خارج النص

حقائق التاريخ التى يحاولون تغييرها!!

د. أسامة السعيد
د. أسامة السعيد

أعظم ما يقدمه لنا التاريخ عندما نجيد قراءته، هو فهم أفضل للحاضر، لكن البعض  وبخاصة من يتملكهم الغرور وأوهام القوة يتصورون فى أنفسهم القدرة على تغيير ذلك التاريخ، فيكون مصيرهم كمصير الأولين، ويتحولون هم أنفسهم إلى دليل جديد على صحة قوانين الزمن وأحكام التاريخ.

أقول ذلك وأنا أقرأ ما يجرى اليوم من مذابح جماعية فى قطاع غزة، على يد أبغض قوة احتلال لا تزال باقية على وجه الأرض، أقرأ ما يجرى كأنه صفحة فى كتاب التاريخ، فأكاد أرى بعينى نهايتهم، رغم كل ما يتحصنون به من عدة وعتاد.

اقرأوا تاريخ الحملات الصليبية على الشرق، لتدركوا أن إسرائيل ليست سوى واحدة من تلك الحملات الدموية التى حاولت ولا تزال السيطرة على مقادير منطقتنا ومقدراتها، وللمفارقة فإن أكثر دولة بالعالم تضم مراكز بحثية لدراسة العصور الوسطى، وتحديدا الحملات الصليبية، هى إسرائيل، فهم يريدون معرفة كيف زالت الإمارات الصليبية رغم ما كانت تحظى به من جبروت عسكري، ودعم غربى غير مسبوق.

الصهاينة يدرسون تلك الفترة، لأنهم يدركون أنهم ليسوا سوى إعادة إنتاج لتلك الحقبة السوداء من تاريخ العالم، لكنهم يتوهمون أنهم قادرون على تغيير مصيرهم المحكوم عليه بالزوال، كما سبقتهم إمارات الرها وعكا وحيفا وبيت المقدس الصليبية!!

أولى الحقائق التى يدركها الصهاينة ومن وراءهم، أن تمزيق الوحدة الجغرافية للشرق العربى الإسلامى ضرورة لبقائهم، ولن يتحقق ذلك سوى بزرع كيان استيطانى بين مصر والشام، لأنه لا أمل فى قوة الشرق إلا باتصال هذين الجناحين، وقد فعلوها!

الحقيقة الثانية، هى ضرورة تحويل المنطقة إلى كيانات ضعيفة متنازعة على أسس دينية أو طائفية أو سياسية، فلا سبيل لهم للسيطرة علينا إلا بتفرقنا وتمزقنا واختلاف كلمتنا، وللأسف أيضا نجحوا إلى حد كبير فى تحقيق ذلك الهدف!!

الحقيقة الثالثة، هى أنه لا مستقبل لأى كيان استيطانى إلا بالتخلص من الشعب الأصلى صاحب الأرض والحق التاريخي، سواء عبر عمليات تطهير عرقى كما فعلت الولايات المتحدة بحق سكان أمريكا الشمالية الأصليين، أو بمحاولة تهجيرهم قسرا، وتشتيتهم فى عدة بلدان فيضيع حقهم فى العودة، وهذا ما حققته إسرائيل جزئيا فى 1948 و1967، وتسعى لتحقيقه نهائيا فى 2023.

ولحديث التاريخ بقية ...