في بريطانيا.. محاكمة ضابطة الشرطة خائنة كشفت للمجرمين تفاصيل خطة أمنية

الضابطة المتهمة ناتالي
الضابطة المتهمة ناتالي

  حملة أمنية واسعة لإسقاط شبكات عصابات الجريمة المنظمة في بريطانيا؛ نفذتها السلطات الأمنية عبر خطط وعمليات شديدة السرية لاختراق نظام اتصال سري يتواصل عبره المجرمون، وبالفعل نجحت الخطة الامنية بالكشف عن مئات المجرمين وإنقاذ مئات الضحايا من خطط الفتك بهم عبر تجارة السلاح وتهريب وتوزيع الكوكاكين والهيروين، وفي خضم الاحداث وحملات الاعتقالات الواسعة تكشف الشرطة البريطانية عن وقوع نوع آخر من المجرمين وهم ضباط الشرطة انفسهم ممن تعاونوا مع المجرمين وحاولوا حمايتهم بمنحهم أدق الأسرار الأمنية والكشف عن خطوات المحققين التالية؛ لتأمين المجرمين وضمان انتظام اتصالاتهم السرية إلا أن خططهم انتهت بنجاح العملية الامنية التي جرت أحداثها منذ فترة وتجددت الاحداث بمحاكمة ضابطة شرطة منذ ايام قليلة بتهمة التجسس لصالح مجرمين ونقل اسرار رؤسائها واختراق النظام الامني لتأمين أصدقائها المجرمين.

توجهت الانظار نحو تفاصيل قضية ضابطة شرطة فاسدة تحولت إلى مجرمة استغلت صفتها الأمنية ونجحت بالوصول بشكل غير قانوني إلى معلومات أمنية حساسة لإبلاغ صديقها المجرم بما يجري من خطط امنية لإسقاط واحدة من شبكات العصابات المنظمة في بريطانيا، تولت ضابطة الشرطة المتهمة ناتالي موترام، 25 عامًا، مهمتها كمحللة استخبارات أمنية في الوقت الذي شنت فيه السلطات البريطانية حملة كبرى ضد تلك العصابات خاصة من مستخدمي منصة اتصالات مشفرة تُسمى «إنكرو شات» استخدمت على نطاق واسع من قبل مجموعات الجريمة المنظمة الخطيرة في أوروبا بأكملها، وتم الترويج لتلك المنصة الخطيرة كوسيلة تواصل سرية للمشاهير والسياسيين ممن يحتاجون إلى المزيد من الخصوصية والسرية في اتصالاتهم إلا انها تحولت سريعًا إلى وسيلة تواصل شديدة السرية للمجرمين في كافة انحاء اوروبا، وانتهت العملية في ذلك الوقت باختراق المنصة السرية التي اضطر مصمموها إلى ارسال رسائل تحذيرية إلى مستخدميها  تنصحهم فيها بالتخلص من أجهزتهم على الفور وإيقاف الخدمة نهائيًا.

كشف الخيانة

امام محكمة ليفربول العليا، مثلت ضابطة الشرطة ناتالي موترام التي بدأت عملها في شرطة شيشاير منذ عام 2017 كمتدربة قبل إعارتها إلى وحدة الجريمة المنظمة الإقليمية، وكشفت المحكمة عن هويتها بعد الكشف عن تفاصيل اتهاماتها؛ ليتم ايقافها عن العمل والخدمة العسكرية بشكل نهائي بالاضافة إلى تنفيذ عقوبتها بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتسعة أشهر بسبب سلسلة اتهامات كشفت وصولها بشكل غير قانوني لمعلومات سرية وخيانة رؤساء الشرطة وإبلاغ أصدقائها المجرمين تفاصيل تحقيق دولي سري في جريمة خطيرة.

كشفت التقارير البريطانية تفاصيل القبض على الضابطة ناتالي في عملية سرية تزامنت مع عملية اسقاط شبكات العصابات المنظمة؛ تهدف إلى حصر كل من يسرب أسرارًا للمجرمين من ضباط الشرطة والمحققين وغيرهم من داخل المؤسسات الأمنية، واثناء عمل ناتالي كمحللة استخبارات اخبرها رؤساؤها بمعلومات مضللة ووهمية تقوم بها وكالة الجريمة الوطنية ضمن خطط إسقاط منصات الاتصالات المشفرة «انكرو شات» التي يستخدمها المجرمون الخطرون في جميع أنحاء أوروبا، في تلك الخطة تولت الضابطة ناتلي دورها بإجراء تقييمات للتهديدات التي تواجهها عصابات الجريمة المنظمة وبدلا من أداء دورها بشكل آمن كانت تسارع بلقاء صديقها المجرم جوناثان كاي، 39 عامًا، كلما حصلت على معلومة جديدة وتحذره من اصطياده عبر رجال الشرطة ممن لديهم معلومات استخباراتية خطيرة عنه.

انتهاك أمني

بعد فترة وجيزة من بدء العملية الأمنية، أصبح من الواضح للمحققين أن هناك تسريبًا أمنيًا خطيرًا؛ حيث ابلغ المتهم الثاني جوناثان افراد احدى العصابات باختراق المنصة وطلب منهم الاسراع بحذف كل ما يتم ارساله مؤكدًا أن البرنامج اخترق امنيًا ويجري مراقبته وبسبب ذلك تتأخر الرسائل عبره، وبالفعل اكتشف المحققون تداول التحذيرات بين افراد العصابات، وانكشف امر الضابطة الشابة وألقت وكالة الجريمة الوطنية القبض عليها و سجن صديقها ايضا بتهمة إفساد مسار العدالة، تٌعلق روز أينسلي، رئيسة قسم الجرائم الخاصة في النيابة العامة قائلة: «كانت تصرفات ناتالي الفاسدة انتهاك جسيم للأمن وكان من الممكن أن تلحق ضررًا كبيرًا بتحقيق مهم للغاية وواسع النطاق في عالم الجريمة المنظمة؛ حيث انتهى بإدانة أكثر من 1240 مجرمًا، وضبط أكثر من 173 سلاحا ناريا، ومصادرة أكثر من تسعة أطنان من الهيروين والكوكايين وهو ما يعني تجنب أكثر من 200 تهديد للحياة وإنقاذ المئات».

بمجرد اشتباه محققي وكالة الجريمة الوطنية في دور ناتالي ومسئوليتها عن التسريبات، وضعت قيد المراقبة السرية دون علمها وحين طلب منها رؤساؤها إجراء تحليل سجل استخباراتي حول العصابة المقربة من صديقها جوناثان، قدمت تقريرًا مزيفًا وعاريًا تمامًا عن الصحة، ثم توجهت في مساء نفس اليوم الى صديقها جوناثان والتقت بأحد أصدقائه لتمنحهما المزيد من التحذيرات والمعلومات؛ حيث تجمعهم صداقة نشأت في صالة ألعاب رياضية، واتفقت مع صديقيها على ترتيب اجتماع مدته 20 دقيقة في موقف سيارات وبعد تلك المقابلة تأكد المحققون من حقيقة دورها.

فساد داخلي

 توالت اعترافات ناتالي في جلسة استماع سابقة للمحكمة؛ حيث اعترفت بذنبها بتهمة سوء السلوك في المناصب العامة، وإفساد مسار العدالة والوصول غير المصرح به إلى محتوى البرامج والاجهزة الإلكترونية لزملائها، واعترف صديقها كاي بتهمة إفساد مسار العدالة في جلسة استماع أخرى، وعلق جون ماكيون، رئيس وحدة مكافحة الفساد بالوكالة الوطنية على القضية قائلا: «عملية الإيقاع بالضباط الخائنين؛ تحقيق يحدث مرة واحدة كل عشر سنوات تقريبا وقد أسهم بشكل كبير في الحماية العامة، كل تلك الامور استهدفتها عملية امنية سرية للإيقاع بالمجرمين من ناحية واكتشاف الضباط الفاسدين من ناحية اخرى»، وعلق مساعد رئيس الشرطة جو إدواردز مؤكدًا أن الغالبية العظمى ممن يعملون في الشرطة يهدفون لحماية الجمهور من الأذى، ويكرسون سنوات من الخدمة لتحقيق هذه الغاية إلا أن تصرفات الضابطة ناتالي موترام تهزم أى عمل جيد يتولاه زملائها في وحدة الجريمة المنظمة الإقليمية، واشار سيمون بارسوناج، رئيس المعايير المهنية في شرطة شيشاير: «تظهر هذه القضية انه لا أحد فوق القانون فنحن ملتزمون ببذل كل ما في وسعنا لانتشال ضباط أو موظفين يفشلون في تلبية المعايير العالية التي يتوقعها ويستحقها الجميع».

اقرأ أيضا : جنون السوشيل ميديا.. سرقوا 45 سيارة للتباهي بها على «Tik Tok»


 

;