قريبًا من السياسة

تحرك مصرى حكيم وواعٍ

محمد الشماع
محمد الشماع

فى حربها ضد غزة التى تجاوزت كل الشرائع الدولية الخاصة بالاشتباك العسكرى، إذ أن إسرائيل تضرب المستشفيات عن عمد، وتضرب المدارس التى التجأت إليها الأسر الفلسطينية، وهى تعلم أنها تصيب بقذائفها لحمًا بشريًا، ولكنها تبعث برسالة إلى سكان غزة.

إنه لا يوجد مكان آمن يستطيعون الالتجاء إليه، وليس أمامكم إلا الفرار جنوبًا بالاتجاه إلى الحدود المصرية، ثم بعد ذلك تقوم بهدم المبانى وتسويتها بالأرض، وذلك لأنها لا يمكن أن تدخل الشوارع بجنودها، فهى تعلم أن القناصة سيصطادون جنودها، لذلك هى تعتمد على سياسة حرق الأرض، وهذا يعنى أن ندفع بأكثر من مليونى فلسطينى باتجاه الحدود المصرية.

ورغم أن القيادة المصرية قد أعلنت فى حسم أنها ترفض صفقة القرن وأنها لن تسمح بنكبة أخرى يتشرد فيها الفلسطينيون، ورغم أن القيادات الفلسطينية بدورها أعلنت أنها لن تغادر أرض غزة وأرض الضفة الغربية، إلا أن إسرائيل ماضية فى سحق البشر وهدم المبانى وإزالة المدينة من على الأرض، لكى تفرض أمرًا واقعًا لا يجد الفلسطينيون فيه مفرًا إلا الأراضى المصرية!

ذلك تحديدًا هو عمق الأزمة التى تضعها إسرائيل والتى تحاول بها أن تغير خريطة المنطقة، وذلك ما يستدعى منا أكبر قدر من اليقظة والاستعداد لأن مصر لا تستطيع أن تقبل انتهاك سياستها بأى ثمن وقد عبر الرئيس عبد الفتاح السيسى عن ذلك بعبارات قاطعة. ذلك ما يرفع درجة الحرارة فى المنطقة إلى أقصاها.

المسألة إذن ليست اشتباكا عسكريا بين المقاومة الفلسطينية وبين سلطة الاحتلال، ولكنه ما تفعله إسرائيل يهدد بإشعال النار فى كل المنطقة العربية.

وقد نجحت القيادة المصرية فى إجهاض المخطط الإسرائيلى. وكان آخرها ما أعلنته الولايات المتحدة الأمريكية بالأمس إذ أنها تدعو إلى «حل الدولتين» وهذا تطور فى الموقف الأمريكى والموقف الغربى بشكل عام.

وأنه إذا صدقت النوايا يعنى تخلى أمريكا عن صفقة القرن، وكلنا يعلم أن إسرائيل مهما بلغت من وقاحتها فإنها لا تستطيع أن تعصى أمرًا لأمريكا التى ترعاها وتمدها بالمال والسلاح.

كل التحية وكل الدعم للدبلوماسية المصرية التى تتحرك بحكمة ووعى بين خطوط النار المشتعلة.