جرائم الكراهية ضد العرب والمسلمين تتضاعف في شوارع أمريكا

الطلاب الفلسطينيين الضحايا
الطلاب الفلسطينيين الضحايا

  تتوالى الإحصائيات والتحذيرات حول انتشار جرائم الكراهية بشكل ملحوظ في كافة انحاء الولايات المتحدة الأمريكية في اعقاب الحرب الإسرائيلية الغاشمة ضد الفلسطينيين، وتتكرر بالفعل جرائم شديدة الإرهابية والعنصرية؛ لتُثبت صحة تلك التحذيرات وتنذر طوال الوقت بخطر جديد يضع المجتمعات العربية المسلمة في حالة من التوتر والخطر؛ حيث تتزايد موجات العنف والعداء ضد العرب والمسلمين أو ما يُعرف مؤخرًا بالاسلاموفوبيا.

قدم مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية 774 شكوى خلال الأسبوعين الاولين منذ بدء الحرب الدموية وهو ما يعد ثلاثة أضعاف شكاوى نفس الفترة في العام الماضي، وبالرغم من أن تلك الشكاوى لا تصل اغلبها إلى حد جرائم القتل إلا أن بيانات الشرطة تؤكد أن هناك مدن أمريكية مثل نيويورك ولوس أنجلوس تشهد زيادة فعلية في تقارير جرائم الكراهية منذ 7 أكتوبر، ويشير الخبراء إلى أن هذا التصعيد مثير للقلق، بالنظر إلى أن جرائم الكراهية التي وصلت بالفعل إلى مستويات غير مسبوقة.

إطلاق نار

تصدر حادث ولاية فيرمونت قائمة اعنف الحوادث الإرهابية ضد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية ومثل بالفعل المتهم جيسون جيه إيتون، 48 عاما، امام القاضي بعد إطلاقه النار على ثلاثة طلاب جامعيين فلسطينيين وهم؛ هشام عورتاني، وكنان عبد الحميد، وتحسين أحمد - في اوائل العشرينات من عمرهم، اثنان منهم مواطنان أمريكيان والثالث مقيم قانوني، اختار القاتل ضحاياه بسبب ارتداء اثنان منهم الوشاح الفلسطيني وكانا يتحدثان مزيجًا من اللغتين الإنجليزية والعربية عندما اقترب منهما المشتبه به، اكدت الشرطة أن الطلاب الثلاثة نجوا من الموت بأعجوبة إلا أن احدهم  قد لا يتمكن من الوقوف مرة أخرى بعد أن استقرت رصاصة في عموده الفقري وهو الامر الذي ينذر بإصابته بعجز طوال حياته.

حادث فيرمونت البشع ألقى الضوء على المتهم الأمريكي جيسون جي إيتون، وهو مستشار مالي سابق يبلغ من العمر 48 عامًا، مثل امام القاضي يوم الاثنين محاولا الدفاع عن نفسه، وطالب ببراءته من ثلاث تهم بمحاولة القتل من الدرجة الثانية دون اكتراث لبشاعة جرائمه، واستعرضت وسائل الاعلام لقطات من حياته؛ حيث تصفه والدته بكونه «متدين للغاية» ويهتم كثيرًا بالروحانيات كما انه تحرري «راديكالي»، وللخروج من المأزق وتبرير الحادث؛ لجأت بعض التقارير إلى ادعاء اصابة جيسون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وتكشف منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي عن خيبة امله الدائمة تجاه أمريكا وقالت والدته ماري ريد؛ إنه عانى من «صراعاته» في الماضي، ويعتقد أن العالم في حالة من الفوضى.

دوافع عنصرية                                                                                                                                                                                               المتهم الأمريكي جيسون جي إيتون

تشير تحقيقات الشرطة إلى وصف الحادث بجريمة كراهية بسبب جنسية الطلاب الثلاثة التي كشفوا عنها بالوشاح الفلسطيني والحديث باللغتين العربية والانجليزية، وهو الامر الذي استفز الجاني وأطلق النار عليهم دون أن يفصح عن دوافعه، وحين ألقت الشرطة القبض عليه قال للضباط «كنت انتظركم»، ويصف احد الطلاب المصابين الحادث قائلا؛ «بدون أن يتكلم، أطلق ما لا يقل عن أربع طلقات من المسدس ثم لاذ بالفرار»، والغريب في الامر أن المدعين اكدوا انه لا توجد أدلة كافية حتى الآن لاتهام إيتون بارتكاب جريمة كراهية، لأنهم لا يعرفون دوافعه بشكل واضح في حادث ارهابي واضح المعالم دفع الرئيس الامريكي جو بايدن للحديث مع عمدة المدينة وأصدر بيانًا يدين الهجوم.

توالت الإدانات والبيانات داخل امريكا ردًا على حادث إطلاق النار؛ حيث أصدرت اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز بيانًا يوم الأحد قالت فيه: «إن الضحايا كانوا طلاب جامعيين أمريكيين من أصل فلسطيني وهو سبب للاعتقاد بأن إطلاق النار وقع لأن الضحايا عرب»، واثناء بحث الشرطة عن قاتل فيرمونت أصدر مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية بيانا يعرض مكافأة قدرها 10 آلاف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال أو إدانة الشخص أو الأشخاص المسؤولين عن إطلاق النار، ونشر معهد التفاهم في الشرق الأوسط بيانًا جاء فيه؛ «نحن قلقون للغاية بشأن سلامة ورفاهية أطفالنا، ندعو سلطات إنفاذ القانون إلى إجراء تحقيق شامل، بما في ذلك التعامل مع الحادث باعتباره جريمة كراهية»، وشجع زعيم الأقلية في مجلس النواب الأمريكي، حكيم جيفريز، النواب والشعب الامريكي على إدانة الارتفاع المذهل للكراهية ضد العرب وكراهية الإسلام في أمريكا بشكل واضح؛ حيث لا ينبغي استهداف أي شخص بسبب انتمائه العرقي أو الديني في بلدنا، ولن نسمح للكراهية بالانتصار، ووصف حاكم الولاية فيل سكوت حادث إطلاق النار بأنه مأساة، داعيًا سكان الولاية إلى الاتحاد وعدم السماح لهذا الحادث بالتحريض على المزيد من الكراهية أو الانقسام.

مالك العقار

نرصد محاكمة أخرى، يمثل فيها مالك عقار مسن يدعى جوزيف تشوبا (71 عاما) في ولاية إلينوي امام القاضي؛ بتهمة ارتكاب جريمة قتل ارهابية دموية في اكتوبر الماضي، اطلقت عليها الشرطة جريمة كراهية بعد اتهامه بطعن الطفل وديع وعمره 6 سنوات 26 مرة، وإصابة والدته حنان شاهين بعدة طعنات نجت منها انتقاما منهما؛ لانهما عائلة مسلمة بعد اندلاع الحرب ضد غزة، ادعى جوزيف تشوبا امام المحكمة براءته من تهمة القتل، ووجهت هيئة محلفين كبرى في الينوى لائحة اتهام اكدت إن الضحايا استُهدفوا بسبب عقيدتهم الإسلامية وتحولت جنازة الطفل الى ساحة عزاء حضرها مئات الاشخاص وطلبوا الصلاة من اجل السلام.

 

                                                                                                                                                                                                                              جوزيف تشوبا

مثل القاتل تشوبا أمام المحكمة يوم الاثنين مرتديا زي السجن الأحمر، ووصفت لائحة الاتهام جريمة قتل الصبي بأنها نتيجة سلوك وحشي أو شنيع بشكل استثنائي، واكدت الام انها فوجئت بالمتهم امام باب منزلها يلفظ بإهانات بغيضة ومعادية للمسلمين وتعالى صراخه قائلا: «أنتم أيها المسلمون، يجب أن تموتوا» ثم حاول خنقها لكنها هربت الى الداخل واتصلت بشرطة 911 واخرج سكينة وطعن الطفل 26 مرة والام اكثر من اثنى عشر مرة، وتعتقد الام أن ابنها كان يركض نحو الضيف المسن ويحاول عناقه والترحيب به لانه مالك العقار ويؤجر غرفة للعائلة في منزله في بلينفيلد، إلينوي. 

 

اخطاء الإعلام                                                                                                                                                                                                   الطفل‭ ‬الضحية‭ ‬وديع‭ ‬ووالدته

وصفت منظمة الحريات المدنية الإسلامية الجريمة بأنها؛ «أسوأ كابوس لدينا»، وأنها جزء من ارتفاع مثير للقلق في بلاغات الكراهية ورسائل التهديد عبر البريد الإلكتروني منذ اندلاع الحرب في الشرق الأوسط، كما اشار المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية؛ ان الطفل وديع دفع ثمن أجواء الكراهية والتفرقة والتجريد من الإنسانية التي في الولايات المتحدة نتيجة التصريحات غير المتوازنة والأحادية الجانب في وسائل الإعلام وهى نفس الاجواء التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، وهو ما حذر منها المجلس خوفا من ارتكاب اخطاء بيئة ما بعد 11 سبتمبر، وعدم العودة إلى هذا العالم القبيح المظلم مرة أخرى، واصدر الرئيس بايدن بيانه قائلا؛ «لقد شعرنا بالصدمة والغثيان عندما علمنا بالقتل الوحشي لطفل يبلغ من العمر ست سنوات ومحاولة قتل والدة الطفل في منزلهما في إلينوي».

قائمة جرائم الكراهية لا تنتهي؛ حيث تحقق شرطة نيويورك في قضية تتعلق بمراهقة مسلمة تعرضت للهجوم أثناء ركوبها في مترو أنفاق مدينة نيويورك على يد رجل وصفها بالإرهابية وسحب حجابها وهو الموقف الذي يتكرر كثيرًا بالإضافة إلى شن حملات عبر تطبيق «اكس» لوقف جرائم الكراهية ضد المسلمين بعد تداول فيديو لصهيونية مؤيدة للحرب الاسرائيلية وهى تطارد ام مسلمة وابنائها بالميكروفون تطالب بحرقهم في الافران والاعتداء عليهم، وأظهرت أرقام جديدة لشرطة نيويورك أن جرائم الكراهية ومعاداة العرب والمسلمين ارتفعت بشكل كبير في مدينة نيويورك ولوس أنجلوس منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، في أعقاب زيادة جرائم الكراهية على المستوى الوطني، ويظهر تحليل لإحصائيات مكتب التحقيقات الفيدرالي أن جرائم الكراهية ضد المسلمين تصاعدت بشكل خطير، كما يشير الباحث مايكل جنسن في الاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب في جامعة ميريلاند: «إن الحرب الدائرة في غزة تصب الزيت على النار التي كانت مشتعلة بالفعل»، وحذر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي من خطر «متطرفين عنيفين» في الولايات المتحدة وخارجها.

اقرأ أيضا : لا عزاء للديمقراطية .. الشرطة الألمانية تعتقل كل من يندد بالجرائم الإسرائيلية فى غزة


 

;