فى السنوات الأخيرة، انطلقت حزمة من الحروب الحديثة والجديدة التى لم تبرز من قَبل فى الصراعات العسكرية، بجانب التطوير والتحديث للأنماط لبعض الحروب السابقة، التى أطلق عليها بعض الخبراء الاستراتيچيين كلمة حروب الجيل الرابع والخامس، والتى تهدف فى جوهرها إلى التأثير على الخصم، وفرض الإرادة عليه، دون الحاجة الملحة لاستخدام القوة العسكرية التى تعتمد على استخدام السلاح.
اشتملت هذه الحزمة الجديدة من الحروب على العديد من الأنماط والأشكال والأساليب والأدوات بتطبيقاتها ولو جزئياً، أصبحت لها تأثيرات واسعة الانتشار على أمن واستقرار الدول والشعوب فى العالم
تهدف هذه الحروب الحديثة، ومن خلال افتعال الأزمات وإحداث الكوارث وتوظيف القوة الناعمة بكثافة عالية إلى التأثير على البشر، وقتل العقل والوجدان، وباستخدام الأساليب والأدوات المختلفة، تسبب الهزيمة النفسية والإحباط واليأس والفوضى والتشرُّد وانهيار الحياة الآمنة.. وأيضاً انهيار مؤسسات الدِّول والكيانات، ونشر الأمراض والمجاعات، وتوقُّف عجلة التنمية وتطور الشعوب، وانتشار أعمال العنف والقتل بين الآمنين، وتخريب العقول ومصادر الحياة، وعدم شعور الإنسان بالأمن والأمان..
واستغلال التطرف الدينى والعقائدى، وزرع ونشر الفُرقة بين أطياف الشعب، وإفقاد الثقة فى كل الرموز المضيئة، وغرس ونشر أوجه الصراع المختلفة، والتحكم فى مسيرة الشعوب والدول، وإفقادها لقدراتها العسكرية التى تحمى كيان الدولة، والتركيز على خلق أجيال جديدة من الشباب، لا تدين بالولاء والانتماء والتمسك بالقيم والتقاليد الراسخة، التى تعطيهم القوة فى الذَّود عن الأوطان، وأيضًا العمل على عدم قيام الدول الوطنية القوية القادرة على حماية كيانها وشعبها.
هذا بجانب السعى والعمل على إيجاد أنماط من الحياة البشرية، التى يمكن التحكم فى توجهاتها ومسيرتها.
تبرُز الأهمية البالغة لمدى القدرة على التنبؤ والتقدير السليم والدقيق للنتائج والتبِعات التى يمكن أن تُحدثها هذه الحروب.
إن الوعى والإدراك المستقبلى لتأثيرات هذه الحروب الشيطانية، يستدعى بالضرورة الاهتمام البالغ والمستمر بتحصين الشعب بأطيافه المختلفة، والتمسك بوحدة الكل كيدٍ واحدة قوية، والحفاظ على قوة الدفع بمناحى التنمية الشاملة فى كل أركان الوطن، مع الثقة فى النفس والقدرات المصرية الراسخة والعظيمة، بأنها ستظل أبداً منيعة على هذه المخططات الشيطانية الهدامة.
محافظ شمال سيناء الأسبق
