أسامة عجاج يكتب: «أبو عبيدة» مدفعية المقاومة الثقيلة.. فشل إسرائيلي كبير في معركة الإعلام حول طوفان الأقصى  

أسامة عجاج
أسامة عجاج

كل المؤشرات تؤكد ان المقاومة الفلسطينية وفي القلب منها حماس استعدت جيدا للمعركة الإعلامية مثلما كان الحال بالنسبة للعمليات العسكرية والتي بدأت منذ الساعات الأولى لعملية طوفان الأقصى حيث استخدمت عن طريق استخدام الكاميرات لتسجيل الوقائع الدقيقة لهجمات طوفان الأقصى خاصة عمليات أسر الجنود والتي نالت من معنويات الجيش الإسرائيلي وسقط معها مقولات الجيش الذي لا يقهر وبعضها تم بإذلال وإهانة بعض الضباط والجنود على عكس ذلك صور دخول المستوطنات في غلاف غزة  وحالة التطمين التي قام بها عناصر المقاومة للمدنيين بالقول "نحن مسلمون لا نؤذي أحدا من النساء والأطفال".

كما كان مشهد القسامي الذي طلب من سيدة إسرائيلية الإذن له بأخذ موزة دليل رقي وأخلاقيات رجالها كما أبرزت في نفس الوقت قدرات المقاومة العسكرية المبتكرة ومنها نوعيات الأسلحة التي لم تستخدم من قبل  كالطائرات الشراعية التي حملت مقاتلي القسام إلى مسافة ٢٥ كيلو متر داخل البلدات الإسرائيلية في غلاف غزة والطائرات المسيرة القاذفة والانتحارية مع استعراض قدرات المقاومة بمنظومة الدفاع الجوي محلية الصنع (متبر ١ ) وأيضا الطوربيد  العاصف محلي الصنع ورصد الأهداف البحرية الإسرائيلية والعبوات التي يتم استخدامها من المسافة صفر ضد الدبابات.

ولقد ساهم في نجاح إعلام المقاومة سقوط الرواية الإسرائيلية وكانت الكذبة الأولى حول قتل الأطفال واغتصاب النساء في مستوطنات غلاف غزة دون تقديم أي دليل أو صور لتلك الأحداث ردت المقاومة بنشر صور وأسماء الشهداء من الأطفال وهي التي روج لها قيادات بوزن الرئيس الأمريكي جون بايدن ووسائل إعلام غربية والبعض قام بالاعتذار عنها في ظل عدم قدرة تل أبيب عن تقديم أي دليل على حدوثها والفشل الثاني الإدعاء بوجود مراكز قيادة حماس تحت المستشفيات ودور العبادة وشاهد العالم كله حجم الهمجية والتدمير الذي طال مجمع الشهداء الطبي وطرد المرضى والمصابين ومحاصرة المستشفيات وعندما أذاعت فيديو عن النفق الذي أدعت قوات الجيش الإسرائيلي أنها اكتشفته وكذلك بعض المعدات التي أظهرها أحد الفيديوهات تم الكشف عن زيفها وأنها تخص مصعد للمستشفى وبدروم لتخزين المعدات وساهم ذلك في النيل من مصداقية قوات الجيش الإسرائيلي.

ومنذ اليوم الأول كان هناك حرص على الحضور اليومي للناطق باسم كتائب عز الدين القسام أبو عبيدة منذ بداية طوفان الأقصى للإعلان عن سير العمليات ويركز على المفاجآت التي يقوم بها المقاومة بينما اكتفت إسرائيل بالمؤتمرات الصحفية اليومية للناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري.

ولعل النجاح الأكبر من المقاومة الفلسطينية كان في استخدام وتوظيف ورقة الأسرى الإسرائيلين والأجانب والذي اتخذ عدة مستويات:

المستوى الأول: التعامل معه سياسيا ومحاولة كسب مهمة دوليا بالإفراح عن أسرى من دول آخرى منهم أمريكين وآسيويين وروس خارج الاتفاق المنصوص عليه بين المقاومة وإسرائيل برعاية مصرية وقطرية وقد نجح أبو عبيدة في ذلك كثيرا خلال بياناته بالتأكيد على أن الأسرى يتعرضون لنفس الخطر الذي يتعرض له أهالي القطاع وأن عددا منهم قتل خلال القصف الجوي وأن إسرائيل هي من تماطل في إغلاق هذا الملف الانساني وكان كشفه رفض الحكومة الإسرائيلية تسلم اثنان من الرهائن تأثير مهم على الشارع الإسرائيلي.

المستوى الثاني: اتخذها ورقة ضغط على الشارع الحكومة الإسرائيلي وتصدير الأزمة الى الداخل الإسرائيلي الضاغط بقوة على حكومته لسرعة الإفراج الكامل عن الجميع بدون استثناء حتى لو كان المقابل وقف العدوان من خلال إذاعة فيديوهات لعدد من الأسرى أثناء وجودهم في الأسر وهو يعيشون حياة طبيعية ويمارسون الألعاب وتم قتلهم نتيجة الهجمات الجوية وآخرى لبعضهم يقوموا بمناشدة الحكومة الإسرائيلية سرعة الإفراج عنهم وكان شعارهم (لاتتركونا نشيخ هنا).

المستوى الثالث: إظهار الوجه الانساني للمقاومة من خلال عمليات الإفراج عن الآسرى ومنها رد فعل مايا رجيف التي وجه إليها أحد عناصر المقاومة التحية وقال لها ( باي مايا ) فردت ( بايا شكرا ) كما نشرت كتائب القسام صورة من الرسالة التي تركتها تشكر فيها (المقاومة من أعماق قلبي على إنسانيتكم غير الطبيعية تجاه ابنتي اميلي التي اعتبرت نفسها ملكة في غزة  ومنهم التسريبات التي تم بثها من شهادة الأسيرة كارين موندر وكان معها ابنها وجدتها بل بعضهم أكد أنهم التقوا بقائد حماس في القطاع يحيي السنوار وتحدث إليهم بالعبرية وقال لهم (أنتم في أمان هنا ولن تتعرضوا لسوء).  

ولعل اختيار الشخصيات المعبرة عن كلا الطرفين مثل جانب آخر من جوانب النجاح الذي يحسب للمقاومة والتي اقتصرت من الجانب الإسرائيلي علي المتحدث باسم الجيش دانيال هغاري في إطلالته اليومية عبر مؤتمر صحفي للترويج لانجازات على الأرض ليس عليها وتفتقد للأدلة والبراهين الى جانب المؤتمرات الصحافية المتكررة لرئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع غالانت والوزير في حكومة الحرب غانتس والتي خاطبت الداخل الإسرائيلي بالتركيز على الاهتمام بقضية الأسرى وجهد الحكومة في الإفراج عنهم بينما اختارت المقاومة أبو عبيدة الملثم المجهول الذي يزيد من جاذبيته وغموضه والذي نجح في استقطاب الملايين من المشهدين في الغرب وإسرائيل ناهيك عن الداخل الإسرائيلي والذي حرص على تقديم بيانات موثقة وبشكل متوازن ودقيق وعمليات قامت بها المقاومة بالفعل .

 وبعد لعل استمرار العمليات سيكشف عن الكثير من النجاحات مع استمرار العدوان الإسرائيلي.