خبير النزاعات الدولية: القصف العشوائي على غزة يندرج تحت جرائم الحرب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: هانئ مباشر

مصر تضع المؤسسات الدولية والقوى الكبرى أمام مسئوليتها وضميرها الإنساني، وتعيد التأكيد على أن الصيغة الوحيدة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؛ هى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها "القدس الشرقية" وذلك من خلال الرسائل القوية والواضحة التى وجهها الرئيس السيسي للعالم أمام القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، خاصة دعوته لفتح تحقيق دولى فورى فى الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين داخل قطاع غزة، وهنا تأتى أهمية الحوار مع الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى والخبير فى النزاعات الدولية، الذى يشرح لنا فى هذا الحوار أهمية التحقيقات الدولية وآلية تفعيلها وإجراءاتها ومن يملك حق تقديمها.

◄ مصر تدعم القضية وتؤيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره

◄ إسرائيل تعصف بكل مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني

◄ كيف ترى دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي لفتح تحقيق دولى فورى في الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين داخل قطاع غزة؟
• إن مواقف مصر فى كافة القضايا الدولية الحاسمة مؤسسة على القانون الدولى، وكل تصريحات الرئيس السيسى الخاصة بالقضية الفلسطينية بشكل عام والأحداث الأخيرة فى قطاع غزة والعدوان الإسرائيلى.. بداية من التصريح عن المؤامرات حول تصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير القسرى لسكان قطاع غزة إلى سيناء، وحتى المطالبة بتشكيل لجان تحقيق - من قبل مجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات الدولية - للجرائم التى ارتكبتها إسرائيل فى القطاع كلها تأتى فى هذا السياق.. وتؤكد إدراك مصر لأهمية إنقاذ قواعد القانون الدولى العام والقانون الدولى الإنسانى، إضافة إلى موقفها الأساسى وهو دعم وتأييد القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطينى الأصيل فى تقرير مصيره.. والبيانات والإدانات التى قدمتها مصر تعكس الإرادة الحاسمة والموقف الرسمى المصرى تجاه الأشقاء فى غزة، والرفض التام لتصرفات الاحتلال الإسرائيلي.

◄ أين يقف القانون الدولي الإنساني من الحرب الدائرة في غزة؟
• القانون الدولي الإنساني لم يترك شاردة أو واردة، وهو قانون النزاعات المسلحة الذى يفرض التزامات وواجبات دولية على المحاربين دون تمييز على الأطراف المتحاربة، وبغض النظر عن سبب وباعث النزاع المسلح.. القانون الدولى الإنسانى يطبق فور اندلاع العدائيات العسكرية بين الأطراف المتحاربة، سواء كانت نزاعات مسلحة دولية أو نزاعات مسلحة غير دولية. وهذا القانون يُعرف أيضاً بـ"قانون النزاعات المسلحة"، وفى السابق كان يُسمى "قانون الحرب"، والهدف من إنشائه وتشريعه حماية المدنيين غير المشتركين بالنزاع المسلح بشكل مباشر، ويهدف إلى "أنسنة" النزاع المسلح، وورد فى أحد نصوصه: "كلمة للمحارب والمقاتل؛ إن استطعت أن تأسر فلا تجرح، وإن جرحت فلا تقتل، وإن استطعت القتل فلا تمثل بالجثة".

◄ هل تم انتهاك القانون الدولي في غزة؟
• القانون الدولي الإنساني هو الذى يعرف الجميع - منظمات وأفرادًا وشعوبًا - بأن هذا القصف العشوائى غير المميز والممارس بحق أهل غزة، يندرج فى جرائم الحرب، كما ينص هذا القانون على أن إبعاد الفلسطينيين إلى خارج القطاع، سواء إلى سيناء أو خارجها، إنما هو جريمة إبعاد وليس تهجيرا قسريا، لأن نصوص القانون نفسها وصفت من قبل بأن الإبعاد والنقل القسرى بالعنف المسلح من قبل سلطات الاحتلال من رام الله إلى القدس أو من غزة إلى حيفا وغيرها، يعد جريمة تهجير قسرى طالما ارتكبت فى حدود الدولة..

وجرائم الحرب التي ترتكب من أطراف النزاع المسلح والانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولى الإنسانى سواء قتل المدنيين أو أخذ رهائن منهم، وعدم التمييز بين المدنيين والمصابين.. وأيضا عدم التمييز بين المنشآت - أى الأهداف المدنية المحمية بموجب القانون الدولى - مثل المدارس والمستشفيات والهيئات التابعة للأمم المتحدة كالأونروا.. هذه أهداف محظور استهدافها من جانب الطرف المحارب، ونرى على مدار الساعة القصف غير المميز والعشوائى لهذه الأهداف المحمية، والرفض دون أسباب والمتعنت من إسرائيل لإنشاء ممرات آمنة أو عبور المساعدات الإنسانية يشكل جريمة تستوجب المساءلة الدولية المدنية لإسرائيل والمساءلة الدولية الجنائية للأفراد الإسرائيليين لمن يثبت تورطهم.

والحصار الذى يشكل عقابا جماعيا كما وصفه الرئيس عبدالفتاح السيسي بالحصار "الجائر" هو محظور بحكم القانون الدولى بما يمثله من تجويع للمدنيين.. وبالمناسبة هو ليس وليد اليوم وإنما مطبّق فعليا منذ عام ٢٠٠٦ بعد أن سيطرت "حركة حماس" بحكم الواقع على قطاع غزة.

◄ هل بدت المؤسسات الدولية غير قادرة على الفعل قانونيا فى هذه الأزمة؟.. وكيف ترون ما تقوله الأمم المتحدة من أن كلا الجانبين - إسرائيل وحماس - ارتكبا جرائم حرب؟
• المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية تحدث عن تحقيقات فى جرائم مُدّعى ارتكابها من الطرفين المتحاربين سواء كانت المقاومة الفلسطينية المسلحة أو قوات جيش الاحتلال الإسرائيلى.. والمحكمة الجنائية الدولية بدأت التحقيقات عام ٢٠١٤ بحق مسئولين إسرائيليين لارتكابهم جرائم حرب جسيمة أثناء "حملة الجرف الصامت" فى قطاع غزة.

◄ اقرأ أيضًا | ارتفاع قتلى جنود الاحتلال.. قذائف «الياسين» تواصل اصطياد الدبابات الإسرائيلية

◄ هل تمتلك المؤسسات الدولية أدوات فاعلة تمكنها من ملاحقة إسرائيل؟
• إسرائيل تعصف بكل مبادئ وقواعد القانون الدولى الإنسانى عبر ممارساتها البغيضة وجرائمها التى لا تنتهى، وتنتهك باستمرار القانون الدولى الإنسانى، بل هى أكثر دولة فى العالم انتهكت قواعد ذلك القانون، فقصف الأهداف والأعيان المدنية المحمية مخالف لكافة الأعراف الدولية، فالأهداف المدنية محمية بموجب اتفاقيات جنيف الأربع التى ليست إسرائيل فقط طرفا فيها بل قامت بإعداد وصياغة هذه الاتفاقيات قبل صدورها فى 1949.

◄ منْ يملك حق توجيه الطلب بالتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة؟
• الدول الأعضاء فى نظام المحكمة الجنائية الدولية أو الدول غير الأعضاء هى التى تستطيع أن تدفع الدعوى الدولية الجنائية ضد المتهمين بارتكاب تلك الجرائم من الإسرائيليين.. أما منظمات المجتمع المدنى والمنظمات الحقوقية وبرلمانات الدول والضحايا والشهود وغيرهم من الأشخاص بموجب النظام الخاص بالمحكمة لا يستطيعون ذلك.

◄ وما الإجراءات التي سوف تتبع لتفعيل هذا الطلب؟
• القمة العربية الإسلامية كلفت الأمانتين العامتين فى منظمة العالم الإسلامى والجامعة العربية بإنشاء وحدة رصد قانونية متخصصة مشتركة لتوثيق الجرائم الإسرائيلية المرتكبة فى قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضى، وتعد مرافعات قانونية حول جميع انتهاكات القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى التى ترتكبها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة وباقى الأراضى الفلسطينية المحتلة..

ويمكن لفلسطين - وسبق لها أن فعلت ذلك عام ٢٠١٥ حينما حصلت على عضوية المحكمة أو لجامعة الدول العربية أو الدول التى شاركت فى القمة وفيهم الكثير من أعضاء المحكمة الدولية - أن يتقدموا بطلب إلى المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية لتسريع التحقيقات الجنائية التى بدأها عام ٢٠١٤. وهناك نماذج سابقة فى أحداث أخرى كما فعلت أوكرانيا حينما تقدمت بشكوى وطالبت بفتح تحقيقات ضد روسيا عقب إعلانها الحرب عليها.

◄ هل العمل فى مثل هذا التحقيق مقصور على الدول والمنظمات الكبرى أم متاح للهيئات الشعبية كمنظمات وجمعيات حقوق الإنسان وللأفراد.. وكيف يشاركون؟
• يمكن للمنظمات الشعبية والأهلية والوكالات غير الرسمية أو الأفراد أن يتقدموا للمدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية بإفادات أو بيانات أو شكاوى أو شهادات حول ارتكاب إسرائيل جرائم ضد الإنسانية، وليس من حقهم كما قلت التقدم بطلبات فتح تحقيق.