بعد إهانته مصريًا.. مستشار أوباما أمام المحكمة بتهمة العنصرية والكراهية

لحظة القبض على ستيوارت بتهمة العنصرية والكراهية
لحظة القبض على ستيوارت بتهمة العنصرية والكراهية

  تنتقل آثار الحرب الغاشمة على الاراضي الفلسطينية إلى كافة انحاء العالم، وتعكس الشوارع الغربية تحول تلك الحرب إلى مستويات أخرى من العنف والعنصرية؛ لتكشف عن وجوه جديدة للإرهاب الحقيقي حيث تسقط أقنعة مسئولين يحملون كمًا هائلا من العنصرية والكراهية، وهو ما تعكسه واقعة إلقاء القبض على ستيوارت سيلدويتز مستشار الرئيس السابق باراك أوباما؛ حيث انتشرت فيديوهاته على مستوى العالم العربي والغربي اثناء تصويره عدة مرات وهو يتعدى لفظيًا على بائع مصري شاب وتناولت وسائل الاعلام كلماته وهو يؤكد أن قتل 4 آلاف طفل فلسطيني لم يكن كافيًا.

لا يكتفي هؤلاء بدعم حرب دموية تقتل الابرياء دون رحمة، وإنما ينقلون ميولهم العنصرية ورغباتهم الانتقامية إلى عالمهم ليواجهوا غيرهم بكلمات تحمل كمًا هائلا من العنصرية والاساءات الدينية وغيرها وهو ما عكسته فيديوهات لم تزد مدة بثها عن دقيقة أو دقيقتين فقط؛ لتعكس ما يحدث على مدار اسابيع لبائع شاب اعتاد ستيوارت سيلدويتز الوقوف امامه والاعتداء اللفظي عليه وعلى وطنه ودينه وكافة انتماءاته، لم يترك ستيوارت البائع الشاب إلا وينهال عليه بكم هائل من الاهانات والاستفزازات محتميًا بكونه مسئول امريكي سابق رفيع المستوى؛ حيث تولى ستيوارت -64 سنة- منصب نائب المدير والمسؤول السياسي الأول في مكتب وزارة الخارجية الأمريكية للشئون الإسرائيلية والفلسطينية من عام 1999 إلى عام 2003 في عهد اوباما إلا أنه تحول إلى رجل شارع انتصرت داخله مشاعر الكراهية والعنصرية والعنف على خبرته السياسية.

اساءات

     فيديو أهانة ستيوارت للشاب المصري

تداول العالم بأكمله الفيديوهات التي فضحت المسئول الكبير والتقت جريدة ديلي ميل مع البائع المصري محمد وعمره 24 عاما، روى محمد كيف بدأ ستيوارت مضايقته بشكل عشوائي، ليسأله اول الامر عن موطنه ثم وبخه بسبب الحرب واتهمه بدعم حماس وسأله من أين أتى؟  استمرت اساءات ستيوارت دون توقف حتى ان بعض عملاء العربة والمارة اتصلوا بشرطة نيويورك لإنقاذ الشاب من الاعتداء المتكرر لكن الشرطة تجاهلت الامر، واكد محمد أنه ظل يشعر طوال الوقت بالخوف والقلق من الذهاب الى العمل مؤكدًا أنه وجد نفسه في معركة مع رجل له علاقات وسلطة كبيرة دون أن يتحدث معه ودون أن تحمل عربته أى ملصقات أو رسائل سياسية، واكد صاحب العربة انهم يعملون منذ 6 او 7 سنوات دون مواجهة أى مشكلات قانونية ولا يملك أحد أى سجلات جنائية، وينوى محمد اقامة دعاوى تعويض ضد ستيورات بعد إلقاء القبض عليه.

دقائق معدودة عبر ثلاثة مقاطع فيديو منفصلة نشرت عبر منصة "إكس" غيرت حياة ستيوارت سيلدويتز وحملت أدلة كشفت عن وجهه القبيح وآرائه العنصرية الاكثر قبحًا؛ حيث اعتاد ستيوارت تهديد البائع محمد بعبارات عنصرية متكررة ليصفه بالإرهابي ويبدو أن ستيوارت انجذب لكلمة "حلال" التي تأكد عبرها أن البائع مسلم، رصدته الكاميرات واقفًا امام العربة لمدة دقيقتين؛ ليوجه كمًا هائلا من الاهانات والاساءات الدينية والسياسية للبائع الذي حاول التهرب من الحديث معه مؤكدًا أنه لا يتحدث الانجليزية ليرد عليه ستيوارت قائلا؛ "تعلم اللغة الإنجليزية حتى لا تضطر إلى العمل في عربة"، استمرت إهانات ستيوارت وهو يدلي بتعليقات معادية للاسلام ومسيئة للرسول محمد (صل الله عليه وسلم) وامتدت إهاناته للإساءة إلى القرآن بأبشع الكلمات والاوصاف، وازدادت الامور سوءًا بصمت البائع وطلب من ستيوارت الرحيل إلا أن ستيوارت تمادى في هجومه؛ ليخرج هاتفه ويصوره قائلا أخبرني لماذا يجب أن أذهب؟ أنا أقف هنا، انا أمريكي، إنها دولة حرة، ثم يأمر الرجل أن "يبتسم وهو يرفع هاتفه لتصويره قائلا سأرسل صورتك إلى أصدقائي في الهجرة"  ولم يرد البائع الشاب عليه إلا بتكرار طلبه الرحيل ليؤكد ستيوارت انه لن يرحل  لأنه مواطن امريكي وانما هو الذي يجب أن يرحل ونعته بالجاهل ومغتصب الاطفال، وفي مقطع آخر قال له سأضع لافتات كبيرة هنا تقول: "هذا الرجل يؤمن بحماس"، وحين اتهمه البائع بدعمه قتل الأطفال، أجاب ستيوارت "إذا قتلنا 4000 طفل فلسطيني، فذلك ليس كافيًا، لم يكن ذلك كافيا".

جرائم كراهية

لم تتحرك شرطة نيويورك طوال الاسابيع الماضية واكتفت بالرد بمراقبتها للأمر إلا انه مع تصاعد الغضب الشعبي والدعم لمحمد؛ ألقت شرطة نيويورك القبض على مستشار اوباما لتعلن عن فتح تحقيق في جرائم الكراهية ضد ستيوارت سيلدوويتز؛ حيث اعتاد زيارة عربة المأكولات بشكل روتيني لكونها قريبة من منزله، واصبحت الفيديوهات دليل إدانته أمام العالم بأكمله؛ حيث توالت التعليقات الغاضبة ضد ستيوارت من كافة انحاء العالم، وأدان زعيم الأغلبية في مجلس مدينة نيويورك كيث باورز ستيوارت قائلا: هذا السلوك المعادي للأجانب والمثير للاشمئزاز ليس له مكان في مدينة نيويورك لا ينبغي أن يتعرض أحد للمضايقة بسبب دينه أو هويته، وتوافد عدد من السياسيين لزيارة البائع وإعلان دعمه ومنهم مسئول الحى أليكس بوريس وقال "الكراهية ليس لها موطن هنا ويجب الابلاغ عن تلك الإهانات العنصرية".

اقرأ أيضا : واقعة عنصرية خلال مواجهة بالدوري الأوروبي

وتستمر خسائر ستيوارت؛ ففي نوفمبر العام الماضي اعلن في مؤتمر صحفي شغله منصب رئيس الشئون الخارجية في مؤسسة جوثام العالمية بمنهاتن وتغيرت الامور تمامًا بعد بث الفيديو؛ لتعلن مؤسسة جوثام قطع علاقتها به تمامًا وإنهاء كل الارتباطات مع ستيوارت سيلدويتز مشيرة إلى كونه فرد لم يسهم في عملهم منذ سنوات، وجاء في البيان أن مقطع الفيديو يظهر أفعاله الحقيرة والعنصرية ويحط من كرامة المعايير التي تمارس في المؤسسات الكبرى التي أزالت صفحته من موقع الشركة بعد إدلائه بتعليقات معادية للإسلام وتهديدات لموظف عربة طعام في مدينة نيويورك، وقال ديفيد شوارتز، رئيس العلاقات الحكومية في مؤسسة جوثام: "إذا أراد البائع رفع دعوى قضائية ضد ستيوارت سأمثله امام المحكمة مجانا لانني غاضب تماما من هذا الفيديو"،  العلاقات الحكومية في جوثام ليست الشركة الوحيدة التي حاولت بسرعة أن تنأى بنفسها عن سيلدويتز، الذي ادعى أنه يعمل كممثل مالي في شركة "لينكدان"؛ لتنكر الشركة عمله لديها أو ارتباطها به، وكذلك عمله كمستشار كبير في احدى الشركات اللوجستية التي تقدم خدماتها للأماكن المتضررة من الحروب والكوارث الطبيعية وفي مقال نشرته صحيفة جيروزاليم بوست وصفته بعضو رئيسي في تلك المؤسسة.

مبررات عنصرية

في أكتوبر ظهرت آراء ستيوارت المتطرفة حول الحرب بين إسرائيل وحماس في بث صوتي مدته ساعة أجرته إيمي بيكوف عبر شبكة تواصل اجتماعي "تكلم" او "بارليه" لحرية التعبير والتي يفضلها اليمينيون بسبب افتقارها إلى الرقابة على المحتوى المتطرف وقال: إن حماس هي المسؤولة عن مقتل أي مدنيين فلسطينيين، وشكك في التقارير التي تصف مدى سوء الأوضاع في غزة مؤكدًا انها تقارير مبالغ فيها واصفًا قوات الدفاع الإسرائيلية بأنها جيش أخلاقي، وتمادت آراؤه العنصرية ليؤكد أنه "من الصعب جدًا على الأمريكيين التواصل مع الفلسطينيين لأن ثقافتهم وتاريخهم ودينهم مختلفة تمامًا عن معظمنا".   

بعد هذا الكم الهائل من الخسائر والاتهامات التي لحقت بستيوارت حيث اصبح وجهًا مألوفًا ورمزًا للارهاب والاسلاموفوبيا وهي الاتهامات التي يواجهها من الامريكيين انفسهم حاليا، يبدو أنه اضطر إلى تقديم اعتذاره مؤكدًا انه لم يكن هناك داعي للتطرق إلى الامور الدينية وبرر فيديوهات إدانته قائلا: إنه يمر بانتظام على بائع عربة الحلال ويريد إشراكه في المناقشة حول الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، وقال إنه شعر بالغضب لصمت البائع وعدم إدانته حماس واختلطت مبرراته بالعنصرية ايضا حين قال: فوجئت أن معظم العاملين في عربة الطعام في نيويورك مصريين وهو ما دفعني لمواجهته بالحديث قائلا؛ انه وقت عصيب أن تكون مصريًا في نيويورك" فقال البائع لماذا؟ وقلت بسبب ما حدث يوم 7 أكتوبر مع حماس فلم يرد وهو ما جعلني استمر في النقاش، ولو اضطررت إلى القيام بذلك مرة أخرى، لما أثرت الجانب الديني ولا أعتقد أنني معاديا للإسلام وبرر مروره الدائم على البائع المصري لأن لديه حجج كثيرة كان يفضل القائها عليه.

***

في النهاية اعتذر ستيوارت لان الكاميرات فضحته الا أن قضيته تطرح تساؤلات عديدة تحمل اجابات مفتوحة: كم شخص مثله يتهجم عليه ويهدد بالشتائم والاهانات الدينية والعنصرية ضد المسلمين في الشوارع؟ كيف تصمت الشرطة الأمريكية على وقائع هجومية عنصرية ابلغ عنها الكثيرون دون أى اهتمام؛ ليصفوا الامر بكونه حرية تعبير وليس اعتداء؟ كم سياسي ومسئول يحملون هذا الكم الهائل من العنصرية وهم يديرون مناصب سياسية في إدارات هامة؟!

 


 

;