المسلمون أصحاب قضية

د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء
د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء

المسلم صاحب قضية، وإن اختلفت عليه الأحوال، وإن توجه إليه الطغيان، وإن انتصر فى موقعة وانهزم فى أخرى، فانتصار المسلمين فى بدر تسلية للمؤمنين عبر التاريخ وأخذاً للعبرة الحسنة من الأسوة الحسنة  ، وانهزام المسلمين فى أُحد تسلية عبر التاريخ للمسلمين ، وبين الله سبحانه وتعالى كيف نتعامل مع النصر وكيف نتعامل مع الهزيمة، وكيف أننا فى النصر والهزيمة أصحاب دعوة إلى الله وهداية للعالمين، لا نمل ولا نكل بل إننا نعمل لوجه الله، والله سبحانه وتعالى يحوّل ولا يتحول ، باقٍ لا فناء له ولا لوجهه الكريم.

تمت محاربتنا عبر التاريخ ؛ حاربونا فى الأندلس وأبادوا المسلمين وأخرجوهم من هذه البلاد التى كانت الفردوس ثم صارت الفردوس المفقود.
حاربونا فى الحملات الصليبية المتكررة ومكثوا فى القدس أكثر من مائتى عام.

حاربونا فى صور المغول والتتار.

فماذا كانت النتيجة ؟ لم يكل المسلمون ولم يملوا لأنهم أصحاب قضية، وأصحاب دعوة، وأصحاب حضارة، يبلغونها للناس ويهدونهم ويأخذون بحجزهم عن النار، كما كان رسول الله  يقول ويفعل، حاربنا الصليبيين وبعد مائتى عام خرجوا مدحورين مقهورين غير مأجورين بل خزايا ومفتونين ، هزمنا الصليبيين وأخرجناهم وأسلم منهم جملة كبيرة ، مما دعا ذلك البابا إلى ترجمة القرآن إلى اللاتينية ترجمة محرفة مضحكة حتى يمنع الناس من الإسلام ، لأن هؤلاء الطليعة الذين أسلموا ودخلوا الإسلام ذهبوا يدعون أهلهم هناك، حرَّف وصحَّف وكذب هكذا كانوا دائماً أبدا ، يحرفون ويخرفون ويقدمون ويؤخرون من أجل تشويه صورة الإسلام، وظل المسلم رافعاً لرأسه لأنه لم يحرف كتابه ولم يقل إلا الحق.

ماذا فعلنا فى التتار بعد أن هدموا المكتبة ، وبعد أن جعلوا ماء دجلة والفرات أياماً كثيرة باللون الأزرق والأسود بلون الحبر، نحن الذين بنينا الحضارة والعلم، ونحن الذين اُعتدى علينا فى كل ذلك، ونحن الذين صبرنا ولم نيأس ولم نُحبط بل رفعنا رؤسنا عالياً لأننا نحن المظلومون ونحن أصحاب الدعوة الحق، ونحن المعتدى عليهم، سواء قوينا أو ضعفنا انتصرنا أو هزمنا، فإننا على حال واحد من الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى حتى نلقاه وهو عنا راض فى صبر إن شاء الله رب العالمين ينزل على قلوبنا، سكينة نتلقاها من ربنا سبحانه وتعالى ، وهو سبحانه وتعالى لا يمنعنا فهو المعطى، إن منعنا النصر لا يمنعنا الثبات.
ماذا فعل المسلمون بعد انهيار دار السلام بأيدى التتار كان فينا رجل يسمى (بالإمام النووى) رضى الله عنه وأرضاه، ماذا كان يفعل (النووى) ؟ قاتلهم فى زمنه وبعد زمنه بالهمة العالية وبالعمل الدؤوب المستمر، جلس يحرر ويحقق العلم، وينقحه جلس سنتين لم ينم على جنبه بل كان إذا جاءه النوم نام وهو جالس، جلس يكتب تفرغ للعلم ولم يتزوج، كان تقياً ورعاً يقوم بالليل ويصوم بالنهار، ويجلس لدراسة العلم ويعمل أكثر من عشرين ساعة كل يوم، فماذا فعلتم أيها المسلمون ماذا تفعلون غداً، هل تعود همة (الإمام النووى) ولم يكن وحده، بل كانت همة قد سارت فى الأمة، إنما نضرب به الأمثال، هل تعود همة (الإمام النووى) إلى همتكم فتعملون بالليل والنهار، وتبنون بلادكم وتستعدون للعدو ، هيا بنا إلى العمل، كل فى موطنه من غير يأس ولا إحباط .

إننا وفى هذا الظرف العصيب الذى فيه انكسار وحزن فى القلوب ويأس عند بعض الشباب، وإحباط عند بعضهم ، فإننا ندعو إلى الوحدة ولا نمل من ذلك.