بـ ..حرية !

الدم الكذب

محمد عبد الحافظ
محمد عبد الحافظ

دأب الكيان الصهيونى على الكذب، ودائما ما يفعل مثلما فعل أخوة يوسف عندما ألقوه فى الجُب وجاءوا على قميصه بدم كذب، وهكذا كانت الفبركة التى فعلها بعد يوم ٧ أكتوبر والتى انطلت على أمريكا ورئيسها وروجوا أن المقاومة الفلسطينية ذبحوا النساء والأطفال، ثم روجوا أن حماس تختبئ فى المستشفيات، وبدأوا فى حرب الإبادة على المدنيين العزل فى غزة، وقاموا بقتل ٥ آلاف طفل و١٠ آلاف من النساء والمدنيين والمرضى، إضافة إلى ٢٥ ألف مصاب فى طريقهم إلى الموت، ومازال عدد المفقودين تحت ركام المبانى غير معلوم، وأفرغوا شمال غزة من قاطنيها وأعادوا احتلالها، وقطعوا المياه والكهرباء عن القطاع، فمن لم يمت بالقنابل مات بالرصاص ومن لم يمت بالرصاص مات حرقا ومن لم يمت حرقا مات مصابا ومن لم يمت مصابا مات جوعا ومن لم يمت جوعا مات عطشا.. والعالم ما بين مندد وشاجب وداعم ومتفرج!.

٤٥ يوما مرت على بدء الإبادة الممنهجة والمخططة سلفا، فالهدف الاستراتيجى ليس كما تدعى إسرائيل (كذبا) القضاء على «حماس» ولكن الهدف هو إبادة أى شخص فلسطينى يتنفس، وبما أن أهل غزة رفضوا التهجير كما فعل أسلافهم فى ١٩٤٨، فلتكن الإبادة هى الحل، القوات المحتلة لن تسمح بوجود كيان فلسطينى، وأمريكا تعلم ذلك جيدا والغرب أيضا. ولم يعد العدو الإسرائيلى يهتم بجنوده أو يرهقه طول أمد الحرب، مثلما كان يفكر قبل ١٩٧٣.. فالآن نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال مستعد للتضحية بجنوده الأسرى، مقابل تحقيق هدفه الاستراتيجى وهو الإبادة للفلسطينيين، ولولا وجود رهائن مزدوجى الجنسية لما بدأ مفاوضات مع حماس، والدليل أنه لم يعد يشغله خسائر الأرواح التى يتكبدها فى حرب المدن داخل غزة..

ولا تشغله إطالة أمد الحرب فأمريكا والغرب تمده بالأسلحة والأموال، فهو يعلم أن اقتصاده لن يتأثر ومدد الأسلحة والذخيرة الأمريكية سيظل مستمرا..

كما يوقن العدو أن المظاهرات التى تجوب شوارع أمريكا وأوروبا منددة بالمجازر لن تؤثر، فاللوبى اليهودى هو من صنع هذا النموذج الوهمى للديمقراطية، الذى يقوم على السماح للرأى العام أن يتظاهر ويقول ما يشاء بحرية، والإدارات الأمريكية والغربية تفعل ما تشاء بحرية أيضا دون أن تنفذ ما يريده الشعب!

الحق الفلسطينى لن يعود إلا باستمرار المقاومة، فالموت أثناء مقاومة العدو أشرف ألف مرة من الموت تحت ركام المنازل بمدافع ودبابات العدو.. والتاريخ يقول إن المستعمر لم يغادر وطنا طواعية، بل غادره بعد أن أجبرته وطردته المقاومة الشعبية.. وهذا ما حدث فى مصر وليبيا والهند وجنوب إفريقيا وفيتنام وكل الدول التى كانت محتلة، ومازالت الجزائر تفتخر بأنها بلد المليون شهيد.