرين حتى إن أحد أصحاب البدع مثل «نصر خسراو» اتهمه بالزندقة، استمر الرازى فى آرائه العلمية والفلسفية مبتغيا وجه الحقيقة.. لكنه دفع ثمنًا غاليًا لآرائه الجريئة، فقد وشى به كعالم، فيقال أن أحد الأمراء المحافظين الراجعين من عائلة المنصور فى بخارى أمر بأن يضرب الرازى على رأسه بكتبه ..

فإما تنفلق الكتب أو تهشم رأس الرازى، ومن جراء ذلك فقد الرازى بصره ورغبته فى الحياة، واعتزل الناس، لكن أحد جراحى العيون عرض على الرازى إجراء عملية جراحية له لاستعادة بصره، فرفض الرازى قائلا: لقد رأيت ما يكفى من هذا العالم ولا أرغب فى رؤية المزيد منه».. ثم توفى الرازى بعد وقت قصير.

السبت: خيانة «فرط الرمان»

 سجل الخونة المتعاونين مع الحملة الفرنسية على مصر»1798» يضم العديد من الأسماء «السادية» التى تعاملت مع الحملة للتنكيل بالشعب المصرى، وهى شخصيات جبلت على الحقد وكراهية البشر والتلذذ بالقتل والتعذيب، ومن هذه الشخصيات «السادية» ذلك الرومى «بارثلميو» الذى وضع نفسه فى خدمة الغازى الفرنسي، وترك مهنته فى بيع القوارير الزجاجية بحانوت بالموسكى، فقد جند مجموعة من الأروام لخدمة الفرنسين بمصر وترأسهم وقد وصفه المؤرخ الفرنسى بريجون بأنه»وحش آدمى».

ويصفه هيرولد مؤلف كتاب «بونابرت فى مصر» قائلاً: «من أبرز هؤلاء وألفتهم للنظر مغامر رومى يسمى بارتلمى أو بارثلميو، عينه بونابرت كتخدا مستحفظان القاهرة، وكان هذا الضابط الزاهى المظهر والمسلك يقود سريةً قوامها مائة من الأروام والجزائريين والمغاربة المتوحشين، وكان فارع القامة لا ينسى الناظر منظره وهو يخرج على رأس أتباعه من الأوغاد فى عمامةٍ بيضاء ضخمة تظهر بشرته البرونزية وعيناه تلمعان وعلى شفتيه ابتسامةٌ يجمد لها الدم فى العروق وقد ارتدى ثوبه اليونانى الموشى بالقصب وحزامًا أحمر وسراويل ضخمة ومعطفًا تعلوه رمانتان مما يضعهما الكولونيل على كتفه.

وكانت زوجته العملاقة الرهيبة تركب أحيانًا إلى جواره، وكان بارتلمى يحب العراك لأنه يتيح له إظهار شجاعته والتباهى بثيابه، وكان أحب الأشياء إلى قلبه قطع الرقاب» ،ويذكر هيرولد إنه «إذا لم يجد من البدو المتجردين من يحمل رؤوسهم إلى القاهرة تذكاراً كان يعزى نفسه برؤوس بعض الفلاحين عاثرى الحظ الذين يصادفهم فى عودتهم للمدينة. وقد قدم للجنرال ديبوى مرةً زكيبة (أى جوالاً) بأكملها مملوءة برؤوس البدو بينما كان هو وضيوفه يتناولون طعام الغذاء، وقد آلمه أنه نغص عليهم طعامهم»

هكذا كان يستمتع بقطع رؤوس الفلاحين البسطاء الذين يلقيهم حظهم العاثر فى طريقه أو رؤوس المواطنين الذين يقاومون الاحتلال، لكى يقدم تلك الرؤوس هدية للقوات الغازية. واشتهر لدى العامة «بفرط الرمان» لشدة احمرار وجهه، وقد وصفه الجبرتى بأنه من أسافل الأروام المقيمين فى مصر. ويصف الجبرتى فى «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار» بعض ما فعله بارثلميو فيقول: «وانتدب برطلمين للعسس ممن حمل السلاح أو اختلس وبث أعوانه فى الجهات يتجسسون فى الطرقات، فيقبضون على الناس بحسب أغراضه.

وما ينهبه النصارى من أغراضهم فيحكم فيهم بمراده ويعمل برأيه واجتهاده ويأخذ منهم الكثير، ويركب فى موكبه ويسير وهم موثقون بين يديه بالحبال، ويسومهم الأعوان القهر والنكال فيودعونهم السجونات ويطالبونهم بالمنهوبات ويقهرونهم بالعقاب والضرب ويسألونهم عن السلاح وآلات الحرب ويدل بعضهم على بعض فيطلعون على المدلول عليهم أيضا وكذلك فعل مثل ما فعله اللعين الأغا فى أفعاله وطغى.. وكثير من الناس ذبحوهم وفى النيل قذفوهم ومات فى هذين اليومين وما بعدهما أممٌ كثيرة لا يحصى عددهم إلا الله.»
 الثلاثاء: رأى يفسد كل القضايا

 يغيظنى وينكد على حياتى أن يجرنى أحدهم للحديث فى موضوعات ثلاثة السياسة أو الكرة أو الحب، فالحديث فى أى منها يسرى فى البداية ناعمًا سلسًا ونتبادل كلمات من عينة «الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية»، وبعد ما يتقدم الحديث ويدخل فى التفاصيل نكتشف أن الخلاف فى الرأى يفسد كل القضايا ..وندرك أن « الشيطان يكمن فى التفاصيل».. !

 ففى التفاصيل يتحدث كل فرد وكأنه يمتلك الحقيقة والعلم اللدنى، ولا يرى فى الخلاف السياسى إلا فرقا متناحرة تسببت فى إفساد البلاد والعباد، ويختتم حديثه بأن المعارضين عملاء لأمريكا وإسرائيل وممولون من الخارج، أما الحديث فى الرياضة أضل واشقى، ونقصد بالرياضة كرة القدم طبعا ،فقد لحست عقولنا وكأن الله لم يخلق لنا سواها رياضة.

 وأغرب الحديث وأخبله ما تسمعه من محب جديد عن محبوبته، كيف خطفته من أول نظرة، ويصف لك عينيها وبربشة عينيها، وشعرها وخفة دمها، وينسى أن شعرها أخف من دمها، ويتعجب لماذا لم يخلق الله كل النساء على شاكلتها، ويخرج الموبايل فجأة أثناء حديثه معك كأنه يطلعك على سر لكنه يتلمى فى صورتها بالموبيل، وينظر بشاعرية مفرطة وكأنه اكتشف البترول فى صحراء مصر قائلا: أنا اللى عمرى ما حبيت حبيت إزاى ما أعرفش ..!

حاولت تفسير سر تصاعد الخلاف حين الحديث فى السياسة أو الحب أوالكورة.. فلم أجد تفسيرا سوى استحضار قناعاتنا العاطفية بدلا من العقلية.. وللعجب كلمة قراءتها فى كتاب فسرت لى الكثير عن الموضوعات الثلاثة سالفة الذكر تقول الكلمة: ((الحقيقة ما هى إلا وهم، وإن كان وهما ملازما لنا)) ،والأكيد أنه لا توجد حقيقة، اللهم إلا حقيقة واحدة نتبناها بعواطفنا كأنها رأينا، لكنه رأى يفسد كل القضايا.

 من عيون القول:

وفى الجسم نفس لا تشيب بشيبه .. ولو أن ما فى الوجه منه حراب