آخر صفحة

حامد عزالدين يكتب: ذباب إلكتروني «خالي شغل»!

حامد عزالدين
حامد عزالدين

لا أدري لماذا تذكرت ذلك الموقف تحديدا في ليلة انتخابات الرئاسة المصرية.. لكنني سجلت الموقف وعلقت عليه ونشرته على صفحتي في منصة إكس (تويتر سابقا).. ولم أدر أنني كنت أنكأ جرحا غائرا في صدور كل المصريين الوطنيين.. فقد حظي هذا التعليق بعشرات الآلاف من متابعيّ بشكل غير مسبوق. بل إن كثيرين أفاضوا في وصف ما حدث لهم في تلك الأيام السوداء التي عاشتها مصر. ولنذهب مباشرة إلى النص الذي نشرته: 

في أيام الهوان بعد فوضى يناير 2011 -لا أعادها الله - كنت متوجها إلى مكتبي في مدينة نصر من  شارع مصطفى النحاس الذي تسير فيه السيارات إلى يمين الطريق، فجأة فوجئت بعشرات السيارات تأتي من الاتجاه المعاكس، ونظرت إلى السيارة التي تواجهني مباشرة عكس السير، استفسر عن السبب: فتطوع سائق السيارة وصاح في وجهي: وانت مال أهلك؟.. فتمالكت أعصابي وقلت موجها حديثي إليه: لكن هذا هو طريقي وليس طريقك، فرد ببجاحة منقطعة النظير: إذا كان عاجبك.. انت مش عارف إن إحنا في ثورة!.. قلت: هل الثورة تعني الفوضى ومخالفة القوانين؟.. أنهى الشخص القميء "اللا حوار" صارخا: هو كده واخبط دماغك في الحيط ! .

كدت انفجر بكاءً حزنا على بلدي التي اقتربت جدا من الفوضى الكاملة لتصبح دولة فاشلة "غير قابلة للحكم".. واسودت الدنيا في عيني.    

 وقائع كثيرة بالعشرات من هذا النوع عشتها في تلك الأيام السوداء حتى بدأت أستعد للبحث عن سبيل للخروج من أحب بلاد الدنيا لنفسي. ولم أتخيل مطلقا أن تنتهي هذه الفوضى لأنني كنت أدرك من وراءها تخطيطا وتمويلا وتنفيذا بالتفصيل. لهذا كان من قبيل المعجزات أن يظهر في المشهد رجل اسمه عبد الفتاح السيسي قرر أن يغامر بتحمل مسئولية إعادة مصر شيئا فشيئا لتصبح دولة - لا أشلاء دولة - أعظم أيام حياتي وقتها.. وأعلنت بعقلي وقلبي وحبي لبلادي تأييده بكل ما أستطيع . وإذا به لا ينجح فحسب في إعادة مصر إلى ما كانت عليه، بل وأن يعيد بناءها مجددا لتصبح دولة نتباهى بمستقبلها كما ظللنا طويلا نتباهى بتاريخها العتيد.. وغدا سيكون طريقي إلى لجنتي الانتخابية هو أول ما أفكر فيه لتجديد الثقة برجل يقوده حبه لبلاده إلى العمل ثم العمل ثم العمل وتحمل في سبيل ذلك أبشع وأخس مؤامرات وأقذر الشتائم وقلة الأدب التي يمكن أن يتعرض لها مسئول في موقعه من أجل أن يمنع أن تتجه مصر إلى حيث تعرضت ذات يوم إلى خطر الضياع . 

ليتني أمتلك ألف صوت لأمنحها باستحقاق إلى رجل مصري مخلص شديد الاحترام اسمه عبد الفتاح السيسي كي يواصل الطريق الذي بدأه بقوة لكي تستعيد مصر مكانتها التي تستحقها بين الأمم. 

■ ■ ■

هذه الحشود البشرية التي حرصت على أن تتواجد أمام مكاتب الاقتراع في محافظات مصر السبعة والعشرين قبل أن تفتح أبواب مراكز الاقتراع، مثلت رسالة لا تخطئها عين على رغبة عارمة من الشعب المصري في أن يؤكد للعالم كله، أن أحدا لن يستطيع أن يخدع هذا الشعب "الواعي" المعجون بحب بلاده وأن كل المؤامرات مهما كانت براعة المتآمرين، لا تستطيع التأثير على وطنيته وتلاحمه. وبقدر ما كان الحضور كثيفا، كانت شتائم كتائب الذباب الإلكتروني داخل وخارج مصر تنسى مهمتها، وتكيل السباب والشتائم إلى شعب مصر بأبشع وأحط الألفاظ، فبدلا من أن تسهل على «أصحابها» تحقيق أملهم في ضعف المشاركة، كانت كفيلة بفضح المؤامرة ومن وراءها. وبمشيئة الله تظهر النتائج وقريبا ومعها إحصاءات المشاركة الشعبية داخل مصر لكي تكون كافية للطم المتآمرين وفي مقدمتهم جماعة الإخوان التي اعتبرت هذه المعركة هي معركتها الأخيرة للعودة إلى السطح من جديد. وسيكون أعضاء لجان الذباب الإلكتروني هم أول الضحايا لأنهم سيصبحون «كتائب الذباب الخالي شغل». 

■ ■ ■

عندما ظهر المرشح الرئاسي عن الحزب المصري الديمقراطي فريد زهران في لجنة الانتخابات وقد رفع الكوفية الفلسطينية على كتفيه تأييدا لغزة الصامدة في وجه حملة الإبادة الجماعية، أدركت أنه إما لا يفهم طبيعة الشعب المصري وتلك مصيبة، أو أنه أساء اختيار مستشاريه بشكل مؤسف. وقد علقت على صورته بالكوفية الفلسطينية متسائلا: يا أستاذ فريد، ألم يكن العلم المصري أولى بكتفكم؟. فانهالت تعليقات المصريين تعطي المرشح الرئاسي درسا في كيف تكون مصريا. فالمصري الذي بنى مصر قبل التاريخ، يرى أن "اللي مالوش خير في بلده، لا يمكن أن يكون له خير في بلاد الآخرين".