صاحبة «لعبة البيت»: الحنين يصنع الزمن أحيانًا!

إيمان جبل
إيمان جبل

ماذا يحدث إذا سجنت شخصًا داخل غرفة ليكتب رواية، سؤال طرحته الأديبة إيمان جبل في روايتها «لعبة البيت»، تحكى عن سيدة تدعى «ليلى»، عاجزة عن كتابة حكايتها الخاصة، فتقرر أن تسجن ابنة أخيها الموهوبة في حجرة، وترغمها على كتابة رواية في غضون خمسة أيام، فهل ستنجح أم لا؟، وهل «ليلى» شخص سيئ أم لا؟، في السطور التالية تتحدث إيمان عن روايتها:

هل روايتك تُعبِّر عن الأفكار المقيدة داخل رأس الأديب؟
- خرجت فكرة الرواية ضمن حيز رؤيتى للسجن كفكرة، كنمط حياة، الكتابة عن السجون تسكن رأسي منذ أعوام طويلة، وفى كل مرة تُحوِّر نفسها فى قالب مختلف، وكأنها عجينة بالإمكان تقطيعها بأشكال جديدة ومتطورة، بشكل شخصي، أتمنى أن تتوقف هذه الفكرة عن النمو والتشعب داخل رأسي، لا أحب أن أفنى عمري، وأنا أكتب عن الخوف فى حدود الجدران.

كيف جاء تصورك للبيت وشخصية «ليلى»؟
- أنا مغرمة بفكرة البيت، وأحب الكتابة عن البيت، وشخصية «ليلى» مثلها مثل أى شخصية فى الرواية تحمل شِقًّا أصيلًا من روحي.

هل الأديب يحتاج إلى شخص يرغمه على كتابة الرواية؟
- لا يحتاج الأديب إلى شخص يرغمه على الكتابة، ولكن ربما تدفعه ظروف معينة إلى الكتابة، وربما توجهه بشكل مباشر للبحث عن مخرج من خلال اللغة مثلما فعلت «ليلى» طوال حياتها، سواء بكتابة المذكرات، أو بكتابة رواية عن السجن.

 ذكرت جملة «الصور محاولة تجميد الزمن»، فكيف يحدث ذلك؟
- تجمد الصور الزمن بتثبيت اللحظة، وتجميد الزمن فى رواية «لعبة البيت» -الصادرة عن دار دون للنشر- كان فعلاً يشبه الموت، فالعائلة لم تكن تثق فى الزمن، لم تكن تصدقه، فكانت توثق مروره عليها بدليل قاطع.

ذكرت جملة أن «الصور نتغذى عليها أو تتغذى علينا»، فكيف يحدث ذلك؟
- نتغذى على الصور، على الزمن داخل الصور فى فعل حسرة مضاعفة، حسرة ما لم نعشه، وحسرة ما سيضيع دون أن نتمكن من الإمساك به، تتغذى الصور علينا، بأن تحبسنا، وتحبس أحلامنا بداخلها.

بطلة الرواية صنعت عالمها من خلال دفتر اليوميات، كيف يستفيد الإنسان من دفتر اليوميات؟
- بإمكان دفتر اليوميات أن يكون وجهة الواحد منا خلال الأيام المُضَلِّلَة، أستخدم دفتر اليوميات بشكل شخصي، وبصفة شبه يومية من أجل حماية عقلى من الزمن، ومن التجارب البشعة، فى الأيام التى أفقد فيها صوت العقل، أستدل على نفسى بالصوت الحقيقى النابع من الكتابة، حتى ولو كان صوتًا خافتًا، إلا أنه البوصلة الوحيدة الآمنة لي.

 والد الشخصية الرئيسية «ليلي»، سجنها فى غرفة حتى تكتب قصة لتثبت وجودها، فهل الإنسان يكتب الانسان قصة لهذا الغرض؟
 - نعم، ربما يكتب الإنسان من أجل إثبات وجوده، من أجل إثبات حقيقة ما، من أجل تثبيت إدراكه، من أجل حماية وعيه داخل التجارب الرديئة، فى أحيانٍ كثيرة قد تكون الكتابة فعل تمكين وتهيئة.. فعل نجاة أصيلة.

شعرت «ليلى» بأن الجميع يستفيد من حياتها، كأنها سلة قمامة، يلتقطون إحدى المخلفات ويجرى إعادة تدويرها، فمتى يصبح الإنسان مجرد مقلب نفايات؟
- حين يعجز عن رؤية المخرج، حينما يكون سجين الآخرين، سجين مخاوفهم، هلاوسهم، شكوكهم، وتطلعاتهم.

ذكرت أن الحنين نصنع به زمنًا آخر، كيف يستطيع الحنين فعل ذلك؟
- فى حيز مثل حيز السجن داخل لعبة البيت، صنعت «ليلى» من الحنين حياة كاملة تدور فيها حينما تُفقدها حياة السجن إنسانيتها، الحنين يصنع الزمن، حينما يموت زمننا، فنستشهد على قيمتنا ووجودنا بالرجوع إلى زمن جربنا الحياة الأصلية من خلاله.

 أسماء الشخصيات والشهور كانت أجنبية جعلتنى أتساءل.. هل الأحداث جرت فى مصر أم فى بلد آخر، وهل ما حكته «ليلى» حقيقى أم خيالى؟، فما تعليقك؟
- كل الحكايات التى كتبتها «ليلى» قصص حقيقية بغرض الاحتماء من الحقيقة نفسها، سواء فى المذكرات، أو فى رواية البيت، هل سمعت من قبل عن الحكى بغرض الاحتماء من الحكاية نفسها؟ لا شيء بإمكانه حماية الإنسان من عُنف الحقيقة سوى إدراكه لوحشية ما حدث له.

إذا جرى حبسك فى غرفة لمدة خمسة أيام، فماذا ستكتبين؟
- ‏سأكتب - قطعًا- عن السجن، وسأرسم حلمًا عظيمًا فى مديح أطواق النجاة.