كان المشهد الجارى على مرأى ومسمع من العالم كله طوال الأيام التسعة والأربعين يوماً، التى استغرقها العدوان الإسرائيلى الغاشم واللاإنسانى على الشعب الفلسطينى فى الأراضى المحتلة، مثيرًا لموجة عارمة من الغضب والألم، وداعيًا للاستنكار والرفض لعمليات القتل والدمار التى تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلية، ضد النساء والأطفال والمواطنين العزل.
ولكن المشهد كان فى ذات الوقت كاشفًا عن مدى الكذب والخداع، التى تمارسه القوى الدولية الكبرى التى وقفت مساندة للعدوان وداعمة له، رغم أنها ظلت طوال الأعوام الماضية منذ منتصف القرن الماضى وحتى اليوم، تمارس الكذب العلنى على كل شعوب ودول العالم، وتدعى أنها المدافع الأول عن حقوق الإنسان فى كل مكان، والراعى الأول لحقوق وحريات الشعوب فى تقرير مصيرها.
ولكن للأسف ثبت بالدليل الحى مخالفة هذه الإدعاءات للحقيقة طوال التسعة والأربعين يومًا التى استغرقها العدوان، حيث كانت آلة الحرب والقتل والدمار الإسرائيلية تمارس عملها الإجرامى، فى هدم المنازل والمنشآت على رءوس أهلها، وتقوم بتدمير وتخريب كل صور الحياة فى القطاع، دون أن تتحرك هذه الدول الكبرى التى صدعت رءوسنا والعالم كله بدفاعها الوهمى عن حقوق الإنسان والحريات الإنسانية.
وقفت هذه القوى موقف المتفرج، بل المؤيد والمبارك للعدوان، ولجرائم الإبادة التى تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.
ورأينا هذه القوى الكبرى تتبارى وتتسابق فى إعلانها، عن حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها،...، وذلك دون خجل بل فى صفاقة وتبجح،...، وحتى عندما استشعرت موقفها المخزى دعت إلى التهدئة ولكنها رفضت الموافقة على استصدار قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار . وهكذا كانت التسعة والأربعون يومًا كاشفة لحقيقة موقف تلك القوى، تجاه حقوق الإنسان وحريات الشعوب.