«بحوث الصحراء» حصر وتصنيف مصادر الطين المختلفة في مصر

صورة موضوعية
صورة موضوعية

قال الدكتور علي عبد العزيز الاستاذ المساعد بشعبة مصادر المياه والأراضي الصحراوية بمركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إن الفريق البحثي لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين منذ انطلاقه في 2017 قام بدراسة وحصر وتصنيف مصادر الطين المختلفة في مصر وتحليلها لتحديد افضلها علي الاطلاق وترتيب اولويات أستخدامها لاستصلاح الأراضي الصحراوية وذلك لضمان أستدامة المشروع تم تقسيم مصادر الطين فى المشروع الى نوعين مصادر طين رطبة وهي تشمل تكريك طمى بحيرة ناصر والإستفادة منه وكذلك نواتج تكريك وتطهير القنوات والترع والمصارف ومصادر طين جافة وهي منتشرة في الصحاري المصرية بكميات كبيرة جدا.

وأوضح أن هناك معوقات لأستخدام مصادر الطين الرطبة المتمثلة في تكريك طمى بحيرة ناصر وأستخدامه فى مشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين حيث يبلغ طول بحيرة ناصر حوالى 500 كيلو متر طولى ويقع الجزء الأكبر منها داخل الحدود المصرية بحوالى 350 كم وحوالى 150 كم طولى داخل الحدود السودانية .

كما تبلغ الرواسب الطميية المستهدفة في بحيرة ناصر حوالي 7 مليار متر مكعب 90 % من هذه الكمية تقع داخل الحدود السودانية و ان اغلب الرواسب الطميية تقع أقصى جنوب الأراضي المصرية في اخر 150 كم بين مصر والسودان والأعلى منها فى اخر 50 كم جميع كميات الرواسب الطميية داخل الأراضى المصرية تقع أسفل منسوب تشغييل السد العالى الأدنى (منسوب 147 م).

وأشار إلى أن دراسات الهيئة الهندسة اوضحت ان كميات الرواسب الطميية الموجودة داخل الأراضي المصرية والتى منسوبها أعلى من منسوب السد العالى الأدنى لا تتخطى 60 مليون متر مكعب وان عمق بحيرة السد 180 م3 وبالتالى ارتفاع التكلفة الأقتصادية لأجراء عمليات التكريك لأستخراج الرواسب الطميية من بحيرة ناصر حيث ان عمق التكريك فيها اضعاف عمليات التكريك فى قناه السويس الجديدة والتى يبلغ عمقها 24م علما بأن الدراسة الأقتصادية التى قمنا بها فى المشروع أثبتت ان عمليات استصلاح الاراضي الصحراوية بأستخدام هذه الرواسب لا يتجاوز 400 الف فدان فقط

وكذلك أشارت الدراسات الى ان تكاليف النقل قد تصل الي 5 اضعاف تكاليف الاستخراج وبالتالى تتوقف جدواها الأقتصادية عند منطقة توشكى فقط ولا يمكن الأستفادة من هذه الرواسب الطميية فى مناطق الأستصلاح الحديثة مثل محافظة الوادى الجديد وهى تمثل حوالى 44% من مساحة مصر أو الأراضى المستصلحة فى شبه جزيرة سيناء وهى تمثل 6% من مساحة مصر اوحتى احد المشروعات التنموية مثل مشروع المليون ونصف فدان او مشروع الدلتا الجديدة

اقرا ايضا :«بحوث الصحراء» ينظم ورش عمل لمزراعي شمال سيناء على الممارسات الزراعية الصحيحة

واضاف الدكتور علي عبد العزيز الاستاذ المساعد بشعبة مصادر المياه والاراضي الصحراوية ان الفريق البحثى للمشروع قام بأخذ حوالى 15عينة من الرواسب الطميية لبحيرة ناصرفى اخر 150 كم فى من الحدود المصرية السودانية (بمعدل عينة /10كم ) وتم تحليلها وتحديد نوع معادن الطين السائدة فيها ونسبة كل معدن الا ان الفريق البحثى توصل الى ان معدن الطين السائد فى هذه العينات هو معدن الكالونيت وهو معدن طين 1:1 ضعيف جدا فى الاحتفاظ بمياه الرى والأسمدة المعدنية عند أضافته الى الأراضى الرملية المستصلحة بهذه الطريقة ويحتاج الى أحقاب جيولوجية ليتحول الى معدن طين المنتومنوريت 1:2 وهو معدن قوى فى مسك مياه الرى والأسمدة الكيميائية كما حدث فى تكوين اراضى الدلتا المصرية الخصبة جيدة الأحتفاظ بالأسمدة بمياه الرى والعناصر الغذائية اللازمة للنبات مما ينعكس على ارتفاع انتاجيتها.

كما أن وجود التماسيح فى بحيرة ناصر يمثل خطرا كبيرا على القائمين بعملية التكريك للرواسب الطميية لبحيرة ناصر حيث بلغت اعدادها حسب الدراسات التى اجريت مؤخرا من 6000 – 30 الف تمساح ويقال انها من احد اهم أسباب أنخفاض انتاجية بحيرة ناصر من الثروة السمكية وقد تم تقديم العديد من المشروعات الجيدة لتنمية بحيرة ناصر ومنها الصيد المحدود للتماسيح البالغة فى البحيرة دون الأخلال بالتوازن البيئى وتصدير جلودها ولحومها الى الخارج ويعد هذا المشروع ذو جدوى اقتصادية مرتفعة مقارنة بتكريك الرواسب الطميية لبحيرة ناصر كما يجب الأتجاه نحوالأهتمام بتنمية الثروه السمكية فى البحيرة حيث ان بها حوالى اكثر من 50 نوع من الأسماك والتي انخفضت أنتاجيتها من الأسماك تدريجيا لتصل حاليا الي 25 الف طن سنويا فقط بعدما كانت تبلغ انتاجيتها عند انشاؤها حوالى 50 الف طن/سنويا

وأوضح رئيس مشروع حقن التربة الرملية بالسلت الى انه يمكن الأهتمام بأقامة المشروعات الأخرى مثل أنشاء السدود الركامية عند مداخل الأخوار والتى قد تقلل مسطح البحيرة بأقل تكاليف ممكنة ومن ثم تقليل فواقد البخروغيرها والذى يمكن معه زيادة الضاغط الهيدروليكى على توربينات السد العالى بنفس حجم المياه المخزنة وبالتالى زيادة معدلات توليد الطاقة الكهرومائية من محطة توليد السد العالى وسيوفر هذا الحل مساحة من الأراضى تقدر بحوالى 300 الف فدان خلف السدود الركامية يسهل ريها بالراحة حال امتلاء بحيرة السد بالمياه ولكن استصلاح هذه الاراضى سيكون له تأثيرا سلبيا على مياه بحيرة ناصر نتيجة لصرف هذه الأراضى الزراعية على مياه البحيرة

وتابع وكذلك ان وجود مجتمعات سكانية حول البحيرة يلوث مياها فيجب مراعاة ذلك عند اقامة مثل هذه المشروعات وأيضا من الأسباب التى حالت دون استخدام الرواسب الطميية لبحيرة ناصر فى هذا المشروع أن نواتج التكريك من الرواسب الطميية تخرج فى صورة مبتلة فيلزم لنقلها للأراضى الصحراوية المستهدف أستصلاحها ان نقوم بنشرها وتجفيفها اولا لسهولة نقلها وبالتالى سوف يتم تبخير كميات كبيرة من المياه العذبة من هذه الرواسب الطميية أو نقلها كما هى وهذا يحتاج الى كونتينرات ضخمة وبالتالى تكاليف النقل تكون مرتفعة جدا ومن ثم ارتفاع التكلفة الأقتصادية لأستصلاح الفدان بهذه الطريقة لذا قام الفريق البحثى للمشروع بأستبعاد اهم مصادر الطين الرطبة المتمثلة فى تكريك الرواسب الطميية لبحيرة ناصر لصعوبة أستخرجها وأنعدام جدواها الأقتصادية .

كما قام الفريق البحثى بدراسة المصدر الثاني من مصادر الطين الرطبة وهى أستخدام نواتج تكريك وتطهير المصارف والترع والقنوات والرياحات وفصل حبيبات السلت والطين منها وحقنها في الأراضي الصحراوية المستهدف استصلاحها ولكن حال دون ذلك الممارسات الخاطئة مثل القاء مياه صرف المصانع والصرف الصحى والقاء القمامة والحيوانات النافقة بها ومن المعروف ان الطين يتمتع بسعة تبادلية كاتيونية مرتفعة ومساحة سطح معرض كبيرة جدا علاوة على انه سالب الشحنة مما يجعله يدمص العديد من العناصر الثقيلة على أسطح معادن الطين مما يسبب تلوث الأراضى الصحراوية المستهدف استصلاحها بهذه الطريقة بالعناصر الثقيلة التى تؤثرسلبا على صحة الأنسان والحيوان والأصابة بالأمراض والأوبئة الخطيرة.

وأكد الدكتور على أن الفريق البحثى لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين قام بتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع بعمل خريطة الكترونية لحصر وتصنيف ودراسة مصادر الطين الجافة المنتشرة في الصحاري المصرية وترتيب أولويات أستخدامها في حقن التربة الرملية بها لرفع خصوبتها وتحسين خواصها المائية ولكن الاستصلاح بهذه التقنية لابد أن يكون قائم على دراسة مستفيضة لمصادر الطين الجافة في مصر من حيث أماكن تواجدها بكميات اقتصادية وتحليل خواصها الطبيعية والكيميائية والمنرالوجية وتحديد معدن الطين السائد بها ونسبته ويتم توقيع كل هذه المعلومات لكل منطقة دراسة بإحداثياتها على خريطة إلكترونية يتم تحديثها بشكل دوري عند دراسة منطقة جديدة ويتم ترتيب أولويات إضافة مصادر الطين الجافة المدروسة للظهير الصحراوى القريب من كل منطقة دراسة لتحسين الخواص الطبيعية والكيميائية والمائية للتربة الرملية ورفع خصوبتها و بناءا على هذه الخريطة سيتم تحديد أماكن وضع خطوط الإنتاج لفصل حبيبات السلت والطين في الأماكن المدروسة .

وتابع بحيث تكون قريبة من المناطق المستهدف أستصلاحها بهذه التقنية لتوفير تكاليف النقل وذلك لضمان استدامة المشروع وجدواه الاقتصادية. لذا تم تقسيم مصر إلى 4 نطاقات (المنطقة الغربية التي تمتد من الضبعة إلى السلوم) و(محافظة الوادى الجديد والواحات) و (شبه جزيرة سيناء وتشمل شمال ووسط وجنوب سيناء) و (المنطقة الجنوبية (صعيد مصر) ويمتد من الجيزة إلى أسوان) من أجل استصلاح الظهير الصحراوى لهذه المناطق الأربع.

كما قام الفريق البحثى لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين بتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع من خلال أنشاء خط الأنتاج (قادر1) لتكسير وطحن وفصل حبيبات السلت والطين من المصدر ويخدم هذا الخط الأراضى الصحراوية المستهدف أستصلاحها فى نطاق الساحل الشمالى الغربى (من الضبعة وحتى السلوم) وتم وضعه فى مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح بمنطقة القصر ويتم تغذيته بخامات الطين التى تم دراستها فى المنطقة الغربية ويقوم بفصل حبيبات السلت والطين منها تمهيدا لحقنها فى التربة الرملية المستصلحة حديثًا لتحسين خواصها الطبيعية والكيميائية والمائية ومن ثم توفير50 -60% من كميات مياه الري المضافة وتوفير35 – 50% من معدلات الأسمدة الكيميائية وكذلك توفير أكثر من 70% من الأسمدة العضوية المضافة بالأضافة الى زيادة أنتاجية الفدان المنزرع بالمحاصيل الحقلية والخضر والمستصلح بأستخدام هذه التقنية من 15 – 35%. والجدير بالذكر أنه لا توجد تربة طينية تحتوى على نسبة 100% من حبيبات السلت والطين فأخصب أنواع الأراضي الطينية فى مصر لاتزيد نسبة حبيبات السلت والطين فيها عن 50% والباقى رمل وشوائب لذا فأن خطوط فصل حبيبات السلت والطين من المصدرتوفر اكثر من 50% من تكاليف النقل من خلال فصلها لحبيبات السلت والطين وهو المكون الأقتصادى للمشروع وليس الرمل والشوائب.

ثم قام الفريق البحثى بتنفيذ المرحلة الثالثة للمشروع باستخدام تقنية حديثة لمعالجة الأراضي الرملية والرملية الجيرية المتدهورة بالملوحة والقلوية ورفع خصوبتها من خلال حقنها بحيبات السلت والطين المعالج ويحتاج الفدان المحقون كليا من 20 -25 طن فقط من خام السلت والطين المعالج وذلك على حسب قوام التربة الرملية وذلك لعمق حقن 40 – 50 سم وهى منطقة أنتشار الجذورالفعالة للخضر والمحاصيل الحقلية يتم ذلك من خلال معدات مبتكرة خاصة بذلك حيث ٨تحتاج الشجرة من 70 - 100 كجم فقط من خام السلت والطين المعالج وذلك على حسب قوام التربة الرملية وذلك لعمق حقن 1 - 1,5م ويتم ذلك من خلال حاقن خاص بالشجر.

وقال الدكتور علي عبد العزيز رئيس مشروع حقن التربة الرملية بالطين، أنه تبين أن خامات الطين الجافة تتوافر بمليارات الأمتار المكعبة فى شتى ربوع الصحارى المصرية مما يحقق الاستدامة لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين وتمكنه من التوسع الأفقى فى مشروعات أستصلاح الأراضى الصحراوية الحديثة من خلال مياه الرى التى يتم توفيرها بأستخدام هذه التقنية

وأوضح رئيس مشروع حقن التربة الرملية، أن تواجد هذه الخامات يفتح آفاق التصدير لتميز هذه الخامات بجودتها العالية مقارنة بالدول الأخري لذا أوصي بضرورة التوسع في إنشاء خطوط إنتاج للسلت والطين في مختلف المناطق المستهدفة بسعة أنتاجية كبيرة لتحقيق المردود الاقتصادي للمشروع وضمان استدامة المشروعات القومية