إنها مصر

زعيم لا يبحث عن زعامة

كرم جبر
كرم جبر

مصر حاضرة بقوة، تدعمها المواقف الوطنية القوية للرئيس عبد الفتاح السيسى، منذ أحداث 7 أكتوبر حتى الآن، ولم تهدأ لحظة واحدة عن متابعة تطورات الأحداث فى غزة، والتباحث مع قادة وزعماء دول العالم، زعيم لا يبحث عن زعامة وتحركه دوافع الدور الوطنى العظيم لبلده دفاعا عن القضية الفلسطينية.

ومنذ البداية، كان الرفض المصرى لكل محاولات التهجير إلى سيناء، بحسم وحدّة وقوة، واغلقت هذا الملف تماما، وواجه الرئيس كل قادة العالم سواء الذين حضروا إلى مصر، أو من خلال الاتصالات، بعبارة قاطعة لا تقبل التأويل «لن نسمح ولن نناقش ولن نقبل» أى حديث بشأن التهجير..

سيناء خط أحمر، ولن تكون موضوعاً لأى مباحثات.

جاء زعماء الغرب إلى مصر بوعود وإغراءات وضغوط، وتوهموا أنهم يقدمون حلاً سحرياً لإسرائيل، للتخلص من حماس بالتهجير إلى سيناء، فأدركوا منذ اللحظة الأولى أنهم يواجهون زعيماً مصرياً وطنياً على رأس المؤسسة العسكرية العظيمة، التى حررت سيناء مرتين بالدماء والتضحيات، من إسرائيل ومن الإرهاب.

ولا يمكن السماح لأى قدم أن تطأها غير المصريين، الذين ضحوا كثيراً من أجلها، وفى كل بيت مصرى إما شهيد أو مقاتل نال شرف الخدمة فى القوات المسلحة.

وواجه الغرب زعيماً وطنياً استطاع أن يعبر بالبلاد من الفوضى إلى الاستقرار، ومن الجحيم العربى إلى الخلود المصرى.. ومن مؤامرات التفكيك إلى دولة القوة والتنمية والبناء.

هذه هى الظروف التى صاحبت أحداث غزة ، واتسمت المواقف المصرية بالوضوح الذى لا يقبل التأويل، فمصر هى التى قدمت أكبر قدر من المساعدات لأهالى غزة رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، وبذلت جهوداً كبيرة لإدخالها عبر منفذ رفح، ووقف المصريون جميعاً خلف زعيمهم فى مبادراته الإنسانية لوقف النزيف الدموى الرهيب، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية.

ومصر هى التى أعادت من جديد إحياء القضية التى حاولت إسرائيل إنهاءها وتصفيتها والقضاء عليها بمؤامرة التهجير الساذجة، وأعادت تذكير العالم بقرارات الشرعية الدولية، وحل الدولتين وإحياء الأمل فى نفوس الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة.

واتسمت الرؤية المصرية بالعمق والحكمة والهدوء والبعد عن الانفعال والقرارات المتسرعة، رغم تعقيدات الأزمة واستفزازات بعض الأطراف.

وارتفع صوت مصر عالياً أمام العالم كله ، خصوصا قادة وزعماء الغرب، الذين ضربوا بالعدالة الإنسانية والشرعية الدولية عرض الحائط، وهم يدافعون عن إسرائيل، تحت مظلة كاذبة اسمها الدفاع الشرعى عن النفس.

وفى ظل هذه الظروف ليس متصوراً أن ترتفع القمة العربية الطارئة فى الرياض إلى الحد الأقصى من القرارات، مثل استخدام سلاح البترول أو المقاطعة، أو أن تحذو «قمة اللاءات الثلاثة» التى انعقدت فى الخرطوم بعد نكسة 1967 «لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض».

المأمول أقل من ذلك.

الحد الأدنى هو ضرورة الاتفاق على وقف المجازر التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى فى غزة، وإدانة دامغة لسياسة العقاب الجماعى، وتأمين دخول المساعدات بالقدر الذى تحتاجه غزة، وليس بالقدر الذى تسمح به إسرائيل.

وبعد ذلك .. مصر تدير الملفات الشائكة بمهارة وشجاعة ووطنية ، لا تستخدم الشعارات ولا تلتزم الصمت ، وانما تفعل ما يمليه عليها ضميرها وتضحياتها من اجل القضية الفلسطينية.