مخرجات إيجابية للقمة العربية الإسلامية تنتظر وضع آليات لتنفيذها

الرئيس الفلسطيني في قمة الرياض
الرئيس الفلسطيني في قمة الرياض

■ كتب: أحمد جمال

خرجت القمة العربية الإسلامية التي انعقدت بالمملكة العربية السعودية السبت الماضي بحضور زعماء وقيادات 57 دولة عربية وإسلامية بمجموعة من القرارات والتوصيات الإيجابية التي بعثت بإشارات إيجابية على أن هناك رؤية متفقاً عليها من تلك الدول لوقف العدوان الغاشم على قطاع غزة بعد 40 يوماً من بدء العمليات الإسرائيلية التى أدت إلى استشهاد ما يقرب من 11 ألف شخص أغلبهم من النساء والأطفال، وأجبرت ما يقرب من مليون ونصف مليون شخص على ترك مناطق فى شمال القطاع وتهجيرهم إلى الجنوب.

◄ قمة الرياض تطالب بوقف جرائم الحرب والمجازر البربرية والوحشية

واتفق عدد من الخبراء، على أن قرارات القمة التي بلغ عددها 31 قراراً بحاجة إلى آليات تنفيذية تضمن تحويلها إلى أمر واقع وتساهم في رفع الحصار عن القطاع وإنهاء جرائم الحرب والمجازر التي لا تتوقف، وأن بقاءها مجرد خطوات متفق عليها من جانب الدول التي شاركت في القمة لن يحقق الهدف المرجو والمتمثل في الضغط على الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي لوقف الحرب الدائرة حالياً.

وطالب البيان الختامي الصادر عن القمة العربية الإسلامية المشتركة في الرياض، السبت، بإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، ووقف جرائم الحرب والمجازر البربرية والوحشية وغير الإنسانية، التي يرتكبها الاحتلال، وأدان البيان جرائم الاحتلال الاستعماري ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

◄ اقرأ أيضًا | «حركة فتح»: قمة الرياض لم يكن لها أي صدى لحكومة الحرب الإسرائيلية

◄ قرار حاسم
ورفضت القمة توصيف ما تقوم به إسرائيل من حرب انتقامية ضد المدنيين الأبرياء بأنها دفاع عن النفس، وطالبت بإنهاء الحصار على غزة ودخول قوافل المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والدواء والوقود فورًا، كما طالب بيان القمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة باتخاذ «قرار حاسم وملزم» يفرض وقف العدوان، كما طالب البيان مجلس الأمن باتخاذ قرار فوري يدين التدمير الهمجي الإسرائيلي للمستشفيات في قطاع غزة ومنع دخول الأدوية والغذاء والوقود، ودعا إلى إجراء تحقيق في جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك دعا جميع الدول إلى وقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل التي يستخدمها جيشها والمستوطنون الإرهابيون الذين يقتلون الشعب الفلسطيني ويدمرون منازلهم.

وقررت القمة تكليف وزراء خارجية كل من السعودية، بصفتها رئيسة الدورة الحالية من القمتين العربية والإسلامية، والأردن ومصر وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين، والأمينين العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ببدء تحرك دولي لوقف الحرب على غزة والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة لتحقيق السلام الشامل والعادل.

◄ القمة تدعم كل ما تتخذه مصر من خطوات لمواجهة تبعات العدوان

◄ دعم مصر
وعبرت القمة عن «دعم كل ما تتخذه مصر من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكاف»، وأكد قرار القمة، «استحالة تحقيق السلام الإقليمي بتجاوز القضية الفلسطينية، أو محاولات تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، كما أكدت أيضاً أن «مبادرة السلام العربية التي أيدتها منظمة التعاون الإسلامي، مرجعية أساسية».

وأشار القرار إلى مبادرة السلام العربية باعتبارها «الموقف العربي التوافقي الموحد وأساس أي جهود إحياء السلام في الشرق الأوسط، والتي نصت على أن الشرط المسبق للسلام مع إسرائيل وإقامة علاقات طبيعية معها، هو إنهاء احتلالها لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية، وتجسيد استقلال دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في تقرير المصير وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وحل قضيتهم بشكلٍ عادل وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948.

◄ هريدي: توحد الدول العربية والإسلامية على مبادرة السلام أبرز ما جاء بالقمة

من جانبه، قال السفير حسين هريدي، مُساعد وزير الخارجية الأسبق، إن أهم ما جاء في البيان هى تلك الفقرة الخاصة بإعادة طرح مبادرة السلام العربية باعتبارها هدفاً تتوحد خلفه الدول العربية والإسلامية لحل القضية الفلسطينية، والتأكيد على أن هذا الطرح لا يمكن تجاوزه مهما تمادت إسرائيل في جرائمها ومهما بلغت محاولاتها لتصفية القضية الفلسطينية، مُضيفًا أن البيان تطرق أيضاً إلى نقطة لا تقل أهمية والتي تتمثل في عدم إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إلا إذا ارتبط ذلك بإقامة دولة فلسطين، وهو ما يبعث برسائل إلى إسرائيل بأن السلام مقابل السلام لن يكون له قيمة إذا لم يكن يرتبط بحل القضية على أساس إقامة الدولتين، مشيراً إلى أن البيان ركز أيضاً على نقطة مهمة أخرى تتمثل في تحميل مجلس الأمن المسؤولية لوقف العدوان والتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، لإنهاء المجازر المرتكبة يومياً بحق الأبرياء.

السفير حسين هريدي، أشار إلى أن القمة لم تكن على مستوى الآمال المعقودة عليها، ولم يصاحبها إجراءات عملية للرد على العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، وأن القمة انتهت إلى مخرجات إجرائية وعادية مثل تشكيل لجنة رصد إعلامي وأخرى لحصر جرائم الحرب من خلال وزراء خارجية بعض الدول من خلال التواصل مع جهات دبلوماسية دولية، وهي تحركات لا ترتقي لمستوى التحدي والتهديد الذي تمثله الحرب الإسرائيلية، مؤكداً في الوقت ذاته على تقدير لمواقف القمة الداعمة لتحركاتها في سبيل إنهاء العدوان.

◄ تحرك المجتمع
وأكدت القمة، وفق قرارها الختامي، ضرورة «تحرك المجتمع الدولي فوراً لإطلاق عملية سلمية جادة وحقيقية لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين الذي يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وخصوصاً حقه في تجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بكامل عناصرها»، ونصت قرارات القمة على أن «منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطينى»، وكذلك دعوة الفصائل والقوى الفلسطينية للتوحد تحت مظلتها، وأن يتحمل الجميع مسؤولياته في ظل شراكة وطنية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ودعت القمة، وفق بيانها الختامي، إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في أقرب وقت ممكن، تنطلق من خلاله عملية سلام تستند إلى قرارات الشرعية الدولية.

كما رفض المجتمعون أي «طروحات تكرس فصل غزة عن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية»، وأكدوا أن «أي مقاربة مستقبلية لغزة يجب أن تكون في سياق العمل على حل شامل يضمن وحدة غزة والضفة الغربية أرضاً للدولة الفلسطينية التي يجب أن تتجسد حرة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من يونيو 1967.

◄ السعيد: القرارات التنفيذية تواجه صعوبات بسبب عدم تجاوب إسرائيل

وأكد الدكتور أسامة السعيد، الكاتب والمحلل السياسي، أن البيان تضمن مستويين من القرارات أولها المتعلقة بإدانة العدوان ووقف إطلاق النار والتأكيد على حل الدولتين ودعم جهود مصر في إدخال المساعدات والاعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد عن الشعب الفلسطيني، وهو ما يعبر عن توافق عربي إسلامي مهم حول مجموعة من الثوابت المهمة وطرحها أمام المجتمع الدولي، وأشار إلى مستوى ثانٍ من القرارات ذات الطبيعة التنفيذية مثل فك الحصار وإدخال المساعدات والضغط على إسرائيل لوقف مجازرها، وهي قرارات تكتنفها بعض الصعوبات بسبب عدم تجاوب إسرائيل مع أي جهود إقليمية وعالمية لتحسين الوضع الراهن، وعدم توفر البيئة الملائمة للضغط على إسرائيل مع حالة الشلل التي يعانيها النظام العالمي.

◄ حالة الاستقطاب
وأكد أن الوصول إلى قرار من الممكن أن يتبناه مجلس الأمن يبقى صعباً في ظل حالة الاستقطاب الدولي الراهنة ولن يتحقق إلا بعد حدوث توافق قوى دولية فاعلة على ضرورة وقف الحرب، وفي حال كان هناك قرار يلزم إسرائيل بوقف الحرب دون أن تحقق أهدافها فإن ذلك سيواجه بفيتو أمريكي، وفي حال كان هناك أي قرارات تتضمن مكاسب لإسرائيل سيوقفها الفيتو الروسي أو الصيني، وهو ما يجعلنا أمام وضع دولي غير مسبوق يتيح الفرصة أمام استمرار جرائم إسرائيل وهي دولة مارقة ترى بأنها فوق الحساب وتجاهر علنًا بأنه لا يمكن محاسبة جنودها على ما يرتكبونه من جرائم ضد الإنسانية.

وشدد على أن بعض الإجراءات المرتبطة ببدء التحقيق الفوري في جرائم الحرب بالمحكمة الجنائية الدولية تواجه أيضَا بعض الصعوبات لأن هناك وقائع سابقة لم تتحرك فيها المحكمة لمواجهة الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإنه كان من الأجدى اتخاذ قرارات تشكل ضغوطاً حقيقية على إسرائيل مثل قطع وتجميد العلاقات أو أخرى اقتصادية تتعلق بوقف التبادل التجاري وفي تلك الحالة كانت ستبقى أكثر واقعية.