يوميات الاخبار

هدف النسر والعميد «فى جدة غير»

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

وليس خفيّا أن قوة العلاقات بين مصر والسعودية صمام أمن المنطقة وتقوية للمواقف العربية والإسلامية، لذا يمكننا تفهم المحاولات الفاشلة -بإذن الله- للوقيعة بين البلدين الشقيقين

«دايما بجيب أسرتى للقاهرة لو عندى مأموريات طويلة وبيرفضوا يسافروا معايا حتى ولو فى أشهر المدن الأوروبية، بسافر واسيبهم وفى بطنى زى ما بتقولوا يا مصريين بطيخة صيفي، ولا عمرى بقلق عليهم طالما فى أم الدنيا، أمن وأمان وبين أهلهم وأخواتهم لو تعبوا أو احتاجوا حاجة ميت واحد فى كتفهم، ولعلمك الأجازة كل سنة مهما لفينا عيالى ميحسبوهاش أجازة إلا إذا كانت مصر محطتها الأساسية، واحنا على الوضع من سنين ومعظم السعوديين زينا كده، مصر دى بلدنا التاني، لا دى هى والسعودية بلد واحدة، ربنا يحفظهم»..


كلمات راسخة بذهني، سمعتها منذ سنوات من رجل أعمال سعودى خلال جلسة ودية جمعتنا على نيل القاهرة مع أصدقاء من البلدين، وأيد السعوديون الحضور كلامه وهم ما بين إعلاميين ودبلوماسيين ومهنيين، راسخة بذهنى لأنها تجسد بعبقرية وبساطة خصوصية العلاقة بين البلدين الشقيقين على المستوى الشعبي، ود وحب وتلاقٍ و»كيميا من عند ربنا» بالوصف المصرى الدارج، وما أدل على ذلك من أن أكبر جالية مصرية تتوزع بأرجاء السعودية، والعكس أكبر جالية سعودية تنتشر فى ربوع المحروسة.


وعلى المستوى السياسى لا تقل العلاقات بين قادة وحكومات البلدين ومنذ عقود عن تميزها ومتانتها شعبيا، وتكتب صفحات فى مواقف الدعم المتبادلة والتنسيق الرفيع بين البلدين، قد تشهد تلك العلاقات اختلافات بين الحين والآخر وهذا طبيعى ويحدث بين أقرب الأشقاء والأصدقاء، لكنه لا يرتقى لدرجة الخلافات التى تؤدى -والعياذ بالله- للقطيعة أو الفرقة، ولعل للجغرافيا والتاريخ حكمهما فى هذا.
وليس خفيّا أن قوة ومتانة العلاقات بين مصر والسعودية صمام أمن وأمان واستقرار المنطقة وتقوية للمواقف العربية والإسلامية بمواجهة التحديات والمخططات ضدهما، لذا يمكننا تفهم ورصد المحاولات المستمرة والمستميتة- والفاشلة بإذن الله- للوقيعة بين البلدين الشقيقين واستغلال الفرص لتأجيج وتأليب المشاعر، الغالبية العظمى بالطبع فى البلدين تتفهمان تلك الحقائق وتعى المخاطر فتفشل كل مخطط، لكن هذا لا يمنع وقوع بعض محدودى الأفق بالجانبين فى شراك تلك الدسائس، لكن هؤلاء قلة وسرعان ما يعود معظمهم لرشده لاعنًا تلك الشراك داعما لقوة وخصوصية العلاقات بين البلدين.
التحفيل اللذيذ للكبسة والطعمية
أحدث محاولات الوقيعة جاءت مع انطلاق مباريات كأس العالم للأندية والمواجهة التى شهدتها بين الأهلى عملاق إفريقيا واتحاد جدة بطل المملكة، وبدأت مبكرا مخططات الوقيعة بين الشعبين نظرا للجماهيرية الطاغية لكل فريق، وبدا أن هناك توترا -كما فهمه المتربصون- حتى انطلاق المباراة منتظرين حصاد زرعهم الأسود غِلا وتناحرا وعراكا بين جماهير الناديين مؤججا لمشاعر الشعبين، هكذا اعتقدوا، لكن بعد نهايتها خاب مسعى المتربصين وانقلب سحرهم على رءوسهم التى تمايلت غيظا وحسرة وهم يشاهدون روعة تعامل جمهور الناديين الكبيرين مع المباراة ووضعها فى حجمها الطبيعي، مباراة كرة قدم بها فائز وخاسر، وسيلة ترفيه تسعد جمهور الفريقين، ولا يصح مطلقا أن تكون أداة فتنة بين البلدين الشقيقين.
ولتسألنى عن التحفيل أجيبك أنه المتعة الحقيقية لكرة القدم، يستمتع به الفائز وأيضا المهزوم وجمهوره الذى يصبح بمرمى خفة دم التحفيل، وما أروع ما قدمه جمهور الأهلى واتحاد جدة قبل وبعد المباراة، وما أظرفه من هتاف «واحد اتنين الطعمية راحت فين» من الجماهير الاتحادية قبل الماتش ليرد عشاق المارد الأحمر «واحد اتنين الكبسة راحت فين» بعد فوز فريقهم.
واللوحة الجميلة التى أبهرتنى شخصيا ردة فعل جمهور الاتحاد بعد المباراة وتفاعلهم الراقى والرائع مع تحفيل جمهور الأهلى المحترم وخفيف الظل كذلك بعد الماتش، وشاهدنا جماهير اتحادية ترقص بابتسامة عريضة على هتاف «الكبسة راحت فين» ومبادرة غالبيتهم بتهنئة الأهلى المصرى بالفوز وتأكيدهم أنه فوز مستحق لفريق كبير شرَّف العرب جميعا.
بين فراج وأبو عَشَرة السكرة
وأختار من النماذج العديدة اثنين دليلا على رقى الجماهير وفطنتهم لإفشال كل مخطط، المثل الأول للإعلامى السعودى الشهير وخفيف الظل وليد فراج الذى تحدى الأهلى قبل المباراة مؤكدا فوز فريقه -وهذا حقه بالطبع- لنستمتع به متبسما بعد المباراة مثنيا بخفة ظل رائعة وحيادية على الأهلى مشيدا بقوته وحب جمهوره، والمثال الثانى للمواطن السعودى الذى اكتسب شهرة واسعة بعد تأكيد ثقته بفوز فريقه الاتحاد وأنه سيدفع للمذيع المصرى 10 الاف ريال لو فاز الأهلي، ليبحث عنه الجميع بعد المباراة ويظهر هو فجأة وسطهم وبخفة دم مصرية يقول: بقيت أهلاوى بالعشرة آلاف ريال. والجماهير الحمراء تهتف «هتدفع، يا أبو عشرة» وسط سعادة الجميع ونراه مستضيفا المذيع وبعض الجماهير الحمراء فى منزله، بل وحضر مباراة الأهلى التالية مرتديا التيشرت الأحمر، أى رقى وخفة ظل وحب هذا!
ما أروعهم وأرقاهم من شعبين شقيقين! فلتحيا مصر والسعودية وليخسأ الأرزقية والمتربصون المرجفون.
ولا فى غيره يفرحنى
«عمرى ما احب غير الاهلى، ولا فى غيره يفرحنى» هكذا حالى وحال جميع الأهلوية، والحمد لله على نعمة الأهلي، فريق عظيم مصدر سعادة لجماهيره، فها هو وللمرة الرابعة ثالث العالم بالبرونزية، لكن جمهوره -اللى هو حماه وعلى الحلوة والمرة معاه- زعلان على الذهبية أو على الأقل الفضية، فالأهلى اعتاد ألا يغادر أى محفل إلا بفوز وميدالية وفرحة لجمهوره، الأهلى كبير افريقيا وفخرها وفخر الكرة العربية، حالة تدرس لكل باحث عن السعادة ولكل من يسأل عن نتائج الاستقرار والانتماء والإدارة الناجحة، إنه الأهلى يا سادة الذى تتخطى شعبيته وجماهيره حدود مصر وبلاد العرب وأفريقيا ليصبح سفيرهم للعالمية ودائما النسر الأهلاوى محلق فى سماء الرياضة الدولية ومن يريد ان يعرف قيمة وقامة الأهلى فليراجع تصريحات جوارديولا وأنفتينى وغيرهما ليعرف عمن يتحدثون.
ورغم الفرحة تبقى كلمة نهمس بها لبيبو:- ألم يحن وقت ضم مهاجم شرس بقوة طموح المارد الأحمر، أتمناه من أبناء النادى وأشباله، وإن لم يكن بُد من شراء فنبحث ونعسعس جيدا.. كفانا مقلب موديست ابن المحظوظة، والذى جعل الجميع يهتف جنونا «كفاية حرام، جبتوه من أنهى مصيبة، ودفعتوا فيه كام!».
مصر للطيران، وهجمة مرتدة
«مصر للطيران تخرج من تصنيف الـ100 شركة الأفضل فى العالم»، هذا الخبر الذى انتشر كالنار فى الهشيم مؤخرا وأصبح حديث الكثيرين، وتقدم نواب البرلمان لمساءلة وزارة الطيران المدني، وكعادتنا القديمة من جَلد الذات انهالت سكاكين السوشيال وغيره تنهش جسد الشركة الوطنية وتنعتها بالقليل الذى فيها والكثير مما ليس فيها، وهنا لنا وقفة واجبة..
بداية لست فى موقف المدافع عن مصر للطيران، بل العكس صحيح، فبحكم تخصصى فى الكتابة السياحية كثيرا ما هاجمت أى قصور بالشركة ومطاراتنا المختلفة، لكن عندما يصبح الأمر مجرد هجوم بلا سند أو عنعنة وبسند ضعيف فلا وألف لا، وبحقائق واقعة نقول إن مصر للطيران ليست أعظم شركة فى العالم، لكن ظلما أن تخرج من تصنيف المائة الكبار، وبحكم عملى سافرت على كبرى الخطوط العالمية مثل إيطاليا والبريطانية والنمساوية ولوفتهانزا الألمانية أكبر شركة فى العالم، وبكل شفافية وتجرد أؤكد أن رحلات مصر للطيران أفضل منهم جميعا، خدماتها أكثر تميزا وطاقم طائراتها أرقى وأعلى أدبا وخبرة من الشركات السابقة.
هل معنى هذا أن مصر للطيران بلا عيوب؟ لا توجد شركة فى العالم بلا عيوب، ولا يجب وضعها فى مقارنة مع شركات ذات طبيعة خاصة من الإمكانات والدعم مثل الخطوط بدول الخليج، وبصراحة مصر للطيران تتفوق على عدد منها رغم ذلك الدعم، ونتوقف أمام أسئلة وعلامات استفهام كثيرة بهذا الموضوع كان على المهاجمين إدراكها قبل سَن سيوفهم لذبح الشركة الوطنية.. فمثلا هل يعلمون أن هذا التصنيف منذ 6 أشهر ولست أدرى كيف طفا على السطح من جديد!، وهل يعلم المهاجمون أن الشركة التى تجرى هذا التقييم يكون بطلب من شركات الطيران وبمقابل مادى كبير!! ومصر للطيران لم تطلب التقييم ولم تدفع !! فيصبح غيابها طبيعيا وليس لسوءات منها، وقد طلبت مصر للطيران تقييم الشركة وسيتم قريبا وستدفع مقابله وبالتأكيد ستتقدم فى الترتيب، وبكرة أفكركم!!
فقط أهمس فى أذن الفريق محمد عباس حلمى وزير الطيران المدنى والذى بدأ حملة تطوير وتحديث للشركة بقلب وفكر منفتح، اننا نعشق مصر للطيران لكن عشقنا لمصر بالطبع أكبر، ومصلحة مصر أهم من مصلحة مصر للطيران، فيا معالى الوزير أكمل ما بدأت وافعل الصح من أجل مصر أولا ومصر للطيران ثانيا والله الموفق.
احذروا، الكمامة ترجع إلى الخلف !
يبدو أن شبح كورونا يرفض مغادرتنا، فها هو وبعد مرور 3 أعوام على ظهور المرض فى نسخته الأولى، يعود شبحه مهددا بعودة المخاوف مرة ثانية، المتحور الفرعى الجديد لكوفيد -19 «جيه. إن.1» يضرب العالم، ويمثل النسبة الأكثر بالإصابة بين مرضى الأنفلونزا، ورغم ظهور عدة متحورات لكورونا الأم إلا أن المتحور الجديد هذا الأكثر انتشارا وعادت النصائح بضرورة ارتداء الكمامة واتخاذ إجراءات مشددة لتجنب الإصابة، ونلاحظ حاليا انتشار دور برد قوى داعين الله ألا يكون المتحور الجديد السبب.
المهم وعملا بمبدأ «بيدى لا بيد الصحة العالمية» نناشد الجميع على الأقل ارتداء الكمامة والاحتياط للمتحور الجديد حتى يذهب ريحه، ونتضرع إلى الله ألا يعيد أيام كورونا الخالية من عزلة وسجن من جديد.