أخى .. جاوز الظالمون المـدى فحقَّ الجهادُ وحقَّ الفـِدا

أم كلثوم تنصت للحن محمد عبد الوهاب لقصيدة «أصبح عندى الآن بندقية»
أم كلثوم تنصت للحن محمد عبد الوهاب لقصيدة «أصبح عندى الآن بندقية»

يعتبر الموسيقار محمد عبد الوهاب أول فنان يصرخ فى وجه العدو الصهيونى عندما استولى على فلسطين بالقتل والحرق وإثارة الرعب فى نفوس أهلها والاستيلاء على منازلهم ومزارعهم وتدنيس مقدساتهم، وارتكاب المذابح جهاراً نهاراً أمام أعينهم، لم يترك لهم مكاناً آمناً، القنابل تلاحقهم فى كل مكان وطلقات الرصاص تتعقبهم أينما ذهبوا، فنزحوا تاركين كل شىء خلفهم، حدثت «النكبة» على يد اللصوص الذين أقاموا كيانهم الصهيونى بوعدٍ من «بلفور» وليس بوعد من الله كما يُزعمون، الشاعر العروبى الرقيق على محمود طه تأثر مثل كل ملايين المصريين والعرب بضياع فلسطين فكتب قصيد ته الشهيرة «فلسطين» قبل أن يرحل عن الدنيا بعد النكبة بعام، وتأثر بها الموسيقار محمد عبد الوهاب فلحنها وشدا بها لفلسطين الحبيبة التى لها مكانة روحية فى النفوس والقلوب، لتبقى القصيدة وثيقة غنائية تعبر عن صلابة القوة الناعمة فى مساندة أصحاب الحق والأرض، لحنها عبد الوهاب وغناها عام 1948 بلحن يجمع بين الحزن على ما جرى، والتحدى من أجل استرداد ما ضاع فى القصيدة التى تقول كلماتها:


«أخى جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدا .. إن تركهم يغصبون العروبة مجد الأبوة والسؤددا.. وليسوا بغير صليل السيوف يجيبون صوتاً لنا أو صدى.. فجرد حُسامك من غِمده فليس له بعدُ أن يغِمدا.. أخى أيها العربى الأبىُ أرى اليوم موعدنا لا غدا.. أخى أقبل الشرق فى أمة ترد الضلال وتحيى الهدى.. صبرنا على غدرهم قادرين وكنَا لهم قدرا مرصدا.. طلعنا عليهم طلوع المنون فصاروا هباء وصاروا سدى.. أخى قم إلى قبلة المشرقين لنحمى الكنيسة والمسجدا.. أخى إن جرى فى ثراها دمى وأطبقت فوق حصاها اليدا.. ففتش على مهجةٍ حرةٍ أبت أن يمر عليها العدا.. وقبِل شهيداً على أرضها دعا باسمها الله واستشهدا.. فلسطين يفدى حماكِ الشباب وجنَ الفدائيُ والمقتدى.. فلسطين تحميك منَا الصدور فإما الحياةُ وإما الردى».
وبعد 13 عاماً من رائعته الأولى، عاد ليقدم عام 1961 قصيدة جديدة بعنوان «فلسطين» للشاعر صالح جودت، يقول مطلعها: « مهد البطولات أرض العرب.. أرض العلا من قديم الحقب» .


وعقب هزيمة 1967 التى احُتلت فيها سيناء والجولان والضفة وغزة والقدس.. كتب الشاعر الكبير نزار قبانى قصيدة «طريق واحد» التى لحنها موسيقار الأجيال وشدت بها سيدة الغناء العربى أم كلثوم، ثلاثى من العمالقة شعراً ولحناً وأداء فى صرخة مشحونة بالألم تقول كلماتها: «أصبح عندى الآن بندقية.. إلى فلسطين خذونى معكم .. إلى ربىً حزينةٍ كوجه مجدلية .. إلى القباب الخضر.. والحجارة النبيه.. عشرون عاماً.. وأنا أبحث عن أرضٍ وعن هوية.. أبحث عن بيتى الذى هناك.. عن وطنى المُحاط بالأسلاك.. أبحث عن طفولتى.. وعن رفاق حارتى.. عن كتبى.. عن صورى.. عن كل ركنٍ دافئٍ.. وكل مزهرية».


وفى سنة 1963 لحن عبدالوهاب من كلمات حسين السيد نشيد «صوت الجماهير» الذى غنت فيه فايدة كامل مقطعاً يقول: «باسم اتحادنا قوم يا كفاحنا.. قول للصهاينة المعتدين.. راية العروبة عرفت طريقها.. من عام ثمانية وأربعين»، ولحن وغنى محمد عبدالوهاب «والله وعرفنا الحب» التى تتضمن مقطعاً تقول كلماته: «وحياة حبكِ.. لأجل عيونكِ يا فلسطين.. راجعين راجعين.. جيش تحريرك إيدو فى إيدينا.. بكرا ح يعلن عيدو وعيدنا».
فعلاً.. الأغنية سلاح يلهب حماس المقاومة فى مواجهة المحتل الغاصب.