إنها مصر

جيل الكراهية !

كرم جبر
كرم جبر

جوزيف سوتز عجوز ألمانى عمره 100 سنة، وفورشنر عجوزة بولندية عمرها 96 سنة، يطاردهما الموساد الإسرائيلي، بتهمة أن الأول كان حارساً لأحد السجون الألمانية فى الحرب العالمية الثانية، والمرأة الثانية كانت مديرة مكتب أحد الضباط البولنديين.


ومشكوك فى أمرهما أنهما كان لهما صلة بحوادث الهولوكوست أو التعذيب الذى تعرض له اليهود على يد النازية، فقد أعدت المنظمات اليهودية قائمة بالمشتبهين وتتولى البحث عنهم فى كل مكان فى الأرض.


ويقول انرايم روروف مدير مكتبة القدس أنه يجب أن يشعر هؤلاء بالرعب والذعر، ونجعلهم لا يستطيعون النوم بسلام، وعندما يطرق أحد أبوابهم يموتون خوفاً من القبض عليهم.
هذه هى إسرائيل وهؤلاء هم اليهود الذين يتعقبون من يشتبهون فيهم رغم مرور قرابة ثمانين عاماً.
فماذا نفعل مع القتلة والمجرمين من الجيش الإسرائيلى الذين يقتلون ويذبحون الشعب الفلسطينى فى مجزرة غير مسبوقة، ويعتبرون ذلك دفاعاً مشروعاً عن الحياة؟
لقد وقعت المنطقة بين أنياب وأظافر الإعلام الدولى المتوحش الذى تسيطر عليه شركات يهودية ضخمة، فأصبح يجمّل الجرائم الوحشية ويصدرها للعالم فى صور إنسانية، بينما يرى فى مجزرة أهالى غزة دفاعاً مشروعاً.
وابتلع زعماء الغرب الطعم، ومن يتجرأ بانتقاد إسرائيل أو أعمالها الإرهابية، يتم اتهامه بمعاداة السامية، وقد ينتهى الأمر بعزله أو استقالته.
لم يعد وقف إطلاق النار قراراً إنسانياً كما كان يحدث فى كل الحروب السابقة، بل يعتبره الغرب "جريمة حرب" لأنه على حد زعمهم يتيح الفرصة لحماس لإعادة تنظيم صفوفهم، وكأنهم يقولون إن استمرار الحرب هو السلام بعينه.
تهلل إسرائيل والغرب للقبض على اثنين من العواجيز مشتبه بهما منذ الحرب العالمية الثانية، بينما يتم اغتيال كل المعانى الإنسانية فى غزة، وعند المطالبة بوقف إطلاق النار لوقف بحور الدماء، يعتبرون ذلك جريمة حرب، أو هدية على طبق من ذهب لحماس.
تخيل وأنت تسكن بيتك يأتيك إنذار بإخلائه فى غضون ساعة، فيحمل أهالى غزة أولادهم وقليل من الأمتعة ويغادرون البيت بما فيه، وبعد دقائق يسقط كالرمال ويدمر كل ما فيه، وإذا سألت ما ذهب هؤلاء؟.. لا تجد إجابة إلا سياسة العقاب الجماعي.


وهكذا تحولت غزة إلى مدينة للأشباح ورائحة الموت والخراب والدمار وقتل الأحياء، وتبحث إسرائيل عن الثأر من الماضي، وتجهز الكشوف وفرق الموت لمطاردة المشتبه بهم.
فماذا يفعل الشباب والأطفال الصغار فى فلسطين عندما يكبرون وهم يشاهدون المذابح والأهوال؟.. أنهم جيل الكراهية والثأر والانتقام، ولن تغيب مشاهد الرعب عن عيونهم وقلوبهم مهما امتد بهم الأجل.
هذه هى إسرائيل التى تسعى إلى السلام والتطبيع والعيش الآمن فى المنطقة، بينما تذبح الأطفال والنساء وتحول غزة إلى مقبرة كبيرة، لا ترى فيها إلا أنين الموتى فى انتظار الثأر.
سوف تصبح غزة أنشودة الحرية ورمزاً للبطولة والكبرياء، ووصمة عار فى جبين إسرائيل.