أرمنيوس المنياوي يكتب: أحشويروش ومستشار السوء 

أرمنيوس المنياوي
أرمنيوس المنياوي

الملك أحشويروش قرأت عنه في سفر أستير من الكتاب المقدس في عهده القديم.وكانت مملكته عظيمة جدا،فقد أتسعت من الهند إلى كوش أي إلى بلاد النوبة وكردفان جنوب مصر بل أنه يقال أنها وصلت إلى شمال إثيوبيا، فقد كان ملكا على 127 ولاية. وكان يتم  تقسيم المملكة إلى ولايات لكي يسهل على الملك سيطرته وبقي في الملك من 486-465 ق.م
 يذكر للملك أحشويروش أنه قام بحملة على اليونان سنة 481 ولكن في السنة التالية كان قد دُمر اسطوله الكبير في موقعة سلاميس، وتكبد جيشه هزائم فادحة. حتى عاد إلى فارس سنة 478.
وقد تميز عهده بالفجور وإراقة الدماء إلى أن إنتهت حياته بالقتل في سنة 465 ق.م
وأحشويرش هو أسم روماني ومعناه باليونانية زركسيس  وبالفارسية أردشير.
وقد أقام في حياته حفلتين كبيرتين إحداهما لرؤساء الولايات التي كان يملك عليها وأستمرت 180يوما وأخرى لشعوب تلك الولايات، وأستمرت 7 أيام، وحسبما ورد في سفر أستير فإن حفلة الرؤساء أقيمت في شوشن القصر وهي عاصمة عيلام وقد كانت العاصمة الشتوية لملوك فارس، وهي تشبه مدينة الأقصر لدينا، أما حفلة الشعب فقد كانت في حديقة القصر.
ومثلما أقام الملك أحشويرش حفل للرجال أقامة زوجته الملكة " وشتي " حفلة للنساء كما جرت العادة الملوكية في ذلك الوقت.
وحدث أن الملك طاب قلبه بالخمر وفقد اتزانه لدرجة أنه طلب خصيانه السبعة أن يأتوا بزوجته الملكة لكى يرى ضيوفه من الرؤساء جمالها حتى لو كانوا سكاري.
لكن الملكة أبت ذلك وفضلت أن تصون كرامتها ورأت أن ما طلبه الملك في سكره لا يصح. فأغتاظ الملك جدا ولجأ إلى أحد مستشاريه وكان أسمه " مموكان" والذي أرضي برأيه غرور الملك وقال له سيدي الملك أن الملكة لم تخطئ في حق سيدي الملك فقط بل أنها أخطأت في حق الرؤساء من الضيوف والشعب أيضا برفضها أن تلبي طلب الملك، بل وزاد من مشورته السيئة بأن قال بل أن الأمر لن يقف عند هذا الحد لو شاع هذا الخبر وهذا ماحدث بالفعل وإن النساء سوف يعصن رجالهن " لأَنَّهُ سَوْفَ يَبْلُغُ خَبَرُ الْمَلِكَةِ إِلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ، حَتَّى يُحْتَقَرَ أَزْوَاجُهُنَّ فِي أَعْيُنِهِنَّ عِنْدَمَا يُقَالُ: إِنَّ الْمَلِكَ أَحَشْوِيرُوشَ أَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِوَشْتِي الْمَلِكَةِ إِلَى أَمَامِهِ فَلَمْ تَأْتِ".
ولابد وأن يصدر أمر ملكي بأن يأتي بمن هي افضل منها حتى يعود وقار السيدات لأزواجهن من جديد.
" مموكان " كان يعرف طبيعة ونفسية الملك وقد أراد أن يُسْمِعه ما يريده، حتى وإن كان مخالفًا للعدل، وفي سبيل ذلك أعطى لقراره تفسيرًا اجتماعيًا تمثل في الحفاظ على هيبة الرجل في أسرته، لكي يطمئن قلب الملك مبررا لحكمة، بل أن  غضب الملك هو واجب عام، وهذا ما يمكن أن تفعله المشورة الفاسدة من خلال صديق فاسد  وجبان، بدلا من أن يأصل في فكر الملك أن ما فعلته سيدتي الملكة كان حسنا جدا لأن الحضور كانوا سكاري ولايليق بأى حال من الأحوال أن يكون حضور الملكة في مثل هذا  الإحتفال لائقا بجلالة الملك وبالشعب الذي هي تعتبر النموذج والقدوة لهم ..لكن ماذا نفعل وتفعل الملكة وشتي أمام مستشارين السوء والضغينة..فقد حدث وإن كان كما ذكر فيما بعد أن الملك قد ندم على فعلته هذه في حق زوجته الملكة ولكن ماذا يفيد الندم بعد فوات الأوان. كم مستشار للسوء في هذا الأيام ..بكل تأكيد يصعب إحصائهم.