..»عدسة العمليات الإرهابية وأعمال العنف في افريقيا» عنوان تقرير صادر من مؤسسة ماعت للسلام والتنمية، عن الفترة من يوليو وحتى سبتمبر2023، تناول تحولات التي شهدتها ظاهرة الإرهاب والعنف في افريقيا خلال تلك الفترة، كما يتتبع الجهود الدولية والإقليمية المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة، ما لفت انتباهي في هذا التقرير زيادة ضحايا العمليات الإرهابية عن الربع الثاني من 2023، وهذا يعد مؤشرÇ خطيرا حيث أن الربع الثاني عدد الضحايا كان أكثر من 5353 ضحية، بينما في التقرير الثالث زاد إلى 9602 حالة قتل، مما يعد مؤشرا لتصاعد العمليات الإرهابية خلال الربع الثالث من العام الحالي في إفريقيا، وهنا وجب التحذير والتنويه وهذا أيضا ما فعله «ماعت» بتوجيه علامات استفهام نحو تلك الزيادة، وأنه على الاتحاد الإفريقي وضع بنية قانونية مشتركة لمواجهة خطر الإرهاب المتنامي في القارة الافريقية، حيث تصدر إقليم شرق إفريقيا القائمة بعدد 8082 حالة قتل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى استمرار التصاعد في أعمال العنف في السودان، والذي يحتل المرتبة الأولى بين الدول الإفريقية من حيث عدد ضحايا العنف.
وجاء إقليم غرب إفريقيا في المرتبة الثانية بـ 1328 حالة قتل، ويشمل ذلك نيجيريا، التي تحتل المرتبة الثانية في عدد العمليات الإرهابية وأعمال العنف، بينما إقليم وسط إفريقيا، فيحتل المرتبة الثالثة بـ 161 حالة قتل، كما احتل كل من إقليمي شمال وجنوب إفريقيا المرتبتين الأخيرتين.
ما سبق يؤكد على استمرار وتيرة العنف والإرهاب في القارة الإفريقية، وهو أيضا ما أشار له «ماعت»، وأوضح أن استمرار الإرهاب في إفريقيا يهدد بذلك أمن الشعوب واستقرار الدول في القارة السمراء، مع إمكانية عبور تلك الأزمات وخاصة الإرهاب عبر المتوسط إلى أوروبا، أو التوجه شرقا، وأن استمرار الصراعات السياسية في عدد من دول القارة الإفريقية يقوض من عمليات مكافحة الإرهاب والقضاء على أعمال العنف، حيث انشغلت هذه الدول بالصراعات السياسية على حساب حربها على الجماعات الإرهابية خاصة في منطقة الساحل الإفريقي والتي تشهد تزايدًا ملحوظًا في أفراد تلك الجماعات وعملياتها.
التقرير الذي صدر عن ماعت، يحمل دلالات خطيرة أشرنا إلى بعضها فيما سبق بينما تأتي نقطة مهمة أيضا وهي أن الدول الإفريقية تقف مكتوفة الأيدي أمام قضايا التنمية وذلك بفعل الديون المتراكمة على تلك الدول رغم توافر الموارد بها، ولهذا يجب ضرورة وضع القواعد القانونية اللازمة لقيادة الاتحاد الإفريقي بالتعاون مع الشركاء الدوليين تحالف يهدف إلى محاربة الإرهاب في دول القارة الافريقية، خاصة في ظل تصاعد ظاهرة الإرهاب في إفريقيا، وتحولها لتشكل تهديدًا عالميًا، وهذا ما طالب به رئيس مؤسسة ماعت .
وأشار التقرير إلى نقطة في غاية الأهمية أيضا وهي أن ظاهرة الإرهاب المنتشرة في غالبية دول القارة الافريقية لم تكن وليدة اللحظة، بل هي نابعة من جملة محفزات Ãسهمت في تمركزها وانتشارها ومن ثم تصاعدها، ومن أهمها معاناة دول القارة أوضاعًا اقتصادية قاسية انعكست بالسلب على الأحوال الاجتماعية والمعيشية، مما أدى لانتشار البطالة وارتفاع معدلات الفقر المدقع.