ننشر اعترافات المتهم بحرق والدته بحدائق القبة

المتهم
المتهم

آمال‭ ‬فؤاد‭ ‬

 الإدمان من اكثر المشكلات التي تهدد امن أي مجتمع بل ويحول طاقات شبابه وأفراده وقدراتهم من الابتكار والابداع إلى البعد عن العمل والاتجاه نحو الانحراف وارتكاب ابشع الجرائم في حق  اقرب الناس اليهم، وهذا ما حدث في الواقعة التي بين أيدينا؛ جريمة قتل بشعة تقشعر لها الأبدان ارتكبها شاب في حق والدته بعد أن انحرف نحو الإدمان وترك عمله، وفي لحظة تحول لقاتل واقدم على قتل امه، ألقى البنزين على جسدها واشعل النيران فيها وتناسى أنها أمه التي ولدته وافنت عمرها لاجله غافلا عن أن كل الأديان السماوية نهت عن إساءة الأبناء للوالدين او يدخل على قلبيهما الأحزان والاوجاع حتى ولو بالقول او يلحقون الضرر والاذى بهما، لكن في هذه الواقعة حدث ما لايصدقه عقل ونفذ الشاب جريمته بدم بارد، كيف دارت الاحداث؟ وكيف دمرت المخدرات عقله ووصلت به الى هذا المستنقع الذي انتهى به بجريمة قتل ومن هي الضحية أمه؟ وتفاصيل كثيرة ومثيرة كشف لنا عنها جار الشاب ووالدته المجني عليها نسردها لكم في السطور التالية.

الحكاية بدأت في شارع كمال الدين عثمان داخل احد المنازل البسيطة بمنطق ترعة القبة بحدائق القبة، عندما نشأ احمد ع وشهرته عسلية 37 سنة، داخل اسرة ميسورة الحال مكونة من  ثلاثة افراد اب وام وشقيقته، كبر يوم بعد الآخر وصار شابا، توفى والده وتزوجت شقيقته بإحدى المناطق القريبة من بيت الأسرة وعاش الشاب مع والدته مطيعًا وبارًا بها حياة مليئة بالسعادة كان خلالها احمد مثالا للطاعة لأمه، لم يكن البحث عن عمل مضنيًا للابن، سرعان ماعمل موظفا في احدى الهيئات الكبرى، وحاز على حب الجميع بالمنطقة كبيرهم وصغيرهم، ملبيًا لطلبات والدته يرعاها دون كلل أو ملل، حتى قرر أن يكمل نصف دينه، باركت له امه عروسه ورحبت بإقامته معها بنفس الشقة وانجب طفلتين، لم يتخل الابن عن والدته ويتركها بمفردها بل ظل مقيما معها وكان الجميع يشهد له بحسن الخلق والاحترام ولكن رغم ذلك لم يخطر ببال الام المسنة أن نجلها الوحيد سوف يلحق الضرر والاذى بها التي عاشت لأجله وشقيقته وتحملت من الشدائد والصعاب ما تنوء الجبال عن حمله وبذلت كل ما في وسعها من طاقة وافنت عمرها على رعايتهم لتوفير كافة احتياجاتهم وتلبية رغباتهم كي يعيشون حياة مليئة بالسعادة لينفعوا انفسهم والمجتمع وفي النهاية بدلا من أن يكون جزاء هذه الام الشكر كان جزاؤها الموت قتلًا وكأنها لا تمت لفلذة كبدها  بصلة في كبرها.

أصدقاء الندامة

الأحداث بدأت تأخذ منحى آخر وخطيرا..،

قبل ما يقرب من عام ونصف تعرف أحمدعلى أصدقاء السوء من المنطقة والمناطق المجاورة وبدأ رفاق الندامة تشجيعه على تناول سيجارة حشيش واوهموه بأن هذه السيجارة ساحرة ستجعله يعيش في عالم آخر ومرة بعد الأخرى انحرف الشاب نحو تعاطي المخدرات وبدلا من ان تأتيه على يد أصدقاء السوء بدأ يسأل عنها في إلحاح، وبدأت زوجته وامه تشعر بحالة غير طبيعية انتابت أحمد، بعدما بدا مقصرًا في عمله وغير متزن بالإضاقة إلى سوء وتدهور حالته الصحية وإهدار أمواله بشكل غير طبيعي، واجهته الأم بعد شكوى الزوجة بما عليه من سوء؛ فاعترف لها بتعاطيه المخدرات وانه سوف يذهب للعلاج ولن يقدم على التعاطي مرة أخرى، لكن في كل مرة كان الابن يخلف وعده لها كما طلبت منه أن يبتعد عن أصدقاء السوء الذين اعتاد على الجلوس والسهر معهم ولكن لم يقو على تنفيذ وعوده لها بعدما شده الإدمان الى الدرك الأسفل من الانحطاط في السلوك، ومن هذه اللحظة انقلب صفو الاسرة، وبدأت تدب المشكلات والخلافات بين الابن وزوجته وامه، فلم تجد أم طفلتيه امامها من حل غير أن تترك له المنزل رافضة العودة اليه وطلبت منه الانفصال مما اثر على حالته النفسية وظل يتعاطى المخدرات اكثر مما كان عليه، وظلت الام المسكينة لا حول لها ولا قوة عليها أن تتحمل ابنها ساعية إلى علاجه، ولكن هل نجحت الأم في مسعاها؟!

يوم الواقعة

في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل ومع سكون فصل الشتاء الذي بدأ، وهدوء المنطقة التي بدت في هذا الوقت وكأن جميع سكانها في سبات تام، تطرق الى مسامع الجيران أصوات صراخ واشتعال النيران في شقة المجني عليها، على الفور انطلق الأهالي نحو العقار ليتحققوا من الامر ومعرفة أسباب اشتعال النيران حتى لاتمتد إلى باقي طوابق البناية، واثناء ذلك شاهد البعض الابن يجلس يبكي وعلى يديه اثار احتراق، وتبين أنه قبل الواقعة بدقائق كانت الام المجني عليها تنصح نجلها المتهم بالابتعاد عن طريق المخدرات لكنه كان في حالة انفعال شديدة، فنشبت بينهما مشادة تطورت الى صراخ، بعدها توجه الشاب الى سيارته واخذ منها كمية من البنزين وصعديسكبه على امه ثم اشعل النيران فيها، على الفور ابلغ الأهالي الشرطة وفي غضون دقائق حضرت.

تلقت الأجهزة الأمنية بالقاهرة بلاغا من شرطة النجدة بوجود حريق داخل شقة بمنطقة حدائق القبة، على الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلى الشقة محل البلاغ وعثر على جثة سيدة في العقد السابع من عمرها محروقة ومتفحمة وتبين من التحريات الأولية والفحص أن وراء ارتكاب الواقعة نجل المجني عليها، وأن النيران امتدت الى باقي محتويات الشقة حتى تفحمت تماما، تحرر محضر بالواقعة، وامرت النيابة بنقل الجثة إلى الطب الشرعي لبيان سبب الوفاة وندب خبراء الأدلة الجنائية وفحص مكان واسباب الحريق وتفريغ كاميرات المراقبة المحيطة بمكان الحادث، ومن خلال الاكمنة تمكن فريق البحث من  ضبط المتهم وإحالته إلى النيابة للتحقيق.

كشفت التحقيقات؛ ان المتهم يدعى أحمد.ع اقدم على قتل امه المجني عليها كوكبة 70 سنة  واشعل النيران فيها  بعد أن سكب البنزين على جسدها، واثناء استجواب الشاب انهار في نوبة من البكاء معترفًا بارتكابه الواقعة «وان أصدقاء السوء والادمان دمروا حياته وخسر زوجته وقتل امه وضاع مستقبله وان المخدرات غيبت وعيه وسلبته إرادته وكانت الدافع وراء ارتكابه الجريمة» كما استمعت النيابة إلى بعض شهود عيان الواقعة وزوجة المجني عليه اكدوا أن المتهم في الفترة الأخيرة كان يتعاطى المخدرات خاصة مخدر الايس والبودرة، وعقب ذلك امرت النيابة بحبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيقات.

تواصلنا مع جار المجني عليها عماد الوسيمي قال لنا:»أكثر من 20 سنة وكلنا جيران في هذا البيت، احمد كبر قدامنا كان محترم جدا وقمة في الأخلاق وكل المنطقة بتحبه، وكان عند أمه له منزلة كبيرة لأنه ابنها الوحيد ورجلها بعد وفاة ابيه، واخته متزوجة وعايشة بعيد لكن أحواله تغيرت بسبب الصحبة السيئة والمخدرات، هدم أسرته وضيع حياته، وكانت النهاية حتمية؛ مراته سابت البيت واخدت ولادها معاها وصممت على الانفصال، وأمه المسكينة دفعت الثمن وحدها حياتها بهذا الشكل المحزن، منهم لله أولاد الحرام في اللي بيتاجروا ويبيعوا السموم دي للشباب التي تنتهي حياتهم للأسف بجريمة نكراء يرتكبونها».

هلاوس تنتهي بالقتل

يعلق الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي قائلا: هذا الشخص وقع تحت تاثير المخدرات المستحدثة وهي تؤثر على السلوك، تدفع المتعاطي لها إلى تصرفات عدوانية عنيفة دون النظر الى هوية المجني عليه،بستوي عنده الأمر إن كانت امه أو زوجته أو حتى ابنه،فهذا النوع من المخدرات يجلب هلاوس سمعية وبصرية ويؤثر علي التركيز والانتباه ويجعل التفكير عدواني وجميع أفكاره مرتبة ناحية الايذاء؛لانه يفقد كل المشاعر الإنسانية تجاه المحيطين حوله، يحوله إلى شخصية سيكوباتية مضادة للمجتمع فيها سلبية ولامبالاة وعدم اهتمام بتوابع تصرفاته.

فالمخدرات أنواع التقليدية منها مثل الهرويين والماكس تجعل الشخص غير متزن لكن لا يقوم بارتكاب أشياء كارثية ولو فعلها تكون بسيطة الى حد ما، لكن الترامادول والابتريل ممكن يؤدي الى اغتصاب المحارم لانه الترامادول يؤثر على الناحية الجنسية ويزيدها، والآخر يلغي الوظائف المعرفية مثل التركيز والانتباه والنهاية ان يرتكب المجرم جريمته، فالمخدرات المستحدثة مثل الايس والشابو والاستروكس جميعها تركيبة واحدة لان هذه الأنواع تحتوي على مادة الكيتامين والباركينول تسبب هلاوس سمعية وبصرية لدى المتعاطي وتجعله يسمع ناس ويشوف أشياء وهمية مثل ان يخيل له أن شخصًا او حيوانا يهاجمه ويتعدى عليه وتدفعه إلى ارتكاب جريمة في حق اقرب الناس لديه، ظنا منه انه يحمي نفسه منهم، وأؤكد في النهاية أن مثل هذه الجرائم التي يرتكبها المدمن لا تعفيه ابدًا من العقاب. 

 

إقرأ أيضاً : ذبحها وبكى بجوار جثتها 3 أيام.. كواليس جريمة بشعة هزت الإسكندرية

 

;