قتل صديقه .. والخاتم الفضى كشف حقيقة الجثة المجهولة

المجني عليه
المجني عليه

حبيبة‭ ‬جمال

  كم من الجرائم ترتكب لمجرد الشك دون أن يكون هناك دليل مادي ملموس يحول هذا الشك إلى يقين، حتى وإن افترضنا أنه يقين فليس من حق أحد أن يسلب الآخر حياته طالما هناك قانون يحاسب على ارتكاب الجرائم؛ ولكن ما حدث مع المتهم في هذه القضية أنه سار وراء شكوكه مسلما أذنيه للشيطان الذي صور له وجود علاقة غير مشروعة بين زوجته وصديق عمره، لم يمنح نفسه فرصة للتفكير بعقلانية والتأكد من صحة هذه الشائعات، فتحول إلى آلة للقتل لا تعرف الرحمة، اشترك مع شقيقه في قتل صديقه والتمثيل بجثته إمعانًا في الانتقام منه.. وإلى تفاصيل تلك القضية المثيرة.

تفاصيل تلك الجريمة البشعة، تعود لعام ٢٠٢١، وتحديدا يوم الجمعة ٣٠ يوليو، أشرقت شمس يوم جديد، بدأت الحركة تدب في الشوارع، استيقظ الفلاحون للذهاب إلى أراضيهم الزراعية، مشهد وسيناريو معتاد كل يوم سواء في وجه بحري أو قبلي، إلا أنه في يوم الجمعة تغير السيناريو تماما، عندما عثر أحد الفلاحين على جثة متفحمة تماما ملقاة بالطريق ناحية نجع أحمد سعيد بأسنا، عقدت الدهشة لسانه، حالة من الصدمة انتابته، ظل لثوانٍ فاقد النطق لا يتكلم، حتى بدأ يستوعب ما رآه، ظل الرجل يصرخ حتى اجتمع الأهالي وملأ الفزع قلوبهم، وارتسم الحزن على وجوههم من صعوبة المنظر، وتساءلوا أي ذنب ارتكبه هذا الشخص المجهول لتكون نهاية حياته الحرق بهذه الطريقة، تساؤلات كثيرة وسيناريوهات هجمت على عقولهم، ولم يكن أمامهم حلا سوى إبلاغ مركز الشرطة.  تلقى مركز شرطة إسنا، بلاغا بالعثور على جثة متفحمة لشخص مجهول الهوية بمنطقة نجع الشيخ فضيل، على الفور انتقل رجال المباحث لمحل البلاغ، واستدعاء النيابة، التي أمرت بنقل الجثة للمشرحة، وتشكل فريق بحث لكشف اللغز. 

وكان السؤال الأهم ومطلوب الإجابة عليه هو جثة من؟، بدأ فريق البحث يبحث في بلاغات التغيب، وكان من ضمنها أسرة أبلغت عن اختفاء ابنهم الذى يدعى ياسر قبل يومين من اكتشاف تلك الجريمة، تم استدعاء تلك الأسرة للتعرف على جثته، ونظرًا لأن الجثة متفحمة بشكل كامل كان من الصعب التعرف عليه، ولكن تمكنت أسرته من معرفته من الخاتم الذي كان يرتديه وبخاخة الربو التي كانت بحوزته، وبعد معرفة المباحث والتأكد من هوية الضحية، ظل هناك سؤال أهم وهو؛ من المتهم وما الدافع من تلك الجريمة البشعة؟!

مفاجآة

ظل رجال المباحث يعملون ليلا ونهارا لكشف اللغز، حتى توصلت جهودهم إلى أن صديق عمر الضحية وشقيقه وراء ارتكاب تلك الجريمة؛ تمكن رجال المباحث من إلقاء القبض على المتهمين، واللذين اعترفا بتفاصيل الواقعة، والسبب هو الانتقام بسبب الشك. 

المتهم الرئيسي، والذي يدعى حمدي، ويبلغ من العمر ٤٠ عاما، وقف أمام رئيس النيابة يدلي باعترافات تفصيلية عن جريمته، قال: «أنا والمجني عليه أصدقاء من أكثر من ١٤ سنة، كنا نعمل سويا في مجال المقاولات، ودائمًا ما يتردد على بيتي، وعندما أكون في شغل خارج المحافظة أرسل معه أموالا لزوجتي، فكان عندي ثقة كبيرة به، وفي شهر مايو ٢٠٢١م، حدث خلاف بيني وزوجتي، تركت لي الغرفة وظلت تجلس في غرفة بمفردها، وفي إحدى الليالي سمعتها تتحدث عبر الهاتف مع شخص بكلام خارج، وبتقول اسمه ياسر، بدأ الشك يدب في قلبي وعقلي، اشتعلت نار الغيرة في جسدي، لم أتمالك أعصابي، وقولت لنفسي»هو مافيش غيره ياسر صديق عمري بيخوني مع مراتي»!، كنت بفكر أخلص منه لحد ما وصلت إن أخويا طه هو أقرب حد ليا ولو ساعدني مش هيفتن عليا، خططت للانتقام منه.. رحت لأخويا قبل الواقعة بيومين وحكيت له اللي عملته مراتي وإني عاوز أنتقم منهم، فنصحني إني أطلقها أحسن ما أقتلها، لكن مسمعتش كلامه وقررت أقتله، قعدت أنا وأخويا نخطط ازاي نقتله، رسمت خطة وهي أني استدرجه بحجة ان في واحد جاي يشتري مني أرض ولازم أقابله، وفي الوقت ده يكون طه معاه شاكوش وبنزين، وفعلا جه معايا وأول ما وصلنا لأرض فضاء على الطريق واتأكدت أن مافيش حد، ضربته بالشاكوش عدة مرات على راسه، حتى سقط غارقا في دمائه، ثم سكبت البنزين على جسده وأشعلت فيه النيران وتركناه ورجعنا البيت، وحضرنا فرح كان عندنا وفضلنا نرقص ونغني، أنا اخترت يوم الفرح تحديدا عشان محدش يشك فينا ويكون عندنا شهود، لكن في النهاية اتقبض علينا».

هكذا كانت اعترافات حمدي أمام النيابة، وكأنه يدين نفسه أكثر فأكثر، فهو قتل صديق عمره قبل حتى أن يتأكد من خيانته أو حتى يواجه زوجته أو يواجهه هو شخصيا، وارتكب جريمة مكتملة الأركان. 

ياسر ظل مختفيًا يومًا كاملا عن أسرته، فدب القلق في قلوبهم، وظلوا يبحثون عنه في كل مكان، ولكن بلا فائدة، ولم يكن أمامهم حلا سوى تحرير محضر بالاختفاء، لم يكن يخطر ببالهم أن يكون مات أو بمعنى أصح قتل بهذه الطريقة البشعة، وعلى يد من؟!، على يد صديق عمره لمجرد تهيؤات، فحسب كلام أسرته أن ياسر مشهود له بالأخلاق وحسن السيرة، وكان مخلصا لزوجته.

أمرت النيابة بحبس حمدي وشقيقه، وتحولت القضية للمحكمة، وتقدمت أسرة الضحية بكافة الأدلة التي تثبت كذب المتهم وأن الدافع ليس الخيانة كما أدعى.

القصاص

ظلت القضية متداولة داخل ساحات المحكمة، حتى أسدلت محكمة جنايات الأقصر، وتحديدا الدائرة الثانية، الستار عن تلك الجريمة، وقضت المحكمة برئاسة المستشار محمود عيسى سراج الدين، وعضوية المستشارين تامر ثروت شاهين، وطارق عبدالفتاح عمر، وماجد محمود حميدة، وأحمدالسيد الداودي، بإحالة أوراق المتهمين لفضيلة المفتي لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهما، بعدها صدر الحكم يوم 3 نوفمبر الماضي بإعدام المتهم وشقيقه.

اقرأ أيضا : قضايا الأسبوع بالقليوبية| إحالة عامل خردة قتل صديقه للمفتي.. الأبرز


 

 

 

;