طالبة الثانوي قتلت جارتها الطفلة.. لتسرق قرطها

الطفلة الضحية
الطفلة الضحية

الشرقية:‭ ‬إسلام‭ ‬عبدالخالق‭ ‬

  لم تدر والدة الطفلة «ملك» الصغيرة ذات الستة أعوام، أن ذهاب ابنتها لأجل شراء كيس شامبو من أحد المحال القريبة من المنزل سيكون هو مشهد النهاية وآخر ما يجمع بينها وفلذة كبدها، وأن المشهد الجديد لها مع ابنتها سيكون أم تبكي ابنتها وهي تحتضن جثتها التي مثلت بها جارتها وقتلتها شر قتلة، لا لشيء إلا لأجل الطمع في جرامات معدودة من الذهب لا تتعدى قيمتها خمسة آلاف جنيه على شكل قرط ذهبي كان يُزين أذن المجني عليها الصغيرة، وإلى التفاصيل المؤلمة على النفس.

بعد دقائق قليلة من صلاة العصر يوم الخميس الماضي، وبينما هدأت الحركة في قرية «المشاعلة» التابعة بنطاق ودائرة مركز شرطة أبو كبير في محافظة الشرقية، كانت الصغيرة «ملك أدهم» الطفلة التي بالكاد أتمت ربيعها السادس في الحياة، تُناغش أمها لأجل أن تهم بـ«حمومها»، قبل أن تستجيب الأم لابنتها وتعطيها نقودًا معدنية لأجل شراء كيس شامبو من أحد محال البقالة القريبة من المنزل.

ودعت الطفلة والدتها بنظرات بريئة كعادتها، إلا أن الوداع كان مختلفًا وخاطفًا وكأنها بالفعل تودعها للمرة الأخيرة دون وعدٍ باللقاء؛ قبل أن تغيب الطفلة وتمر الدقائق والسويعات دون عودتها إلى المنزل، فيما بدأت الظنون تلعب بفؤاد الأم؛ حين همت بالذهاب إلى محل البقالة وسألت عن ابنتها فلم تجدها أو تسمع ما يُهدئ من روعها.

عادت الأم إلى منزلها تجر قلقها وتنسحب روحها كلما مر الوقت ولا خيوط تقودها إلى مكان أو سبب اختفاء ابنتها؛ وحين أعلنت الساعة تمام الرابعة عصرًا كانت الأم وأغلب أفراد أسرتها وأهل زوجها في الشارع يبحثون عن «ملك» ويفتشون الأماكن التي من الممكن أن تكون قد ذهبت للهو واللعب فيها، ذهب البعض إلى أحد الأماكن المهجورة فيما تكفل آخر بنشر صورة الطفلة ونبأ اختفائها عبر إحدى المجموعات المُعنونة باسم القرية عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» لأجل توسيع قاعدة البحث عن الطفلة عسى أن يتم العثور عليها وتعود سالمة، لكن الساعات الباقية من اليوم لم تحمل سوى المزيد من القلق للجميع بأن مكروهًا ربما قد أصاب ابنتهم، وأن غيابها قد يتأرجح سببه ما بين الاختطاف وربما الفقدان.

كاميرات المراقبة

مرت الساعات التالية وانضم رجال الأمن إلى فريق البحث الشعبي والأسرى عن الطفلة المفقودة، قبل أن يتم الاستعانة بكاميرات المراقبة الموجودة في المنطقة، والتي فور مراجعة أجهزة التسجيل لإحدى الكاميرات؛ تبين أن الطفلة قد استدرجت إلى أحد المنازل القريبة من منزل الأسرة وأنها قد دخلت دون عودة حتى بدأ البحث عنها دون جدوى.

تم تضييق نطاق الفحص والبحث وبالتفتيش في المنزل الذي أظهرت الكاميرا دخول الطفلة إياه عثر على جثتها - الطفلة – فوق سطح المنزل في حالة يُرثى لها؛ إذ تبين من الوهلة الأولى أن الجثة قد مُثل  بها من جانب اليد التي أقدمت على قتلها وإزهاق روحها، فيما دلت المعاينة الأولية على سرقة القرط الذهبي الخاص بالطفلة المجني عليها من أذنيها.

توصلت التحريات وجهود رجال البحث الجنائي في مركز شرطة أبو كبير إلى أن وراء ارتكاب الجريمة طفلة تُدعى «دنيا. ص» طالبة في الصف الأول الثانوي الصناعي تبلغ من العمر نحو ستة عشر عامًا؛ والتي تبين أنها قد استدرجت الطفلة المجني عليها إلى منزل أسرتها وقت غياب الأسرة وأنهت حياة الصغيرة طمعًا في قرطها الذهبي، الذي حازته سرقةً من أذن القتيلة بعدما تخلصت من جثتها في مكان العثور عليها فوق سطح المنزل.

القبض على المتهمة

جرى ضبط المتهمة، وبمواجهتها أقرت بصحة ما أسفرت عنه التحريات، قبل أن تنهار أمام فريق النيابة العامة في مركز شرطة أبو كبير؛ لتشير إلى أنها قد استغلت غياب أسرتها عن المنزل واستدرجت الطفلة المجني عليها لأجل أن تسرق من أذنيها قرطها الذهبي، بيد أن الأمر انتهى بإقدامها على قتل جارتها الطفلة وسرقة قرطها الذهبي، وأنها – أي المتهمة - قد أتبعت جريمتها بأن تخلصت من جثة الطفلة المجني عليها في مكان العثور عليها.

في الوقت الذي كان فريق النيابة العامة يُجري تحقيقاته مع المتهمة كانت الجثة في طريقها إلى مشرحة مستشفى الأحرار التعليمي في مدينة الزقازيق عقب الانتهاء من المعاينة الجنائية، والتي بينت وقوع الجريمة بدافع السرقة؛ إذ تبين سرقة القرط الذهبي الخاص بالمجني عليها، وبالعرض على النيابة العامة في مركز شرطة أبو كبير قررت انتداب أحد الأطباء الشرعيين لتشريح الجثة وبيان سبب الوفاة وكيفية حدوثها، وطلبت تحريات إضافية من رجال المباحث الجنائية حول أسرة المتهمة ومدى صلتهم بالجريمة ووقت وقوعها، وعما إذا كان بينهم من يعرف بحدوث الجريمة من عدمه.

اصطحب فريق من النيابة العامة في مركز شرطة أبو كبير، مدعومًا بقوة أمنية مكبرة، الطفلة المتهمة إلى مكان وقوع الجريمة، وذلك لأجل تمثيل جريمتها؛ حيث تم فرض كردون أمني ومثلت المتهمة جريمتها على مرأى ومسمع من فريق النيابة العامة، وفور انتهاء تمثيل الجريمة تم اصطحاب الطفلة المتهمة من جديد وسط حراسة مُشددة إلى مركز شرطة أبو كبير، قبل أن تُصدر النيابة العامة قرارها بالتصريح بدفن جثة المجني عليها عقب الانتهاء من إجراءات التشريح من جانب الطب الشرعي، ليتم  تسليم الجثمان إلى ذوي الطفلة المجني عليها لدفنه عقب الانتهاء من الإجراءات القانونية اللازمة.

دموع الأهالي

في القرية كان المشهد صادمًا بحق والجميع في حالة انهيار حين وصل الجثمان محمولًا داخل إحدى العربات التابعة لمرفق إسعاف محافظة الشرقية، فيما كانت والدة الطفلة وسط جميع النسوة تبكي ولا تقوى حتى على التنفس غير مُصدقة أن ابنتها التي خرجت لأجل شراء كيس شامبو كي تستحم بين يديها قد عادت لها جثةً هامدةً ملفوفة في كفنها الأبيض ومقتولة تنتظر صلاة الجنازة عليها ودفنها، ولا تطلب شيئًا سوى القصاص.

انهارت الأم في بكائها دون أن تستطيع السيطرة على ألمها أو حزنها، فيما تكفلت جدة الطفلة بالحديث قبيل خروج الجثمان من المسجد الكبير في القرية عقب صلاة العشاء يوم الجمعة الماضية وتشييع الجنازة؛ إذ أكدت الجدة لـ «أخبار الحوادث» على أن ما حدث لا يجد كلمات تُعبر عن حجم ما سببه لهم من ألم الفقدان وكيف شعورهم وهم يدفنون أغلى الناس على قلوبهم جميعًا، بيد أنها -الجدة- تماسكت قبل أن تُصيح وكان حديثها هو الآخير قالت: «عارفين أن حقنا هيرجع بالقصاص حين تصدر المحكمة حكمها على القاتلة، بنتنا ملاك برئ شهيدة بإذن الله في الجنة». 

 

اقرأ أيضا : دفنها في السر.. الأمن العام يكشف غموض مقتل طفلة بالإسكندرية                                                                                                                                          الأم

;