خبراء يرسمون سيناريوهات إنهاء الحرب في غزة| اجتياح بري.. خروج حماس.. وصاية وقوات دولية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: محمد ياسين

مر نحو شهر على انطلاق عملية «طوفان الأقصى»، ولا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تقذف غزة بكل الأسلحة المحرمة دوليًا فى عملية إبادة كاملة لأهالى القطاع، ويبدو أن الأمر سيطول بعد الفشل الإسرائيلي فى تحقيق انتصار عسكرى على الأرض تستطيع من خلاله حكومة نتنياهو أن تستر به نفسها أمام الإسرائيليين، فالمقاومة الفلسطينية مازالت صامدة أمام الآلة العسكرية الصهيونية، بل تأسر جنود الاحتلال، وتُكبدهم الخسائر فى المُعدات والأرواح لتعود إسرائيل للقذف الجوى للقطاع، لكن فى النهاية لا بد من وجود مخرج لإنهاء الأزمة، ووقف إطلاق النار، ومنع المزيد من عمليات القتل للمدنيين الفلسطينيين.

«آخرساعة» ناقشت مع عدد من الخبراء المخارج المطروحة والسيناريوهات المتوقعة لإنهاء هذه الأزمة وإمكانية تحقيقها..

◄ فرج: الاحتلال لم يستولِ على «متر» من أرض القطاع حتى الآن

بداية، يؤكد اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجى والعسكري، أن ما يتم فى غزة مجزرة إنسانية لم تحدث فى التاريخ الحديث ولا الحرب العالمية الثانية، وبعد شهر من بداية طوفان الأقصى لم تحقق إسرائيل أى نجاح عسكرى من وجهة النظر العسكرية، وهذا يعنى أنها ستستمر فى هذا الموضوع، وجيش الاحتلال الإسرائيلى لم يستولِ على متر من أرض القطاع حتى الآن، فهو يخترق 3 كيلو استطلاع بالقوة ويرجع مرة أخرى لم يسيطر على أى منطقة داخل غزة وما يزال يستخدم قوة النيران لتدمير كل شيء، ويقوم بتدمير المدنيين وقتل الأطفال.

وبشأن السيناريوهات المتوقعة، قال إنها عديدة وأولها أن تعود غزة تحت وصاية السلطة الفلسطينية فى الضفة تحت قيادة أبو مازن، وهو ما تنادى به مصر وترفضه إسرائيل، والسيناريو الثانى أن تعود غزة تحت السيطرة المصرية مثلما كانت بين عامى 1948 و1967 وهو التصور الذى ترفضه مصر، لأنه سيكلفها الكثير من الأعباء الأمنية والاقتصادية والسيناريو الأخير أن تكون غزة تحت وصاية أممية سواء من الأمم المتحدة أو قوة دولية وهو ما ترفضه مصر، لأنه سيؤثر على الأمن القومى المصرى بوجود قوات على الحدود المصرية، ولفت إلى أن إيران لن تدخل فى تلك العملية العسكرية، بسبب الأزمات الاقتصادية أو القيود التى فرضتها عليها أمريكا، وحزب الله التابع لإيران لو ضرب إسرائيل سيشكل أزمات كبيرة على تل أبيب، لكن ستكون القوات الأمريكية المتواجدة على شواطئ إسرائيل هى المواجهة لأى محاولة من حزب الله.

◄ اقرأ أيضًا | عادل حمودة: 200 مليار دولار خسائر إسرائيل في الشهر الأول للحرب على غزة

◄ سيناريوهات عديدة
اللواء نصر سالم الخبير الاستراتيجي، يرى أن هناك العديد من السيناريوهات لخروج الأزمة والسيناريو الأول هو بقاء الحال على ما هو عليه، من حيث نجاح حماس فى عدم التعرض لخسائر كبيرة من خلال امتلاكها للقدرة القتالية وجاهزية الدفاعات بشكل جيد بالإضافة إلى شبكة الأنفاق التى تديرها المقاومة تحت غزة، والتى لم تستطع إسرائيل الوصول إليها أو تحديد فتحه نفق واحد منها، حيث تحتوى الأنفاق على مصانع أسلحة وذخيرة وغرف عمليات، والأنفاق بها أماكن حشد إلى جانب وجود التموين اللازم للإعاشة مع توفير المؤن لمدة طويلة، وبهذا السيناريو تكون قد فشلت إسرائيل فى تحديد فتحات الأنفاق وحجم قوات حماس وإمكانية توجيه ضربات لها أما على المستوى الإقليمى والدولى، فهناك ضغط من الدول الأجنبية للإفراج عن الرهائن بالإضافة إلى استمرار المساعدات الإنسانية على القطاع، أما السيناريو الثانى فهو خروج أفراد حماس فى حماية دولة موثوق بها، ومعها الأسرى إلى إحدى الدول كمنفى اختيارى ثم يتم تبادل الأسرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مما يعقبه إعلان سيطرة فتح على غزة، وذلك من أجل ضمان خروج حماس الآمن إلى دولة آمنة وتقوم إسرائيل بعد خروج أفراد حماس بتفخيخ الأنفاق وتدميرها وتغيير ملامحها مع تسليم «فتح» قيادة القطاع وتصبح الدولة الفلسطينية بشقيها الضفة الغربية وقطاع غزة تحت قيادة واحدة وهى منظمة التحرير.

أضاف، أن بهذا السيناريو تكون إسرائيل قد فشلت فى القضاء على المقاومة، بالإضافة إلى تعرض إسرائيل للضغط الدولى والداخلى من أهالى الرهائن والأسرى الإسرائيليين، وتنجح إسرائيل بإخلاء قطاع غزة من حماس وباقى الفصائل، وتسعى بعد تنفيذ هذا السيناريو إلى احتلال ساحل غزة بالكامل لإحكام الحصار على غزة مع نشر منظومة دفاعات متكاملة لمنع أى تهريب أسلحة إلى غزة، وفى هذا السيناريو يكون الموقف الدولى هو زيادة الضغط الدولى والداخلى على الحكومة الإسرائيلية للحفاظ على سلامة الرهائن والأسرى مع تدخل دبلوماسى دولى للوصول إلى حل وسط يحقق مصالح الطرفين، وفى هذه الحالة تستطيع الأمم المتحدة التنسيق والتشاور بشأن إقامة دولة فلسطينية جنبا إلى جنب مع إسرائيل.

◄ الاجتياح البري
وأوضح سالم، أن السيناريو الثالث وهو ما لا نتمنى حدوثه، هو أن تجتاح إسرائيل القطاع بريًا، وهو ما بدأت بالفعل فى محاولة تنفيذه وما تلاقيه من مقاومة مستميتة من جانب حماس وعناصر المقاومة، بالإضافة إلى محاوله اتخاذ الأسرى والرهائن دروعا بشرية للضغط على إسرائيل، وتقوم حماس بنسف وتدمير الأنفاق قبل استيلاء إسرائيل عليها مع استخدام عبوات وأحزمة ناسفة من جانب الأفراد، بالإضافة إلى إمكانية خروج عناصر قيادات حماس عن طريق البحر أو من خلال أنفاق هروب معدة لذلك بعيدا عن القطاع، وتكون إسرائيل قد تمكنت من إحداث نسبة خسائر فى قوات حماس بالإضافة إلى اكتشاف فتحات الأنفاق مع استخدام القنابل الزلزالية لهدم الأنفاق، أو ضخ الغازات السامة بها ونسف جميع الأنفاق الخشبية فى محاولة القضاء على جميع أفراد حماس وأسر من يتمكنون منهم، بالإضافة إلى إخلاء منطقة الساحل تماما بعمق لا يقل عن اثنين إلى ثلاثة كيلو مترات، وإنشاء نظام دفاعى ساحلى عازل حول غزة وإحكام السيطرة على جميع الاتجاهات، والموقف الدولى فى هذه الحالة هو اتجاه الضغط الأمريكى والأوروبى على الجانب الفلسطيني، بالإضافة إلى تزويد إسرائيل بكل الأسلحة والذخائر والمعدات التى تمكنها من اكتشاف الأنفاق وتنفيذ الاجتياح البرى، وفى حالة اشتعال الموقف من جانب أذرع المقاومة واحتمال تدخل إيران سوف يؤدى إلى أن تدعو أمريكا لتشكيل تحالف دولى ضد المقاومة، واستخدام كل القواعد الجوية فى المنطقة بالإضافة إلى الأسطولين السادس والخامس ضد لبنان وسوريا وغزة.

◄ سالم: هدف إسرائيل المعلن القضاء على حماس لكنها تبيد الشعب الفلسطيني

◄ وقف النار
ويواصل سالم، أن السيناريو الرابع وهو وقف إطلاق النار والتوصل إلى تفاوض بين الطرفين، حيث تكون حماس قد نجحت فى التصدى والصمود للهجمات الإسرائيلية، وموقف عربى داعم وموقف إقليمى وعالمى داعم لوقف إطلاق النار والعودة للمسار التفاوضى، وبهذا السيناريو تكون إسرائيل قد فشلت فى إنزال نسبة خسائر التى تمكنها من اجتياح القطاع بالإضافة إلى زيادة الضغط الداخلى على الحكومة من الشارع الإسرائيلى وخاصة أهالى الأسرى والرهائن، مع زيادة الأزمة الاقتصادية داخل إسرائيل، وتعرضها لمزيد من الخسائر نتيجة توقف السياحة واستدعاء عدد كبير من الاحتياطى، أما الموقف الدولى فيكون زيادة ضغط الشارع فى العواصم العالمية على حكوماته وإجبارها على إدانة الهجمات الإسرائيلية والدعوة إلى وقف إطلاق النار مع تدخل دولى وأممى لإعاده إعمار غزة والعودة إلى مائدة التفاوض من أجل حل الدولتين، مُضيفًا أن الهدف المعلن لإسرائيل هو القضاء على منظمه حماس، ولكن غير المعلن والذى لم يعد يخفى على العالم هو إبادة إسرائيل للشعب الفلسطينى، ومحوه من الوجود أو على أقل تقدير إجبارهم على النزوح خارج الأراضى الفلسطينية إلى أى أرض عربية مجاورة أو حتى خارج دول الإقليم، وفى كل الحالات تسعى إسرائيل إلى تعديل الميزان الديموغرافى بين عدد الإسرائيليين والفلسطينيين، أما عن اجتياح إسرائيل لدفاعات حماس داخل قطاع غزه فلن تجرؤ إسرائيل على ذلك قبل تمكنها من إنزال نسبه خسائر بدفاعات المقاومة، التى لا تقل عن 90% ولذلك فهى تقوم بإطالة زمن العملية العسكرية لتحقيق هدفها الأول وهو قتل أكبر عدد من الفلسطينيين، وفى نفس الوقت إنزال أكبر نسبة خسائر فى دفاعات المقاومة، وحتى الآن لم تتضح الصورة بشكل كامل، وهل ستحقق دولة الاحتلال هدفها أم تنجح المقاومة فى صدها، وحسبما ستسفر عنه المواجهة على الأرض فى غزة سيتحدد السيناريو الأقرب.

◄ الغباشي: لو سيطرت إسرائيل على غزة ستتحول لـ«سجن كبير»

◄ نقل الوصاية
من جانبه، قال اللواء محمد الغباشي رئيس مركز آفاق للدراسات الاستيراتيجية، إن الوقت مبكر للحديث عن السيناريوهات المتوقعة لإنهاء أزمة غزة، وإن كانت إسرائيل تقوم بعملية سحق عظام للقطاع، مع عدد من الاقتحامات الناجحة والفاشلة وأتوقع السيناريو الأول مثلما حدث فى بيروت عام 1982 وهو الخروج الآمن للمقاومة مع نقلهم لإحدى الدول العربية، وهو ما يصعب تحقيقه لاستحالة نقل كل عناصر حماس وبالتالى سيتم تشكيل المقاومة مرة أخرى.

أضاف، أن السيناريو الآخر هو نقل وصاية غزة للسلطة الفلسطينية، وهو سيناريو عليه الكثير من علامات الاستفهام لأن حكومة أبو مازن غير قادرة على السيطرة على الضفة الغربية، وهو ما يتسبب فى الكثير من المشاكل لإسرائيل، والسيناريو الآخر أن تدير إسرائيل بنفسها القطاع، فيتحول القطاع إلى سجن كبير، وهو ما يتطلب قدرات عسكرية كبيرة بالإضافة إلى التكلفة الاقتصادية، والسيناريو الآخر وهو أن بعض العناصر المدنية فى القطاع تسيطر عليه وهو ما يتطلب وساطة وقيادة أممية وقوات دولية، وهو الحل الذى يتطلب وجود قوات عربية داخل القطاع وهو حل صعب لأن سكان القطاع سيشعرون بأن الاحتلال قد تبدل من صهيوني إلى عربي.

◄ غير مفيد
بينما يقول اللواء حلمي زكي، إن وضع قوات دولية فى غزة لن يفيد فى شىء فبالفعل يوجد قوات تابعة للأمم المتحدة فى القطاع وهى الأنوروا والتى تقوم إسرائيل بقذفها فإسرائيل دولة فوق القانون لا تحترم المواثيق والمعاهدات الدولية، ويضيف أن القوات التى من الممكن أن تدخل فى القطاع هى حلف الناتو، والتى تكون موجودة كنوع من الحماية لإسرائيل، والسيناريو الآخر سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع وهو ما سيفشل نتيجة للتوتر الموجود بين فتح وحماس.