قضية ورأى

شفرة «نوبل»

د. أحمد عفيفى
د. أحمد عفيفى

تسمو جوائز «نوبل» فوق ماعداها لعراقة تاريخها،فهى تعود إلى عام١٩٠١عندما سلمت لأول مرة فى الذكرى الخامسة لوفاة مؤسسها «ألفريد نوبل». يتميز نظامها بالمؤسسية حيث يتم الترشيح وتحديد القائمةالطويلة (٣٠٠اسم) ثم القصيرة (٦ أسماء)من قبل اللجان النوعية بإشراف الجهات المسئولة:(«الطب»:معهد كارولينسكا- «الفيزياء» و «الكيمياء» و «الاقتصاد» :الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم - «الأدب» :الأكاديمية الملكية السويدية-«السلام»:البرلمان النرويجى).مستحقوها نخبة النخبة من المنتمين والمؤثرين فى مجالاتها الستة.وتتسم دلالتها بالوفاء لمنشئها،فيعلن عن فائزيها تواليا فى أكتوبر(ميلاد «نوبل» ١٨٣٣/١٠/٢١) وتسلم جميعها فى١٠ديسمبر(ذكرى وفاة «نوبل» ١٨٩٦/١٢/١٠) باستكهولم فى حفل ملكى وقور تحييه الأكاديمية الملكية الموسيقية، ماعدا جائزة «السلام»التى تسلم بأوسلو.


يهل موسم جائزة»الهيبة»سنويا ونحن نترقب من سيطوقون بأكاليل الغار فى كل فئاتها.وكثيرا ما تلهم شباب الباحثين والمبدعين دونما«خارطة طريق نحو «الأمل الغالى.» وحينما أذاعت اللجان المختصة الفائزين تباعا(٢-٩ أكتوبر ٢٠٢٣)،تبدى واضحا أن اتجاه»الاختيار»أشار إلى»كلمة السر»و»مفتاح الشفرة»الذى يكمن هذا العام فى أن كل»اسم»قد أتقن»تقنية»بعينها فى حقل الجائزة منحته»صك الفوز».
تنفك شفرة جائزة «الطب» (نالها«كتالين كاريكو»-«درو وايزمان») «بتقنية» الحمض النووى الريبوزى المرسال(إم آر إن إيه)،فانبلج فجر جديد فى عالم اللقاحات(كورونا نموذجا) وعلاج الأمراض خاصة السرطان. وتدور الفكرة حول تطوير لقاح أسرع كثيرا من الأساليب التقليدية شريطة معرفة التعليمات الجينية. يبحث العلماء حالياً على المستضدات الغريبة التى تنتجها الخلية الورمية و يطورون منها لقاحاً يحقن فى المريض فيستثير الجهاز الماعى ليقوم بدوره.
وفى فئة «الفيزياء» (حصد جائزتها «بيير أوجستينى» فرانس كرواسز«-آن لولييه») تجلت «تقنية» توليد نبضات ضوئية بالأوتوثانية (جزء من مليار المليار من الثانية) بالغة القصر تسمح باستكشاف الإلكترونيات داخل الذرات والجزيئات والتقاط صورها والتى استحالت متابعتها سابقا لشدة سرعتها. إنها فتح جديد فى التشخيص الطبى.


أما«الكيمياء» (حاز جائزتها «منجى ياوندى»- «لويس بروس»-«إليكسى إكيموف»)فقد حظيت «بتقنية» تصميم البللورات النانوية (النقاط الكمومية).إنها جسيمات بالغة الدقة شبه موصلة، قطرها ٢ -١٠ نانومتر(أقل ١٠٠ ألف مرة من سمك شعرة الرأس) ستحدث تطورا مذهلا فى تصنيع ألواح الطاقة الشمسية وأجهزة الكمبيوتر هائلة الحسابات المعقدة (مجال تنافس الصين وأمريكا)،وكذلك ابتكار مستشعرات لنسبة سكر الدم والتغير الهرمونى بالجسم.
تعددت «التقنيات» والفوز «الفاخر» واحد والهدف «السامى» أيضا واحد.. رفاه الإنسان فى كل مكان،كما قرر «ألفريد نوبل» منذ نهاية القرن التاسع عشر.
استاذ بعلوم القاهرة