بدون روتوش

فيصل مصطفى يكتب: هدنة غزة

فيصل مصطفى
فيصل مصطفى

أخيرا وبعد قرابة 50 يوما ، تم التوصل إلى إتفاق هدنة إنسانية مؤقتة لمدة 4 أيام  ، تبدأ صباح الجمعة بين  الفلسطينيين والإسرائيليين .

هذه الهدنة القصيرة ، والتى تحقق حد أدنى من المكاسب للطرفين  ، جاءت ثمرة لجهود جبارة بذلتها كل من مصر وقطر فى التفاوض المضنى مع أمريكا وإسرائيل حتى تم التوصل إليها .

تنص الهدنة على المستوى العربى الفلسطينى ، على إيقاف القتال والقصف المتواصل  لمدة 4 أيام كاملة

سيتم إدخال   ٢٠٠ شاحنة يومياً للقطاع ، أى ما يوازى ٨٠٠ شاحنة خلال الأيام الأربعة ، بما تحمله من مواد غذائية ومؤن ومياه ووقود  وأجهزة ومعدات طبية وغير ذلك من الأمور ، وهو ما يعطى فرصة للراحة والتنفس لأهلنا فى غزة ، وفى الوقت نفسه يسمح بعلاج عشرات الألوف من المصابين ، ويمنع المجاعة  ، ويوفر ولو الحدود الدنيا من الطعام والمياه والدواء اللازم لإنقاذ آلاف الأرواح . ويسفر  هذا الإتفاق أيضا  عن خروج 150 سيدة وطفل فلسطينى من الأسرى المعتقلين فى السجون  الإسرائيلية ، وبالتالى يحقق نتائج طيبة للمقاومة على مستوى الواقع العملى فى غزة .

بجانب أنه يحقق لها مكاسب سياسية وأدبية ومعنوية وإعلامية على مستوى العالم ، حيث أجبرت إسرائيل وأمريكا أكبر دولة فى العالم على التفاوض المباشر معها والاعتراف بها والوصول معها إلى إتفاقات وهى مكاسب سياسية ضخمة ، تؤكد أن المقاومة رقم فاعل ، ولا يمكن تجاهله فى الواقع الفلسطينى و فى واقع الصراع العربى الإسرائيلى .

أما بالنسبة للمكاسب التى حصل عليها الطرف الإسرائيلى ، فهى عديدة ، وأهمها أن وقف إطلاق النار ،  أدى إلى إنقاذ  أرواح جنوده ، الذين كانوا يتساقطون ويُقتلون يوميا على أيدى  حماس ،  وأعطاهم  فرصة  لالتقاط الأنفاس .

وأيضا  الإفراج عن 50 رهينة من النساء والأطفال الإسرائيليين المدنيين ، يخفف الضغط نسبيا على حكومة إسرائيل ، ويهدئ ولو قليلا من غضب الرأى العام هناك ، وبالتالى فهى مكاسب للجانبين .

هذه مكاسب ما كانت تتحقق لولا الجهود المصرية القطرية المكثفة والهائلة والتى أسفرت وأثمرت عن هذا الإتفاق ، خاصة وأن تبادل الأسرى من الجانبين ، سوف يكون عبر معبر رفح المصرى كضمانة للطرفين حتى لايغدر طرف بآخر ، وهو ما يؤكد مكانة مصر وأهميتها وتأثيرها ونفوذها ودورها المحورى الذى لايمكن الإستغناء عنه ، كما يؤكد أيضا أهمية التنسيق  والعمل العربى الجماعى أو حتى شبه الجماعى للوصول إلى نتائج مرضية وطيبة للجانب العربى . وهذا ما وضح جليا فى التنسيق المصرى القطرى الفلسطينى المشترك والذى وصل إلى هذه النتائج الطيبة المعقولة ، التى قد تكون بداية لهدنة طويلة ومفاوضات سياسية عميقة ، قد تؤدى فى النهاية إلى إقامة دولة فلسطينة ، وفقا لقرار القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية ،  التى إنعقدت مؤخرا فى العاصمة السعودية الرياض  .

 وقد تكون هذه الهدنة ، هى الوحيدة التى يمكن أن ينتج عنها إستئناف وجولة جديدة من القتال  . وقد يتم تجديدها  لمدة أخرى مماثلة أو أكثر قليلا  . كل الاحتمالات واردة وقائمة .

ولكن ما يمكن استخلاصه ببساطة هى حقيقة واضحة ساطعة كالشمس وهى الدور المصرى المحورى وأيضا القطرى وأهمية التنسيق العربى والمتمثل فى درجة التنسيق القوية بين مصر وقطر وفلسطين وأيضا الأردن التى شاركت بدور ما فى المفاوضات والتى وصلت إلى هذه النتيجة .

قد تكون هذه الهدنة  بالتأكيد ليست نهاية المطاف ، ولكنها قد تكون بداية جيدة ، لأنها تحمل فى طياتها إنتصارا أكيدا للمقاومة وتحقيقا لبعض أهدافها ،  والتى بدأت فى 7 أكتوبر الماضى ، وما زالت مستمرة ، ولايعلم أحد ما سوف تكون عليها فصولها المقبلة .

 علينا أن ننتظر ونراقب الأحداث ، ونرى ما سوف تصل إليه الأمور  .