فى الشارع المصري

«المستحيل».. وهم

مجدي حجازي
مجدي حجازي

بقلم: مجدي حجازي

لفت انتباهي قصة «عالم» كتبها «القاضى أنيس جمعان» بصحيفة «عدن الخبر» الإلكترونية.. قمت بشىء من «التصرف في صياغتها» لمزيد من الإيضاح في عرض وقائعها،

جاء فيها: («جورج برنارد دانتزغ»، «عالم» بزغت عبقريته منذ أول عام لدراسته بالسنة التحضيرية في طريقه للحصول على الدكتوراة، حيث كان عمره 25عامًا.

فقد حدث أن وصل متأخراً إلى محاضرة يلقيها عالم الرياضيات والإحصاء «جيرسي نيمان»، حيث وجده كتب مسألتين إحصائيتين على «السبورة»، حينها اعتقد الطالب جورج أن المسألتين واجب منزلى، فما كان منه إلا أن نقلهما على ورقته ثم عاد إلى المنزل، وعند شروعه فى حلهما، لاحظ صعوبتهما على غير المعتاد من المسائل التى يقدمها أستاذ المادة، وظن أنها من قبيل اختبار مهارات الطلاب، فذهب إلى مكتبة الجامعة وبدأ يدرس فى المراجع والكتب لمدة أربعة أيام متتالية، حتى تمكن من إيجاد حل المسألة الأولى، وواصل بحثه لحل المسألة الثانية مع شعوره بغضب من صعوبة المسألتين.. وأثناء محاضرة الرياضيات اللاحقة استغرب جورج لأن الدكتور لم يسأل الطلاب عن الواجب، فذهب جورج إليه، وسلمه الحل، واعتذر عن تأخره فى تقديمه.. حينها تعجب الدكتور كثيرًا وازدادت دهشته فهو لم يعط الطلاب أى واجب، وقال: لم أعطكم أى واجب، والمسألتان اللتان كتبتهما على «السبورة» مجرد أمثلة لمسائل عجز العلم والعلماء عن حلها!.

حينئذ رَدَّ الطالب: يا دكتور لقد استغرقت فى حل المسألة الأولى أربعة أيام وأجبتها فى أربع وريقات، وسأل جورج الدكتور: هل مازلت تريده؟، رد الدكتور قائلًا: نعم، ضعه على طاولتى فى المكتب، الذى وجده مطمورًا بالأوراق، فأصابه هاجس أن الدكتور لن يقرأه فى زحمة الأوراق.. ولكن بعد مرور شهر ونصف الشهر، كانت المفاجأة فى ساعة مبكرة من الصباح، حيث كان جورج نائمًا، وجد باب منزله يقرع بقوة وعنف، وحين فتحه وجد أمامه الدكتور متحمساً، يطير فرحًا ويصرخ، قائلاً: لقد حللتهما يا جورج، ثم نُشرت إثباتات جورج فى مجلات الرياضيات العلمية.. وعندما فكر جورج فى كتابة رسالته للدكتوراة، ذهب لاستشارة أستاذه المشرف فى اختيار موضوعها، حينها نصحه بأن يقدم حل المسألتين، قائلًا: أنه سيكون سعيدًا بقبولهما كرسالة دكتوراة، وقد كان.. ومازال حل المسألتين معروضًا فى الجامعة حتى الآن.)

وأضاف تعريفًا: («جورج دانتزغ»، عالم رياضيات أمريكى من أصل ألمانى، ولد 8 نوفمبر 1914م بـ «بورتلاند»، حصل على البكالوريوس من جامعة ميريلاند عام 1936م فى الرياضيات والفيزياء، ثم حصل على درجة الماجستير فى الرياضيات من جامعة ميشيجان عام 1938م، وبعد سنتين من العمل التحق ببرنامج الدكتوراة فى الرياضيات بجامعة كاليفورنيا «بيركلى»، حيث درس الإحصاءات، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية أخذ إجازة من برنامج الدكتوراة، وعاد لاستكمالها عام 1946م، وانضم إلى قسم الرياضيات بمؤسسة راند عام 1952م، وبحلول عام 1960م أصبح أستاذا فى جامعة كاليفورنيا «بيركلى»، حيث أسس وأصدر مركز بحوث العمليات، وفى عام 1966م التحق بجامعة ستانفورد المرموقة كأستاذ بحوث العمليات وعلوم الحاسب الآلى، وفى عام 1973م أسس مختبر نظم التحسين، ويعتبره البعض «الأب الروحى للبرمجة الخطية»، لاختراعه برنامج «البرمجة الخطية»، وهى طريقة تستخدم نماذج رياضية لحساب مخرجات مطلوبة معتمدة على مدخلات مختلفة ومعقدة، تسمح لمستخدمها بالتمكن من الحصول على منتج بأقل تكلفة ممكنة، باتخاذ أفضل قرار على أسس علمية.. توفى «دانتزغ» فى 13 مايو 2005م عن عمر يناهز التسعين عامًا، بعد إنجازات عظيمة).

وخلص «القاضي جمعان» إلى أن قصة « دانتزغ» تعد من أشهر القصص التى يعتمد عليها خبراء التحفيز والتنمية الذاتية، لأن القناعة السلبية التى تتكون لدى البعض تتأتى نتاجًا لصور ذهنية مسبقة رسمها عقول آخرين بمعتقدات خاطئة سلبية صدقوها، لتكون «العقبة» الواجب التخلص منها حتى يبدأ الإبداع فى الازدهار.. وينصح «جمعان» الآباء بعدم وضع العقبات فى طريق أبنائهم، وأن يحرصوا على تربيتهم بأن لا شئ مستحيلا حتى نزرع فيهم معتقدات إيجابية، يكبرون وعقولهم متفتحة قادرة على تطوير مهاراتهم، حيث إن الإلهام لا يأتى كسولاً جهولاً، اعمل واجتهد، وانزع الأفكار السلبية، ستصل حتمًا إلى نتائج إيجابية تتحقق بها معادلة النجاح المتميز.

لنثق بالله، فما أحوجنا إلى أن نجعل من عقول أبنائنا سراجًا وهاجًا، حينها يبزغ فيهم القادرون على الخلاص من عثراتنا ووضع حلولٍ لتجاوز أزماتنا.. ولندعُ الله، بأن يحفظ شعب فلسطين، ويقيه شرور الصهيوأمريكية.. حفظ الله المحروسة شعبًا وقيادة، والله غالب على أمره.. وتحيا مصر.