نقطة فوق حرف ساخن

كلمة مصر

عمرو الخياط
عمرو الخياط

حذرت مصر مراراً وتكراراً من مغبة السياسات الأحادية وتحذر مصر الآن من أن التخاذل عن وقف الحرب فى غزة ينذر بتوسع المواجهات العسكرية فى المنطقة.. ومهما كانت محاولات ضبط النفس فإن طول أمد الاعتداءات وقسوتها غير المسبوقة كفيلان بتغيير المعادلة وحساباتها بين ليلة وضحاها.

كانت هذه صيحة قائد مصر فى القمة العربية الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى ذهب إلى القمة محمولاً على قاعدة الدولة المصرية الصلبة.. فكان حديثه بصوت دولة بحجم وثقل مصر العظيمة التى دائماً وأبداً قدراً يقع على عاتقها مسئوليات بحجم وزنها.

هناك فى الرياض عندما تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة العربية كان يتحدث بصوت مصر لتصبح كلمته وثيقة فى أرشيف وتاريخ الدولة المصرية.. فقد كانت كلمته تعبيراً عن زعيم يعبر عن أمة ودولة عظيمة تعتز بشرف سيادتها.. ولا تزايد على أحد ولا على أمنها القومى والأمن القومى العربى.. فى مقابل مصالح أحادية للدولة المصرية.

الرئيس عبدالفتاح السيسى هناك فى الرياض تحدث للعالم قائلاً: إن سياسات العقاب الجماعى لأهالى غزة من قتل وحصار وتهجير قسرى غير مقبول.. ولا يمكن تبريره بالدفاع عن النفس.. وأن مصر.. حذرت تكراراً ومراراً من مغبة السياسات الأحادية.

كلمات عبرت عن الموقف المصرى منذ اندلاع الأزمة وحتى الآن.. وهو ليس الموقف الوحيد الذى أكدت فيه مصر من خلال زعيمها موقفها تجاه ما يحدث فى غزة.. وإنما قالت وما زالت فى لقاءات واتصالات الرئيس عبدالفتاح السيسى بزعماء العالم وقادته أن ما يحدث على أرض غزة من إبادة جماعية لشعب يريدون طمسه من التاريخ ومحوه من الجغرافيا.. غير عابئين بالسلام أو صوت العقل.

الكاتب المفكر الكبير الراحل محمد حسنين هيكل قال فى حديث له: إن إسرائيل بلد فريد فى التاريخ لا يستطيع أن يتحمل هزيمة كبيرة واحدة.. فالهزيمة بالنسبة لهم تعنى انتهاء المشروع.. فإذا نزعت حماية قدرتها على الردع انتهى وجود الدولة.. بهذا المفهوم تنكشف الحقيقة التى تحدث على أرض غزة ولماذا يصر جانب من زعماء العالم وعلى رأسهم أمريكا على دعم السياسات الإسرائيلية فى مواجهتها ضد شعب غزة.. فهذه الدولة التى ليس لها عمر فى تاريخ الدول تسعى منذ نشأتها على تثبيت أركانها حتى على حساب دول الجوار وقبلهم على حساب الدولة الفلسطينية فلا يملكون للدفاع عن وجودهم سوى الإبادة والبطش وخرق كافة القوانين الدولية من أجل الحفاظ على وجودهم وتثبيت أركان دولتهم.

أن ما يحدث الآن على أرض غزة ما هو إلا محصلة تراكمات طويلة.. استمرت لسنوات للصراع العربى - الإسرائيلى دون أن يكون هناك حل واضح وشامل لإنهاء هذا الصراع الذى ما إن ينتهى فصل منه عبر السنين حتى يبدأ فاصل جديد دون أن يكون هناك حل دولى أو عربى سوى التهدئة وسرعان ما تبدد لتعود المواجهات.. وتبكى شعوب العالم على ضحايا هذا الصراع دون أن يكون هناك تكاتف فعلى لحل المشكلة من جذورها والوصول إلى دعائم الاستقرار فى المنطقة بالرغم من جاهزية الحل فى مقابل عدم رغبة دولية أو من الجانبين المتصارعين فى إيجاد هذا الحل.

لقد كانت مصر ولا تزال هى الدولة العربية الوحيدة التى قدمت الكثير من التضحيات عبر تاريخها للقضية الفلسطينية وبادرت بالحلول والمعالجات الكثيرة للوصول إلى حلول سلام مستدام بين جميع الأطراف تحطمت هذه الحلول على صخرة تعنت المتصارعين أصحاب الصراع وتارة أخرى لأحلام توسعية لايزالون يحلمون بها على حساب دول الجوار.

لعلها تكون آخر فصول الصراع.. ولعلها تكون بداية لإنهائه بعد سنوات طويلة.. ضحاياها من المدنيين والأطفال والمرضى.. فقد آن الأوان أن يكون هناك حل نهائى لما يحدث على أساس واضح يعلمه الجميع.. ويتجاهله أطراف الصراع عن عمد.. فإن طول أمد هذا الصراع الدائم لن يؤدى إلا إلى مزيد من الضحايا.. كما حذر الرئيس عبدالفتاح السيسى من أن طول أمد الاعتداءات وقسوتها غير المسبوقة كفيلان بتغيير المعادلة وحساباتها بين ليلة وضحاها.