محمود الورداني يكتب: عن المقاومة مجددًا

محمود الوردانى
محمود الوردانى

عرقلت أمريكا وأسقطت قرار مجلس الأمن بوقف المجزرة التى ترتكب على مدى شهرين وفرض هدنة حتى لو كانت إنسانية، وأضافت إلى سجلها فى التواطؤ بل المشاركة الفعلية فى قتل الفلسطينيين سطرا جديدا، لم تضع أمريكا أى اعتبار لمصالحها مع العرب وصفعت كل النظم العربية بلا رحمة، ووقفت وحدها تعارض قرارا أمميا كان من الممكن أن يكون له تأثير.

والمتابع لتصريحات الرئيس الأمريكى منذ بداية المجزرة سيفاجأ بكمية الأكاذيب الرخيصة التى لاتليق بمسئول، مثل إشارته لتقارير وصلته عن وقوع حالات اغتصاب ضد نساء إسرائيليات بعضهن مسنات من جانب المقاومة، بينما شاهد العالم كله كيف كانت العلاقة فى فيديوهات رصدت خروج الإسرائيليات من الأسر.

اقرأ أيضاً | محمود الوردانى يكتب : عبده جبير.. وأنا

وكذب قبل ذلك عندما قال إن المقاومة ذبحت الرضع، وواصل كذبه فى سلسلة من التصريحات المتناقضة والمتعمدة، مثل ضرورة أن تقتل إسرائيل برفق، أو حثه إسرائيل على إدخال وقود يكفى لإبقاء الفلسطينيين على وشك الموت، أو طلبه أن يتم القتل بتؤدة، أو التلويح بحل الدولتين والتنصل بسرعة من مجرد التلويح، أو التلمظ بكلام عن ضرورة إدخال المساعدات لمجرد الكلام وإخلاء مسئوليته.

ووزير خارجيته يواصل لهو رئيسه وأكاذيبه الرخيصة، فقد وصل فى اليوم الأول للحرب إلى إسرائيل على طائرة نقل حاملا معه أسلحة وآليات عسكرية، أكرر على الطائرة نفسها التى أقلّته، ولم يتوقف عن التصريحات المتناقضة المتلاحقة، وتصرمح فى كل العواصم العربية لتوفير غطاء لاستمرار المذبحة، وفرنسا تقف بوارجها فى البحر الأحمر تواجه وتسقط المسّيرات المرسلة من اليمن، وألمانيا تشترك فعليا فى العمليات وإنجلترا تحمى إسرائيل فى البحر المتوسط.

الأمر يبدو كابوسيا ولايمكن تصوره والعار الذى لحق بالعالم لايمكن محوه، فقد قام القتلة بقتل عشرات الآلاف علنا وبلا رد إلا رد المقاومة (الأخيرة مازالت تقوم بواجبها فى جسارة وعلى النظم العربية أن تشعر بالخزى أمامها وهى الضوء الوحيد فى ليل الخزى والهزيمة)  ومازال القاتل يواصل القتل دون رادع بل بتواطؤ من الجميع. والمتحدث باسم الجيش الإسرائيلى علّق على الصور المخزية للمعتقلين الفلسطينيين الذين أجبروا على التعرى والجلوس على الأرض فى صفوف، أووهم مكدسون معصوبو الأعين فى شاحنات حقيرة، علّق بأن تعريتهم كان هدفها تفتيشهم بحثا عن ألغام! ولم يكلّف المتحدث نفسه بالبحث عن أى حُجة قابلة للتصديق بل تعمد السخرية والتنصل، وإن كان وعد فى الوقت نفسه ألا يتكرر ظهور صور مماثلة!

وأخيرا هناك نهاية ماثلة للمشهد كان يتم التلويح بها منذ بداية الحرب على غزة، وهى استمرار إسرائيل فى حرق المدن وقصف المستشفيات وقتل الناس وتشريدهم لإجبارهم على التوجه إلى سيناء. الجميع كان يعلم بالنتيجة التى كانت تهدف إليها إسرائيل منذ البداية، وإن كان بايدن قد أطلق أكاذيبه فى البداية حول حل الدولتين ودور محتمل للسلطة الفلسطينية وعدم موافقته على عودة إسرائيل إلى احتلال غزة، إلا أنه سرعان ماتنصل بتجاهل ما قاله سابقا.

هذه النهاية الماثلة مرعبة وكابوسية ولها تداعيات يصرّ الجميع على تجاهلها، بينما نحن نقترب منها كل ساعة. لن يؤدى فرض هذه النهاية إلى تصفية القضية الفلسطينية فقط، بل سيؤدى إيضا إلى انفجار على المستوى الإقليمى لايمكن التنبؤ بتداعياته.