إسرائيل تطارد 18 بقرة بزعم أنها تهدد أمنها القومى !

لقطة من الفيلم الوثائقى «المطلوبون الـ 18»
لقطة من الفيلم الوثائقى «المطلوبون الـ 18»

من باب السخرية من الكيان الصهيونى الإسرائيلى الهش ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعى نسخة من الفيلم الكارتونى الوثائقى «المطلوبون الـ 18» الذى عُرض لأول مرة عام 1914 فى أول تجربة إخراجية للمخرج الفلسطينى «عامر شوملى» وبمشاركة المخرج الكندى «بول كاون» فى إنتاج مشترك بين جهات إنتاجية من فلسطين وكندا وفرنسا، والمثير للسخرية الهزلية أن الفيلم يتناول قصة 18 بقرة اعتبرتها إسرائيل تهدد أمنها القومى !! 


القصة ليست خيالية بل هى قصة حقيقية ترجع إلى الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وقد يبدو الحديث عن 18 بقرة شكلت تهديداً لأمن إسرائيل القومى نوعاً من الكوميديا الهزلية التى تجعل الكيان الإسرائيلى يرتجف من 18 بقرة اعتبرها تهدد أمن الكيان القومى! 


يتناول فيلم «المطلوبون الـ 18» أحداثاً من الانتفاضة الفلسطينية الأولى، عندما تحدّت مزرعة أبقار فلسطينية الاحتلال الإسرائيلى، فى مرحلةٍ اتخذت فيها المقاومة الشعبية أشكالاً مختلفة عن السائد، ويعرض الفيلم القصة بشكل واقعى جاد تتجاوز طرافته حدود المنطق عندما يسرد شهود العيان والضباط الإسرائيليون السابقون تفاصيل الواقعة المثيرة التى شغلت فراغ العقل الإسرائيلى من قصة 18 بقرة وُلدت فى مستعمرة إسرائيلية وتم إحضارها إلى بيت ساحور، وأراد أهالى بيت ساحور أن يحققوا الاكتفاء الذاتى من منتجات الألبان، فعملوا على تأسيس تعاونية لإنتاج ما أُطلق عليه «حليب الانتفاضة»، ورافق ذلك قرار بمقاطعة جميع المنتجات الإسرائيلية، واتسعت الحملة لتشمل الاكتفاء الذاتى من المنتجات الزراعية أيضاً، ورفض أهالى البلدة دفع الضرائب للمحتل الإسرائيلى الذى جُنّ جنونه؛ ففرض حظر تجوّل واعتقل عدداً كبيراً من الأهالى خوفاً من امتداد أفكار بيت ساحور إلى بلدات فلسطينية أخرى.


ويروى لنا الفيلم كيف عبّر الأهالى عن تمرّدهم على الاحتلال حين فرض عليهم حظر التجوّل بحثاً عن البقرات، فحوّلوا جلسات السمر على الطريق إلى التواصل عبر شرفات المنازل؛ يتحدثون، ويضحكون، ويتبادلون الأخبار، وفى بعض الأحيان، يتفننون فى إغاظة المحتل عندما يشغلون أغنية لأم كلثوم فى الوقت نفسه، أو حين يصمّم أحدهم دميةً لبقرة ويعلقها فى سقف البيت، مما يثير استفزاز جندى الاحتلال، وتتجلى خفة الدم الفلسطينية فى المشاهد التى تصوّر البقرات، بتقنية الرسوم المتحركة، وتعطى اسماً ساخراً لكلّ بقرة. فتصوّرها فى البداية وهى قادمة من المستعمرة الإسرائيلية مع أحكامٍ مُسبقة نمطية. فى حوارٍ مع زميلتها، تقول إحدى البقرات إن الفلسطينيين كسالى ولا يجيدون سوى المظاهرات، وفى تقنية الرسوم المتحركة نفسها، سنشاهد كيف صارت البقرات تشعر بالامتنان تجاه أهالى بيت ساحور، لأن الأهالى يدافعون عنها ويهرّبونها من مكانٍ إلى آخر حين تصبح «مطلوبة» بين ليلةٍ وضحاها، وعلى مدى ساعةٍ و15 دقيقة، يصوّر الفيلم كيف جُنّ جنون جيش الاحتلال الإسرائيلى، وصار يبحث عن البقرات فى كلّ زاوية ومكان، وكيف يدور فى كلّ حى من بيت ساحور ليضع الملصقات التى تحمل صورة كل بقرة على الجدران، ووصل الأمر إلى استخدام مروحيات عسكرية لإيجادها، والعربات المصفحة التى تعلوها مكبرات الصوت، والتى كانت تمرّ فى أحياء بيت ساحور وهى تهدّد قائلة: «يا أهالى بيت ساحور، سلّموا الأبقار تسلموا».


استخدم فيلم «المطلوبون الـ 18» أسلوب السخرية والعبثية ليعبّر عن حالة الهستيريا الجماعية التى أصابت جنود الاحتلال وقتئذٍ، والتى وصلت إلى حدّ اعتبار هذه الأبقار «تهدّد أمن دولة إسرائيل»، كما جاء على لسان أحد الذين شاركوا فى أحداث بيت ساحور، ويختتم الفيلم الوثائقى أحداثه باستشهاد الشاب أنطون شوملى ابن بيت ساحور برصاص الاحتلال خلال مشاركته فى المظاهرة الشعبية الأخيرة بالبلدة، بعد توقيع اتفاقية أوسلو 1993، التى أنهت الانتفاضة والعصيان المدنى، والحدث الثانى الذى يختتم أحداث الفيلم فهو عثور جيش الاحتلال على البقرات المطلوبة التى يأخذها للذبح، وتقول البقرات فى حوارها الأخير إنه «تمت خيانتها من الإسرائيليين والفلسطينيين» فى إشارة إلى اتفاقية أوسلو!.. والفيلم نال جائزة لجنة التحكيم فى مهرجان السينما الدولى ومنتدى حقوق الإنسان عام 2015، وجائزة أفضل وثائقى ضمن مهرجان أبو ظبى 2014. 
من صفحة «عربى بوست»