فى الصميم

هكذا تسقط دولة عظمى!!

جلال عارف
جلال عارف

هذه المرة.. فضيحة الولايات المتحدة لا يمكن سترها.. ليس فقط لأنها تقف وحدها ضد إرادة العالم بأكمله الذى يدين المذابح الإسرائيلية ويطالب بوقف حرب الإبادة ضد شعب فلسطين فورًا وبلا شروط..

وليس فقط لأن الفضيحة الأمريكية فى مجلس الأمن تقول للجميع "بمن فيهم الشعب الأمريكى نفسه" إن أمريكا شريك فى المذبحة الجماعية مع إسرائيل وليست مجرد داعم للكيان الصهيونى النازى كما كانت دائمًا. وليس فقط لأن الولايات المتحدة وهى تستخدم "الفيتو" هذه المرة تقول للعالم كله إنها ستواصل قتل شعب فلسطين بأيدى الإرهابيين الإسرائيليين، وستواصل تدمير ما تبقى من وسائل الحياة فى غزة والضفة لإجبار الفلسطينيين على النزوح أو البقاء تحت رحمة قنابل أمريكا ونازية إسرائيل!!

كل هذه أسباب للعار الأمريكى.. لكن الأخطر هذه المرة أن اجتماع مجلس الأمن جاء بناء على طلب الأمين العام للأمم المتحدة جوتيريش الذى استخدم المادة ٩٩ من ميثاق المنظمة الدولية لأن ما يحدث فى أرض فلسطين من مذابح إسرائيلية يهدد الأمن والسلم العالميين.. وهو الأمر الذى أيده كل أعضاء المجلس بالموافقة على قرار إنهاء الحرب فيما عدا بريطانيا التى امتنعت عن التصويت وأمريكا التى كان قرارها باستخدام "الفيتو" فضيحة دولية لا سابقة لها. وكان بمثابة إعلان رسمى بأن الدولة التى كانت تقود العالم منذ الحرب العالمية الثانية، قد أصبحت خطرًا حقيقيًا على النظام العالمى وشريكًا فى أكبر جريمة ضد الإنسانية منذ سقوط النازية.

كان السقوط الأمريكى مخزيًا.. تهرب كل المسئولين الكبار من مواجهة الموقف بعد طلب جوتيريش عقد جلسة مجلس الأمن.. وتركت مندوبة أمريكا فى المجلس مقعدها لنائبها ليلقى خطابًا لا مثيل لتهافته وهو يردد كلامًا من نوع: إن إنهاء الحرب "أو الإبادة الجماعية الإسرائيلية" تزيد خطر الحرب!!

أو أن اقتراح إنهاء الحرب لم يتحدث عن حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس الذى كلف الشعب الفلسطينى حتى الآن ١٧ ألف شهيد!! ولو أسعفه الوقت لقال إن الاقتراح بوقف الحرب لم يتحدث عن ارتفاع سعر الدولار، ولم يطمئن الناخبين الأمريكيين بأن صحة بايدن بألف خير!!

باحترام شديد للمسئولية تصرف "جوتيريش" الأمين العام للأمم المتحدة، وبإهانة لا تغتفر لنفسها أولًا وللنظام العالمى بعد ذلك جاء الموقف الأمريكى الذى لا يعنى إلا أن أمريكا ماضية فى مشاركة إسرائيل فى الإبادة الجماعية لشعب فلسطين وتعريض السلم والأمن فى المنطقة والعالم لكل المخاطر. وهو موقف سوف تدفع أمريكا ثمنه الفادح، وعار أمريكى ليس له من عنوان إلا: هكذا تسقط دولة عظمى !!