بدون الإنسانية.. لا حياة

أيمن فاروق
أيمن فاروق

‭..‬لو‭ ‬أننا‭ ‬نشاهد‭ ‬أقوى‭ ‬أفلام‭ ‬الانتقام‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬السينما‭ ‬بـ‭ ‬هوليود،‭ ‬لما‭ ‬وصلنا‭ ‬لما‭ ‬نشاهده‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وحالة‭ ‬اللا‭ ‬إنسانية‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬الكثير‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وكأننا‭ ‬أصبحنا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬موحش،‭ ‬حقيقي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الخير‭ ‬موجودًا‭ ‬ولن‭ ‬يرحل،‭ ‬لكننا‭ ‬أمام‭ ‬أحد‭ ‬أسوأ‭ ‬سيناريوهات‭ ‬الرعب‭ ‬واللا‭ ‬إنسانية،‭ ‬فما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬وليبيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬وآسيا،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬واقتتال‭ ‬صعب‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬تحمله،‭ ‬ومؤخرًا‭ ‬حرب‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬من‭ ‬استهداف‭ ‬للأطفال‭ ‬والمرضى‭ ‬والنساء‭ ‬والمسنين‭ ‬والشباب،‭ ‬فالحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬تعد‭ ‬إبادة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

البشر‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬صمت‭ ‬وتفكير‭ ‬للتدبر،‭ ‬فعلى‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬نفسه‭ ‬لقلبه‭ ‬قبل‭ ‬عقله،‭ ‬يشرد‭ ‬بذهنه‭ ‬وخياله‭ ‬إلى‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬السنين‭ ‬الماضية،‭ ‬مسترجعًا‭ ‬الصراعات‭ ‬والحروب‭ ‬القديمة‭ ‬ويتساءل‭.. ‬كيف‭ ‬كانت‭ ‬النهاية؟،‭ ‬لذلك‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نعلي‭ ‬راية‭ ‬الإنسانية،‭ ‬الحب،‭ ‬الخير،‭ ‬التعاون،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬سلام،‭ ‬فالنهاية‭ ‬حتما‭ ‬قادمة،‭ ‬وحياة‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬زوال،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نرفع‭ ‬مقولة‭ ‬‮«‬منير‭ ‬الإنسانية‭ ‬قلبها‭ ‬الصامت‭ ‬لا‭ ‬عقلها‭ ‬الثرثار‮»‬‭ ‬لجبران‭ ‬خليل‭ ‬جبران‭.‬

شاهدنا‭ ‬تلك‭ ‬التظاهرات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬تندد‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬كما‭ ‬أيضا‭ ‬شاهدنا‭ ‬تظاهرات‭ ‬لندن‭ ‬واسبانيا‭ ‬والسويد،‭ ‬واتهام‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬النرويجي‭ ‬يوناس‭ ‬جار‭ ‬ستوره‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬ومخالفة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬الغاشم‭ ‬ضد‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

الإنسانية‭ ‬الحل‭ ‬لكل‭ ‬شيء،‭ ‬فهي‭ ‬مصدر‭ ‬صناعي‭ ‬من‭ ‬كلمة‭ ‬إنسان،‭ ‬وهي‭ ‬ضد‭ ‬الهمجية‭ ‬أو‭ ‬البهيمية،‭ ‬وتعني‭ ‬الصفات‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬الجنس‭ ‬البشري‭ ‬عن‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الأنواع،‭ ‬وعرفها‭ ‬الفيلسوف‭ ‬إيمانويل‭ ‬كانط‭ ‬بأنها‭ ‬هدف‭ ‬الأخلاق‭ ‬وأساس‭ ‬فكرة‭ ‬الواجب،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الإنسانية‭ ‬بالإمكان‭ ‬أن‭ ‬تربطها‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الكلمات‭ ‬مثل‭ ‬الإحسان‭ ‬والإيثار‭ ‬والاحترام‭ ‬والتعاطف‭ ‬والأخوة‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر‭ ‬والتفاهم،‭ ‬فهي‭ ‬تعتبر‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الالتزامات‭ ‬الأخلاقية‭ ‬التي‭ ‬ترشد‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬بني‭ ‬جنسه‭.‬

وغاية‭ ‬الحياة‭ ‬الإنسانية‭ ‬خدمة‭ ‬الآخرين‭ ‬والتعاطف‭ ‬معهم‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬مساعدتهم،‭ ‬فالإنسانية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نربطها‭ ‬بدين‭ ‬أو‭ ‬مجتمع‭ ‬أو‭ ‬دول‭ ‬أو‭ ‬أشخاص،‭ ‬فهي‭ ‬صفة‭ ‬عامة،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعممها،‭ ‬ونلفظ‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬ومرادفاتها،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬جائحة‭ ‬تنتشر‭ ‬مثلما‭ ‬تأكل‭ ‬النار‭ ‬الحطب،‭ ‬فمد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬لإنسان‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬أو‭ ‬مساعدة‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬العيش،‭ ‬أو‭ ‬الأخذ‭ ‬بيد‭ ‬مسن‭ ‬أو‭ ‬كفيف‭ ‬أو‭ ‬طفل‭ ‬لعبور‭ ‬الطريق‭ ‬صميم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬الشعور‭ ‬بالآخر‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬الأمور‭ ‬الحياتية،‭ ‬وتقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬لشعوب‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬الحروب،‭ ‬كلها‭ ‬أمور‭ ‬ترتبط‭ ‬ارتباطا‭ ‬وثيقا‭ ‬بالإنسانية،‭ ‬بدون‭ ‬الإنسانية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نحيا‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬الحياة‭ ‬لأن‭ ‬بذلك‭ ‬افتقد‭ ‬‮«‬الإنسان‮»‬‭ ‬للصفة‭ ‬التي‭ ‬ميزنا‭ ‬بها‭ ‬الله‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬اسمه‭  ‬كونه‭ ‬‮«‬إنسان‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬كائن‭ ‬حي‭ ‬مفكر‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الاستدلال‭ ‬العقلي‭.‬

فالإنسانية‭ ‬وصياغة‭ ‬إنسان‭ ‬وبناءه‭ ‬بقيم‭ ‬راقية‭ ‬تعد‭ ‬رسالة‭ ‬الرسالات‭ ‬وتحديا‭ ‬كبيرًا‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬التضامن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العمل‭ ‬عليه‭ ‬وتحقيق‭ ‬مفهوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬ووفقا‭ ‬لمعناه‭ ‬الحقيقي‭ ‬لا‭ ‬كما‭ ‬تريده‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬وفقا‭ ‬لمصالحها‭ ‬الذاتية‭ ‬وتحقيقا‭ ‬لتوسعات‭ ‬استيطانية‭ ‬ومخططات‭ ‬شيطانية‭ ‬لن‭ ‬تحدث‭.‬

حفظ‭ ‬الله‭ ‬مصر‭.. ‬شعبا‭ ‬وجيشًا‭ ‬وشرطة‭.‬


 

;