صدفة في الإذاعة.. تفاصيل اللقاء الأول بين فيروز وعاصي الرحباني

زفاف فيروز وعاصي الرحباني
زفاف فيروز وعاصي الرحباني

يصادف اليوم عيد ميلاد الفنانة فيروز الـ88 فهي من مواليد عام 1935 حيث وُلدت في بيروت.

 

وتعد فيروز من أقدم فنّاني العالم ومن الجيل الذهبي للمسرح والموسيقى في لبنان ومن أشهر الأصوات العربية، لاقت أعمالهُا الفنية رواجًا واسعًا في العالم العربي والغربي، لقبت في لبنان بـ (العمود السابع لبعلبك).

 

كان للصدفة وحدها دور في لقاء فيروز بعاصي الرحباني، حيث تقابلا للمرة الأولى عام 1950 في الإذاعة اللبنانية.

كان عاصي وقتها ملحن مبتدئ يعزف على الكمان ويقدم برامجه الموسيقية في الإذاعة، استمع في اللقاء الأول لصوتها وأعجب به بشدة، ثم حل اللقاء الثاني بينهما عندما طلب حليم الرومي (الذي كان يشغل منصب رئيس القسم الموسيقي في الإذاعة) من عاصي تلحين عدد من الأغنيات لنهاد، اقترح حليم الرومي على فيروز أن تتبنى الإسم الفني لها لأن صوتها يذكره بحجر الفيروز الثمين، لم تتقبل نهاد الفكرة في البداية، لكنها أخذت بنصيحته لاحقًا وغيرت إسمها إلى الأبد. 

وقال عاصي الرحباني عن تفاصيل اللقاء الأول الذي جمعه بفيروز: "كنت أقوم بإعداد برامج موسيقية ـ غنائية للإذاعة اللبنانية، وذات يوم دعاني زميلي الفنان حليم الرومي، وكان يشغل مركز رئيس القسم الموسيقى بالوكالة، للاستماع إلى صوت جديد، فرأيت فتاة صغيرة تحمل كتابا ومعها والدها، كما استمعت إلى صوتها الذي وصفته بـ"لا بأس"، إلا أنني آمنت أن هذه الصبية تصلح للغناء، بينما رأى أخي "منصور" كان مخالفا لرأيي، وهو عبر عنه بالقول "لا تصلح على الإطلاق للغناء الراقص"! ورغم ذلك بدأت أعلمها، فكانت في المحصلة أحسن من غنى هذا اللون "الغناء الراقص".

في ذلك الوقت، كانت البرامج الإذاعية تُبث مباشرة على الهواء ولا يتم تسجيلها، اعتادت فيروز والملحن عاصي على الجلوس تحت شجرة بالقرب من بركة في الفناء الخلفي لاستوديو البث في أثناء انتظار دورهما. كانا غالبًا ما يتجاذبا أطراف الحديث معًا لقتل الوقت. لم تتوقع فيروز أن تصبح مغنية مستقبلاً بل كان حلمها الحقيقي أن تكون معلمة وقالت في مناسبات عديدة إنها لن تتزوج أبدًا.

كانت فيروز مثال للفتاة المحافظة لكثير من الشابات اللبنانيات من صفها وعمرها، ذكر العديد من الأشخاص الذين عرفوها كيف كانوا يجدونها في كثير من الأحيان أثناء الاستراحة تصلي في مكان ما بالقرب من استوديو التسجيل.

ذات يوم قالت فيروز لعاصي بأنه لا تعجبها طريقته اهتمامه بها شخصيًا من بين العديد من الفتيات في الاستوديو، كانت فيروز لا تزال متمسكة برأيها وتصر على رفضها المتشدد لفكرة الزواج. وفي أحد أيام الربيع من عام 1953، وبينما كانا يتدربان معًا على حافة البركة نفسها وتحت نفس الشجرة، كرر عاصي عرضًا سابقًا للزواج من فيروز فأجابت هذه المرة بالقبول، وبمرور الوقت توطدت العلاقة بين فيروز وعاصي وتحولت لإعجاب ثم حب متبادل من الطرفين وجمعهما الحب والفن سويًا وأعلنا زواجهما في تموز عام 1954. وصفت فيروز زواجها من عاصي بأنه: نهاية طبيعية لعلاقة طويلة بين تلميذة وأستاذها.

 

بعد الزواج تعاهد الاثنان على التألق والنجاح سويًا، كان تعاون فيروز مع زوجها عاصي فاتحة خير عليها وجعل منها أسطورة غناء في العالم العربي والغربي، لحّن عاصي الأغنية الأولى لفيروز وكانت بعنوان (حبذا يا غروب) من كلمات الشاعر قبلان مكرزل، ثم كانت أغنية (عتاب) و(يابا لالا). وأعقبها عدد من الأغاني المميزة توزعت على ثلاث إذاعات وهي اللبنانية والشرق الأدنى والسورية، كان عاصي يعتبر هذه الفترة من حياته الفنية صعبة للغاية، نظراً للمقاومة الشديدة التي واجهها الأخوين من قبل الموسيقيين الذين كانوا ينقضون نظرية الأغنية القصيرة، وبعد تواصل نجاحهما؛ قرر الثنائي فيروز والرحباني تأسيس المؤسسة الرحبانية الفيروزية لإنتاج الأفلام السينمائية، لتكون شاهدة على نجاحاتهم التي انطلقت عبر نافذتها.

امتلأت القنوات الإذاعية بالأغاني التي غنّتها فيروز في ذلك الوقت، وبدأت شهرتها تتخطى بلدها لبنان وتصل إلى الدول في العالم العربي. شكّل تعاون فيروز مع عاصي ومنصور الرحباني الذين يشار لهما دائما بالأخوين رحباني مرحلةً جديدةً في الموسيقى العربية، إذ تم المزج بين الأنماط الغربية والشرقية والألوان اللبنانية في الموسيقى والغناء، وساعد صوت فيروز ورّقته على الانتقال دائما إلى مناطق جديدة، ففي وقت كان فيه النمط الدارج هي الأغاني الطويلة إلا ان فيروز قدمت أغاني قصيرة.