بدون تردد

القوى‭ ‬العظمى وحقوق‭ ‬الإنسان

محمد بركات
محمد بركات

كان‭ ‬المشهد‭ ‬الجارى‭ ‬على‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬طوال‭ ‬الأيام‭ ‬التسعة‭ ‬والأربعين‭ ‬يوماً،‭ ‬التى‭ ‬استغرقها‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬الغاشم‭ ‬واللاإنسانى‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطينى‭ ‬فى‭ ‬الأراضى‭ ‬المحتلة،‭ ‬مثيرًا‭ ‬لموجة‭ ‬عارمة‭ ‬من‭ ‬الغضب‭ ‬والألم،‭ ‬وداعيًا‭ ‬للاستنكار‭ ‬والرفض‭ ‬لعمليات‭ ‬القتل‭ ‬والدمار‭ ‬التى‭ ‬تمارسها‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ضد‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬والمواطنين‭ ‬العزل‭.‬

ولكن‭ ‬المشهد‭ ‬كان‭ ‬فى‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬كاشفًا‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬الكذب‭ ‬والخداع،‭ ‬التى‭ ‬تمارسه‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى‭ ‬التى‭ ‬وقفت‭ ‬مساندة‭ ‬للعدوان‭ ‬وداعمة‭ ‬له،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬ظلت‭ ‬طوال‭ ‬الأعوام‭ ‬الماضية‭ ‬منذ‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضى‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم،‭ ‬تمارس‭ ‬الكذب‭ ‬العلنى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬ودول‭ ‬العالم،‭ ‬وتدعى‭ ‬أنها‭ ‬المدافع‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬والراعى‭ ‬الأول‭ ‬لحقوق‭ ‬وحريات‭ ‬الشعوب‭ ‬فى‭ ‬تقرير‭ ‬مصيرها‭.‬

ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬ثبت‭ ‬بالدليل‭ ‬الحى‭ ‬مخالفة‭ ‬هذه‭ ‬الإدعاءات‭ ‬للحقيقة‭ ‬طوال‭ ‬التسعة‭ ‬والأربعين‭ ‬يومًا‭ ‬التى‭ ‬استغرقها‭ ‬العدوان،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬آلة‭ ‬الحرب‭ ‬والقتل‭ ‬والدمار‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تمارس‭ ‬عملها‭ ‬الإجرامى،‭ ‬فى‭ ‬هدم‭ ‬المنازل‭ ‬والمنشآت‭ ‬على‭ ‬رءوس‭ ‬أهلها،‭ ‬وتقوم‭ ‬بتدمير‭ ‬وتخريب‭ ‬كل‭ ‬صور‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬القطاع،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬التى‭ ‬صدعت‭ ‬رءوسنا‭ ‬والعالم‭ ‬كله‭ ‬بدفاعها‭ ‬الوهمى‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحريات‭ ‬الإنسانية‭.‬

وقفت‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬موقف‭ ‬المتفرج،‭ ‬بل‭ ‬المؤيد‭ ‬والمبارك‭ ‬للعدوان،‭ ‬ولجرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬التى‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطينى‭ ‬فى‭ ‬غزة‭.‬

ورأينا‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬تتبارى‭ ‬وتتسابق‭ ‬فى‭ ‬إعلانها،‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها،‭...‬،‭ ‬وذلك‭ ‬دون‭ ‬خجل‭ ‬بل‭ ‬فى‭ ‬صفاقة‭ ‬وتبجح،‭...‬،‭ ‬وحتى‭ ‬عندما‭ ‬استشعرت‭ ‬موقفها‭ ‬المخزى‭ ‬دعت‭ ‬إلى‭ ‬التهدئة‭ ‬ولكنها‭ ‬رفضت‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬استصدار‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ . ‬وهكذا‭ ‬كانت‭ ‬التسعة‭ ‬والأربعون‭ ‬يومًا‭ ‬كاشفة‭ ‬لحقيقة‭ ‬موقف‭ ‬تلك‭ ‬القوى،‭ ‬تجاه‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحريات‭ ‬الشعوب‭.‬