4500 قُتلوا في الهجوم على القطاع| الدماء تلطخ يوم الطفل العالمي بالعار

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: حسن حافظ

يحتفل العالم بيوم الطفل فى 20 نوفمبر من كل عام، لكن لا احتفال اليوم ودم الطفل الفلسطيني على الأرض مسفوك، ومناظر أشلاء أطفال غزة تقطع نياط القلوب، والوحشية الإسرائيلية تطارد بأحدث الأسلحة الأمريكية أطفالًا عزلاً يحتمون بالمدارس والمستشفيات، فعن أى احتفال تتحدث البشرية؟ وعن أى أطفال تدافع المنظمات الدولية؟ وأى عار يلاحق الجميع على ترك العصابات الصهيونية تمرح فى أجساد أطفال غزة تقتل وتقطع وتشوه بلا ضمير ولا محاسبة؟

◄ تعلموا اللعب على أنغام الصمود واستخدام الحجارة فى المقاومة

◄ محاولات عصابات الصهيونية لكسر إرادتهم باءت بالفشل

رغم بشاعة ما يجرى فى غزة هذه الأيام من استهداف أهالى القطاع بغزو بربرى إسرائيلي، أسفر عن مقتل نحو 12 ألفا، منهم نحو 4500 طفل، فإن المتتبع لتاريخ العدوان الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية المحتلة، سيكتشف أن هناك سياسة صهيونية متبعة وهى محاولة كسر عزيمة أطفال الفلسطينيين عبر استهدافهم واعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم، لكسر شوكة أجيال المستقبل وترويضهم بالعنف والقهر والوحشية، لكن شعب المقاومين يفشل كل مرة هذا المخطط الخبيث، إذ تعلم أطفال الحجارة الصمود وكيفية مواجهة ألاعيب الاحتلال القذرة، كل مرة تظن عصابات الصهيونية أنها كسرت إرادة الشعب الفلسطيني، يخرج أطفال من تحت الأرض يكتبون صفحة جديدة من صفحات المقاومة الخالدة، أيام الانتفاضة الأولى في الذاكرة، وأطفال يقاومون بالحجارة، فعرفت باسم انتفاضة الحجارة، والانتفاضة الثانية حاضرة ومشهد مقتــــل الطفل محمد الدرة عالق بالأذهان.

المجتمع الفلسـطينى مجتمع شاب، أكثر من نصفه من الأطفال، بحسب علا عوض، رئيسة الإحصاء الفلسطيني، التي استعرضت فى يوم الطفل الفلسطينى أبريل الماضى بعض الحقائق عن الطفل الفلسطيني، إذ يبلغ عدد الأطفال دون 18 سنة نحو 2.39 مليون طفل، منهم 1.22 مليون ذكر، و1.17 مليون أنثى، وتشكل نسبة الأطفال حوالى 44% من إجمالى السكان (41% فى الضفة الغربية و47% فى غزة، أى نحو مليون طفل فى القطاع المحاصر)، لافتة إلى أنه تم اعتقال 882 طفلا دون سن 18 عاما، من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلى فى 2022، ولا يزال هناك 150 طفلا داخل سجون الاحتلال، حيث يعيشون ظروفاً اعتقالية تخالف قواعد القانون الدولى واتفاقية حقوق الطفل وفى حالة حرمان من طفولتهم بما فيها مواصلة دراستهم، فيما ارتقى 56 طفلاً شهيداً خلال 2022.

◄ سياسة معتمدة
وتعد سياسة استهداف الأطفال رسمية فى إسرائيل، التى أقرت عدة قوانين تخالف كل الأعراف الدولية، تتعلق بشرعنة محاكمة الأطفال دون سن الرابعة عشرة، وقانون آخر يتعلق بمحاكمة الأطفال راشقى الحجارة، لذا لم يكن غريبا أنه منذ احتلال الضفة والقطاع فى 1967، أن يخوض أكثر من 50 ألف فلسطينى من الجنسين، تجربة الاعتقال بسجون إسرائيل، كما ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، يناير الماضي، أنه منذ ديسمبر 2021، أصبح مسموحا للجنود بإطلاق النار على الفلسطينيين الفارين إذا ألقوا حجارة أو زجاجات حارقة سابقا. 

إنها حقائق تعرفها جيدا المنظمات الدولية، إذ قال بيل فان إسفلد، المدير المشارك لقسم حقوق الطفل فى «هيومن رايتس ووتش» صراحة: «تقتل القوات الإسرائيلية الأطفال الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال بوتيرة متزايدة. ما لم يضغط حلفاء إسرائيل، لا سيما الولايات المتحدة، على إسرائيل لتغيير مسارها، فسيُقتل المزيد من الأطفال الفلسطينيين»، لافتا إلى توثيق عدة حالات لقتل القوات الإسرائيلية أطفالاً عبر إطلاق النار على الجزء العلوى من الجسد، دون إصدار إنذارات أو استخدام وسائل شائعة أقل فتكا كالغاز المسيل للدموع أو قنابل الصوت أو الرصاص المطاطي.

 

◄ اقرأ أيضًا | مرصد الأزهر: «أنشودة الشر» انعكاس واضح لنوايا الصهاينة واستغلال لبراءة الأطفال

ويشير تقرير «هيومن رايتس ووتش» على أن السلطات الإسرائيلية استخدمت القوة المفرطة ضد الفلسطينيين فى عمليات حفظ الأمن على مدى عقود، ودائما ما تتقاعس السلطات عن محاسبة قواتها عندما تقتل قوات الأمن الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، فى ظروف لم يكن فيها استخدام القوة القاتلة مبررا بموجب المعايير الدولية، وأن عمليات القتل تحدث فى سياق ترتكب فيه السلطات الإسرائيلية جرائم ضد الإنسانية تتمثل فى الفصل العنصري والاضطهاد ضد الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال.

◄ مشروع مقاوم
هذه السياسات الوحشية لمحاولة تدجين أجيال المستقبل فى فلسطين المحتلة لم تؤت أُكلها، فأطفال فلسطين فى كل جيل كتبوا ملاحم فى كتاب المقاومة، ودفع ضريبة الدم بكل فخر وثبات يحسدهم عليه الرجال، ففى وقت اعتقد البعض أن القضية الفلسطينية انتهت فى نهاية ثمانينيات القرن الماضي، خرج أطفال فلسطين لا يحملون إلا حجارة صغيرة يقذفون بها المحتل المدجج بالسلاح، فكانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى (من ديسمبر 1987 حتى 1993)، التى شهدت بطولات من أطفال فلسطين الذين عرفوا بجيل أطفال الحجارة، والذين لم تجد قوات الاحتلال أمام شجعاتهم إلا أساليب خسيسة اعتمدت سياسة تكسير العظام، عبر ضرب الأطفال بالهراوات لتكسير أياديهم وأرجلهم، لكن الشعب الفلسطينى بأطفاله الشجعان أفشل هذه السياسة حتى أقر العدو بنصرهم ووقع اتفاقية أوسلو 1993 التى اعترف فيها الكيان المحتل بحقوق الشعب الفلسطيني.

وعندما اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية (سبتمبر 2000 حتى فبراير 2005)، شارك أطفال الفلسطينيين فيها بقوة، ووقفوا فى الصفوف الأولى دفاعا عن الأرض، ورفضا لمحاولات الصهيونية الاستيلاء على المسجد الأقصى وتهويده، لذا عرفت باسم انتفاضة الأقصى، وخلال سنوات الانتفاضة واصلت آلة الإجرام الإسرائيلى استهداف الأطفال، إذ وثقت هيئة شئون الأسرى والمحررين الفلسطينية، 18 ألف حالة اعتقال لأطفال من إجمالى 126 حالة اعتقال خلال فترة الانتفاضة، فيما قتل عشرات الأطفال، ويظل مشهد قتل الطفل الفلسطينى محمد الدرة (11 عاما) على الهواء مباشرة وهو فى حضن والده، واحدا من أكثر المشاهد تعبيرا عن الوحشية الإسرائيلية واستهدافها المتعمد للأطفال.

◄ إرادة لا تلين
ورغم كل هذا الألم على ضحايا الفلسطينيين من الأطفال، فإن الأجيال الصغيرة كبرت ومن كان يحمل الحجارة فى مواجهة المحتل الغاشم، بات يحمل البندقية والصواريخ والمقذوفات، ومن حاولت عصابات الصهيونية كسر إرادته صغيرا عاد وأثار فيها الرعب وهو شاب، فأطفال فلسطين كتبوا، ولا يزالون، قصة مقاومة من فصول ناصعة البياض، لا تكسرهم محاولات القتل والتشريد والتجويع والحصار، ولا يحبطهم خذلان ومتاجرة البعض بقضيتهم، فهم على الدرب سائرون وبسلاح المقاومة متمسكون، ولمخططات الاحتلال الإسرائيلى محبطون، وهم فى يوم قريب منتصرون.