إنها مصر

يجب ألا تضيع الفرصة

كرم جبر
كرم جبر

أمريكا لا تستطيع أن تضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار فى غزة، فقرارات الحرب والسلام فى المنطقة انتقل مركز صناعتها من واشنطن إلى تل أبيب.

ولم يعد البيت الأبيض مقراً لزعماء كبار يصنعون تاريخهم من صناعة السلام فى المنطقة مثل نيسكون وكارتر وكلينتون، وكانت لديهم جميعاً أحلام بمد جسور التعاون والثقة مع دول وشعوب المنطقة.

فى البيت الأبيض الآن الرئيس بايدن، الذى يستعد لخوض ماراثون الانتخابات، وهى من فترات الضعف أو ما يطلقون عليها «البطة العرجاء»، ويحاول كل مرشح رئاسى أن يغازل ناخبين بغض النظر عن المواقف السياسية.

وملف الحرب الدائرة فى غزة يتأثر سلباً بما يحدث فى أمريكا.. ما بين التصريحات المعلنة والمواقف الحقيقية، ففى الوقت الذى يتحدث فيه بايدن ووزير خارجيته عن الهدنة الإنسانية لتبادل الرهائن، يعارضان بشدة وقف إطلاق النار، وتزويد إسرائيل بمساعدات لم تحدث فى تاريخها .. اقتصادية وأسلحة الدمار الشامل.

وفى ضوء ذلك أصبح ضرورياً إعادة ترتيب الأوراق:

تراهن حماس على المقاومة، وحققت بالفعل نجاحات كبيرة خارج التوقعات، ولكنها تواجه إسرائيل وأمريكا معاً تحت مظلة تأييد من الغرب، وتدفع غزة ثمناً فادحاً فى الدمار والقتل والتخريب والتهجير.

أما الرهان الحقيقى وهو «وحدة الصف الفلسطينى»، لبلورة مشروع فلسطينى حول مستقبل غزة، فليس مقبولاً أن تفكر كل الأطراف الأخرى فى ذلك دون الجانب الفلسطينى.

ويلقى هذا التغيير الكبير بظلاله على قضية إعمار غزة بعد انتهاء الحرب، والمؤشرات تقول إن الدعم الذى تخصصه دول المنطقة لصناديق الإعمار لن يكون كافيا، ونفس الأمر بالنسبة للمجتمع الدولى، وهذا معناه عدم تعويض الخسائر الضخمة التى خلفتها الحرب.

والقضية الأهم والأخطر هى مشروعات التسوية التى يتم تسريبها الآن، وفى صدارتها مستقبل حماس وإصرار إسرائيل والولايات المتحدة والغرب ألا يكون لها أى وجود فى المستقبل، وهناك تسريبات حول ضرورة خروج قادة حماس من غزة مقابل اتفاق وقف إطلاق النار.

والسؤال الصعب: هل تتحول حماس إلى العمل السياسى وتتفق فصائلها على ترك خيار الكفاح المسلح؟

وهل تجد ظهيراً عربياً ودولياً يدعم هذا التوجه ويساهم فى إيجاد تسوية عادلة تنتهى بإقامة الدولتين والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى؟
والخلاصة: الأزمة صعبة وشديدة التعقيد، وتتحرك مصر فى الملف بشرف وأمانة وقوة، لأن الأمن القومى لفلسطين يرتبط بالأمن القومى لمصر، ويجب ألا تضيع الفرصة تلو الفرصة للوصول إلى التسوية العادلة.