بعد زفافه بـ 40 يومًا.. 40 طعنة فى جسد محمد

اللحظات الأخيرة فى حياالضحية
اللحظات الأخيرة فى حياالضحية

المنوفية:‭ ‬إيمان‭ ‬البلطي

  تخيل أنك اشتريت قصة كي تقرأها، وعندما بدأت في القراءة انتهت القصة دون أن تستكمل أحداثها؛ هذا هو حال «محمد»، الشاب الذي بلغ عامه الـ20 قبل شهور، والذي لم يمر على زواجه أكثر من 40 يومًا، والذي طعن غدرًا بعد خروجه من العمل، قبل أن يعود إلى المنزل، ودون أن يعرف أن زوجته قد تكون في رحمها نطفة منه. تفاصيل أكثر عن تلك الواقعة التي شهدت أحداثها قرية ميت الواسطى، التابعة لمركز الباجور في محافظة المنوفية، ترويها السطور التالية.

عاش محمد حسن حجازى، طفولة أبعد ما تكون عن اللهو، طفولة كلها تعب وجهد، عرق وكفاح، كونه الابن الوحيد على 5 شقيقات، وعلى الرغم من أن هذه ميزة تجعله يحظى بكل أنواع الدلع، إلا أنه منذ أن بلغ الـ9 أعوام من عمره، قد شق طريقه للعمل، لمساعدة والديه فى ظروف الحياة، حيث وجد شقيقاته البنات، يوما بعد آخر، يكبرن ويحتجن إلى نفقات كثيرة، خاصة بسبب تجهيزهن للزفاف.

لأجل ذلك، عمل فى ورشة سيارات كصبى دهانات، ونتيجة التزامه وتفانيه في عمله، أصبح صاحب الورشة لا يستطيع العمل بدونه، وعلى هذا الحال استمر يومه، في التاسعة صباحًا يخرج من بيته، وفي الحادية عشر مساءً يعود إلى منزله، ومنذ وقتها وعلى مدار 10 أعوام كاملة، كان قد استطاع مع أبيه أن يزوّج شقيقاته الخمس، ولن يتبقى إلا هو.

بشرى

حينها همست والدته في أذنه بأنها وجدت له عروسًا، فتاة من بيت طيب وأهلها أناس طيبين، حينها أعجب محمد بالفكرة، خاصة بعد أن عرف العروس التي تقصدها والدته، تقدم لخطبتها، وبعد أقل من عام، كان قد تزوجها على سنة الله ورسوله.

قبل حوالي شهرين من الآن، كان أهالي العروسين يستعدان لحفل الزفاف، كل منهما يجهز نفسه، وفي اليوم الموعود، زفت العروس إلى بيت عريسها. وبعد أسبوعين من حفل زفافه، خرج محمد من البيت ليعود إلى عمله، فهو يدرك أن كل يوم يتقاعس فيه عن عمله هو الذي سوف يتحمله، وأن في رقبته الآن زوجة، وأن مسؤولياته تضاعفت.

بالفعل، عاد إلى العمل، وكما كان الحال من قبل، يخرج في الصباح الباكر ويعود قبل منتصف الليل بدقائق قليلة، حتى مر على زواجه حوالي 40 يومًا.

في صباح هذا اليوم، أبلغته زوجته بأنها تعاني من بعض التعب، وأنها ستذهب هي وحماتها في هذا اليوم إلى الطبيب لتطمئن على صحتها؛ حينها أعطاها محمد ما بقي معه من مال، وقال لها بأنه سينتظر منها مكالمة تطمئنه على حالتها بعد أن تنتهي من الكشف، وخرج إلى عمله.

بعد ساعة من خروجه، خرجت الزوجة بصحبة حماتها إلى الطبيب، وهناك تم إبلاغهما بالبشرى، الزوجة في أيام حملها الأولى، تحمل في أحشائها نطفة.

حينها أسرعت الأم إلى الاتصال بابنها، لكنها لم تزف له البشرى، أرادت أن تجعلها مفاجأة أو كما يقولون حادث سعيد، فقط اكتفت بأن تستعجله للعودة إلى المنزل، وأن لا ينسى أن يمر على المخبز كي يشتري بعض الـ»فينو والبقسماط» لزوجته، لأنها مصابة بالقيء، وأنها قد أحضرت له الطعام الذي يحبه وينتظرانه، وقتها أخذ يمزح محمد مع والدته ويسألها عن سر استعجاله، لكنها ضحكت وقالت له: «لما تيجي هقولك»، وياليتها كانت قالت له، ربما ترك ما في يده واستأذن من صاحب الورشة واسرع يحتفل مع زوجته وأسرته بهذا الخبر السعيد لكنها أقدار.

نهاية مبكرة

في حديثها لـ»أخبار الحوادث»، تحكي والدة محمد تفاصيل ما تعرض له نجلها قائلة: «ابني محمد كان بار جدا بيا، ومكانش بيرفض لي طلب، هو كان بيشتغل في ورشة السيارات، وكان دايما بيتكفل بينا وبإخواته البنات، لحد ما كلهم اتجوزوا، ورفض يكمل تعليمه، ولما انتهينا من جوازات إخواته، جوزناه من حوالي شهرين، وكنا عايشين في بيت واحد، وقبل اللي حصل دا بيومين تعب وجاله ضيق تنفس، وقتها قولتله يارب يابني يبقى يومي قبل يومك، لكن ساعتها قالي يا عالم يا أمي مين عمره قبل التاني، يمكن أموت أنا قبلك، وكأن كان قلبه حاسس».

واستكملت: «يوم الحادث، بلغناه إننا هنروح نكشف لمراته، وفعلا روحنا وهناك عرفنا إنها حامل، وقتها كلمته واستعجلته عشان يجي، بس مرضتش أقوله ساعتها، قولت مش هينفع أقوله في التليفون، بس يارتني كنت قولت، لاني من بعدها مشوفتوش تاني.. ولما جالي البيت كان مات».

وأضافت: «مرة واحدة لقيت نانسى، زوجة ابنى، تصرخ بشدة، وبتقول الحقينى يا ماما حد اتصل بيا، وقال لي محمد حد طعنه وخدوه على المستشفى، وقتها مستوعبتش الخبر، غير لما لقيت بناتى داخلين عليا بيصرخوا، ولما روحت المستشفى لقيت محمد مدبوح من رقبته، ومش بيتكلم، ولما شافني رفع إيده كأنه بيطمني، وبعد لحظات دخل العمليات، وبعد ٤ أيام مات».

حينها انهارت الأم في البكاء، وأضافت والدموع لا تتوقف من عينيها: «كنت محتاجاك يا محمد، استودعته عندك يارب» ثم لزمت الصمت، حينها تحدثت شقيقة محمد، متابعة: «أمي كل يوم بالليل من بعد اللي حصل بتخرج من البيت للشارع وتبقى عايزة تروح قبر محمد، مش مصدقة إنه مات، لدرجة إن بيجي عليها لحظات تخرج من البيت تحضن عمود النور وتبكي».

الجريمة

حينما كان محمد يقف أمام مخبز الـ»فينو»، وينتظر دوره لشراء ما طلبه من الرجل، ومعه صديقه، يتحدثان سويًا، جاء بجانبه شاب معروف بسوء سمعته، يدعى أحمد، حاول استفزاز محمد، قال له: «إزاي عريس وراجع لمراتك بالبويات دي على لبسك وشكلك.. مش خايف تقرف منك»!

حينها محمد لم يتحمل سماع ما قيل له، اندفع بسرعة نحو أحمد، وبدأ الأثنان يتشاجران سويًا، لكن عندما أدرك أحمد أنه خاسر، انسحب على الفور قبل أن يتعرض للضرب، لكنه انتظر محمد في مكان آخر، وبصحبته يوسف، شخص آخر معروف بسوء السمعة، وفور أن لمحا محمد يقترب منهما افتعل الاثنان معه مشكلة، هذه المشكلة كان مخططا لها، لأن فور أن بدأت المشاجرة بين أحمد ومحمد، أعطى يوسف لـ أحمد «مطواة»، وفور أن التقطها منه، طعن بها محمد طعنة غائرة في رقبته، ولاذ الاثنان بالهرب.

وفي حديثه لـ»أخبار الحوادث»، تعقيبا على ما حدث لنجله، قال الأب: «فور ارتكاب الجريمة ونقل نجلي إلى المستشفى، تحركنا على الفور إلى هناك، وعرفنا ما حدث، وقتها حررت محضرًا بالواقعة، وتحرك رجال المباحث وتم القبض على المتهمين، وبعد ضبطهما وتحرير محضر الضبط، تم إحالتهما إلى النيابة العامة، والتي بدورها بدأت التحقيق مع المتهمين، واعترفا بارتكاب الواقعة، وتبين أنهما مسجلين خطر، ولهما صحيفة سوابق، وعليه تم الأمر بحبسهما ٤ أيام على ذمة التحقيق لحين ورود تقرير الطب الشرعي، وفي الموعد المحدد جددت النيابة حبس المتهمين ١٥ يومًا على ذمة التحقيق».

واختتم قائلا: «انتظر القصاص العادل من قضائنا الشامخ، وحسبي الله ونعم الوكيل». 

اقرأ أيضا : في 24 ساعة .. المباحث تحل لغز جثة بلا رأس في ترعة الإسماعيلية


 

 

 

;