بعد عامين في المحاكم .. الاستئناف تقضي بإثبات نسب «مملكة» كخيل عربي أصيل إلى «فيجن»

مملكة
مملكة

أسماء‭ ‬سالم‭ ‬

  المعروف والبديهي في قضايا إثبات النسب، أن نجد أمًا امام المحكمة تطلب إثبات نسب وليدها إلى الأب، لكن أن تدخل أروقة المحاكم قضية إثبات نسب «حصان»، هذا هو الأمر الذي لم نعتده؛ حين يقف أحد الأشخاص طالبًا من المحكمة أن تقضي له بنسب فرس يمتلكه، القضية فيها الكثير من الإثارة، خاصة أن المدعي في أول درجة تقاضي حصل على حكم قضائي بالرفض، إلى أن وصلت إلى محكمة الاستئناف، والتي حسمت القضية.. في السطور التالية تفاصيل أكثر عن تلك الواقعة التي ظلت داخل أروقة المحاكم عامين كاملين حتى تم الفصل فيها.

نرى على شاشات التلفزيون، أو داخل بعض الأفلام الأجنبية والعربية، مسابقات خيل تم توظيفها دراميًا، ونسمع عن مراهنات تصل في أحيان كثيرة إلى الملايين في الخارج، ولكن لم نتوقع أن يكون تصنيف الخيول يصل إلى هذه الدرجة من التعقيد، وأن لها جذور ممتدة، وأصل ثابت، وأن كل خيل يصنف حسب أصل عائلته، عريقة كانت أو غير ذلك، وهو الأمر الذي أصبح معه من الضروري تحري الدقة في تحديد أنساب الخيول، وتدوينها في السجلات خوفًا عليها من المسح أو النسيان تارة، ومن اختلاط الأنساب تارة أخرى.

وهذا عين ما جاء في هذه القضية، والتي كانت بدايتها عملية تزاوج، اتفق عليها طرفان، الطرف الأول وهو مالك الحجر - وهي في اللغة تعني أنثى الحصان البالغة - أما الطرف الثاني هو مالك الحصان الذكر، اتفقا على أن يتم تزاوج أنثى الحصان الخاصة به، إلى الحصان الخاص بالطرف الآخر، وبالفعل تمت عملية التزاوج، بمقابل مادي اتفق عليه الطرفان.

لكن بعد أن أنجبت أنثى الحصان، مُهرة، رفض صاحب الحصان إثبات نسب المهرة إلى الحصان الخاص به، ولم يتفقا على الأمر، حتى وصل الأمر إلى ما وصل إليه في ساحات المحاكم.

الى المحكمة

حتى نصل إلى تفاصيل القضية من بدايتها، تواصلت «أخبار الحوادث» مع المحامي هاني دسوقي أبو بريك، محامي المدعي، لمعرفة تفاصيل القضية، والذي أكد في البداية حتى نكون على بينة من الأمر قائلا: في عالم الخيول، يتفق ملاك الأحصنة الأصيلة العربية، بالقيام بعملية تزاوج ذكر الخيل العربي الأصيل، للأنثى، من أجل الحفاظ على سلالة الأحصنة الفريدة، خوفاً من الانقراض، بل أنه أكد أن في بعض الأحيان، يتم حفظ السائل المنوي للذكر وتجميده في مراكز متخصصة بالمنى الخاص بالحيوانات، خوفًا من نفوق الحصان قبل أن يتم عملية التزاوج.

في الواقعة محل النقاش، يستطرد هاني الدسوقي قائلا: «ولكي تتم عملية التزاوج، تم الاتفاق بين المدعي، وهو أشرف جميل، مالك الفرس، الأنثى، والتي اسمها «دابنسلفانيا»، مع المدعى عليه، مالك الحصان الذكر، المسمى «ب سى أف فيجن».

وأنه في سبيل إتمام عملية التزاوج، دفع المدعي أشرف جميل، مبلغ 200 ألف دولار، مقابل أن يتم تزاوج الفرس الخاص به، الأنثى، إلى الحصان الذكر، مرة واحدة سنويًا.

واستكمل قائلا: «بالفعل تمت عملية التزاوج، وأنجبت الفرسة مهرة صغيرة، سميت «مملكة»، وكان من شروط العقد بعد إنجاب الفرس الأم؛ أن يسجل نسب الجنين للذكر، حتى تدرج المهرة الجديدة ضمن سجلات الخيول العربية الأصيلة، ولكن المدعي عليه، مالك الحصان الذكر، رفض ذلك دون سبب واضح، بالرغم من أن هذا تم الاتفاق عليه في العقد.

وأشار أبو بريك؛ أن سعر الخيول تختلف حسب التسجيل لدى الهيئة الزراعية المصرية من عدمه، وإن سجلت تتحول من سعر بسيط الى ملايين الدولارات، بالتحديد عندما ينطبق على الخيل، شروط ومواصفات الخيول العربية الاصيلة، من حيث الجمال والطول والشكل،  لذلك كان من الضروري أن يقيم المدعي أشرف جميل دعوى قضائية ضد المدعى عليه، وهو يحمل جنسية إحدى الدول العربية.

وطالب في دعواه أولا: إلزام المدعى عليه الثاني بصفته، بانتداب أحد الخبراء الفنيين العاملين لديه، والمختصين بأخذ العينات المطلوبة؛ لإجراء التحاليل المعملية اللازمة لديها، أو لدى أى جهة أخرى معتمدة لدى الهيئة الزراعية، لإثبات نسب المولود الفرس الأنثى «مملكة»، المملوكة له البالغة من العمر 6 سنوات تقريبا، للأب الحصان «ب سی اف فيجن».

ثانيا: وفى حالة إيجابية التحاليل المعملية، وثبوت صحة الادعاء، إلزام المدعى عليه الأول، بتسليم المدعى إخطار «طلوقة»، وهو لمن لا يعرفه إخطار يفيد بتلقيح أنثى الحصان من الذكر، وأن يدون في الإخطار أن الفرس الأنثى «دابنسلفانيا» قد تم تلقيحها من الحصان «ب سى اف فيجن»، وأن هذا التلقيح أثمر عن ولادة الفرس الأنثى «مملكة»، وفى جميع الأحوال على القضاء بأن يقوم الحكم مقام الإخطار، وإلزام المدعى عليه الثاني بصفته، بتسجيل الفرس الأنثى «مملكة»، بالإدارة المركزية لتربية الخيول العربية لديه، وتسليم الطالب شهادة نسب باسمه تفيد ما تقدم.

ثالثا : إلزام المدعى عليه الأول بأن يؤدى للمدعى تعويض مبلغ وقدره 500 ألف جنيه، لامتناعه عن تسليمه الإخطار المنوه عنه بصلب الصحيفة، على سند من أن المدعى عليه الأول يمتلك الحصان «ب سی اف فيجن»، وقد اتفق بموجب عقد غير مؤرخ بينهما على حصول المدعى على سلالة من ذلك الحصان مرة واحدة في السنة تنتهى بمولود حي مدى حياة الحصان مقابل 200 ألف دولار تم سدادها. 

وبجلسة 30 يناير 2022، قضت محكمة أول درجة، برفض الدعوى لخلو العقد سندها من بند خاص، يلزم المدعى عليه الأول بإخطار «الطلوقة» المراد إلزامه به.

DNA

واضاف المحامي أبو بريك؛ أن المدعي تقدم بالطعن على الحكم أمام محكمة الاستئناف، وطالب بندب لجنة ثلاثية من الخبراء الفنيين العاملين لدى الهيئة الزراعية المصرية، والإدارة المركزية للخيول العربية الأصيلة، والتي أودعت اللجنة تقريرها الذي أثبتت فيه أنه قد تم أخذ عينه من الفرس «مملكة» وارسلتها، وكذا بيانات الـ DNA، لكل من الحصان الأب «ب سی اف فيجن»، والفرس الأم «دابنسلفانيا» إلى معمل بحوث صحة الحيوان، التابع لوزارة الزراعة؛ لإجراء مطابقة نتيجة تحليل العينة، وقد ورد الرد بأن جينات DNA للفرس «مملكة» مطابقة لجينات الحصان الأب «ب سی اف فيجن»، والفرس الأم «دابنسلفانيا»، وانتهى التقرير في نتيجته، الى أن الفرس «مملكة»، هي وليدة التلقيح والتزاوج بين الحصان الأب «ب سی اف فيجن» والفرس الأم «دابنسلفانيا».

وبناء عليه قضت محكمة استئناف القاهرة، برئاسة المستشار أسامة إميل إبراهيم، وعضوية المستشارين هشام صادق، وعمرو رجائي، وأمانة سر محمود محمد؛ بإثبات نسب الفرس «مملكة فيجن»، البالغ من العمر 6 سنوات، كخيل عربي أصيل، ووليدة التلقيح والتزاوج بين الحصان «ب سی اف فيجن»، المملوك لأحد الأشخاص الأجانب، والفرس «دابنسلفانيا» المملوكة لأشرف جميل، وألزمت مدير محطة الزهراء لتربية الخيول العربية الأصيلة بصفته، بتسجيل المولود الفرس الأنثى «مملكة»، بما تقدم، وتسليم شهادة للمدعي.

الحيثيات

قالت المحكمة في حيثيات حكمها؛ أنه كان من المقرر أن تكييف الخصوم للطلبات والوقائع المعروضة على محكمة الموضوع، لا يقيدها ولا يصح أن يمنعها من فهم الدعوى على حقيقتها، وإعطائها وصفها الحقيقي، وتكييفها القانوني الصحيح.

كما أنه من المقرر أيضا أن العبرة في تكييف الطلبات في الدعوى ليس بحرفية عباراتها أو الألفاظ التي تصاغ بها هذه الطلبات، وإنما بحقيقة المقصود بما عناه المدعى فيها، أخذا في الاعتبار ما يطرحه واقعًا ومبررًا لها.

ولما كان ذلك وكان قد سبق للمحكمة، أن بينت في الحكم الصادر منها بجلسة 21 فبراير 2023 أن هدف المستأنف من دعواه، هو  نسب المولود الفرس الأنثى «مملكة» المملوكة له، البالغة من العمر 6 سنوات تقريبا، للأب الحصان «ب سی اف فيجن» المملوك للمستأنف ضده الأول، وذلك حتى يتم له تسجيل ذلك، والحصول من الجهة المختصة على شهادة بهذا النسب، ومن ثم فإن التكييف القانوني السليم للدعوى، هي أنها أقيمت بطلب الحكم، بإثبات أن الفرس «مملكة» هي وليد التلقيح والتزاوج بين الحصان الأب «ب سی اف فيجن» والفرس الأم «دابنسلفانيا»، وإلزام المستأنف ضده الثاني بتسجيل المولود الفرس الأنثى، وتسليم المستأنف شهادة بذلك.

وأشار المحامي أبو بريك، أنه بعد إصدار الشهادة التي أثبت نسب «مملكة»، تم بيعها لمالك جديد هو محمود حواس بمئات الالوف من الدولارات، بعد أن كانت على حافة البيع بثمن بخس لو لم يثبت نسبها.

الحصان العربي الأصيل

في سياق متصل، أوضحت د. شيرين زكي، عضو نقابة البيطريين؛ أن لكل حصان ميزة معينة، فارقة، تختلف من حصان لأخر، الحصان العربي الأصيل يتميز بالجسم الرشيق قوامه، والمرموق، له رقبة طويلة، رأسه صغيرة، وهذه هي السمات التي تميزه عن أي حصان آخر.

وأضافت؛ أن لكل حصان سمات مميزة، وأن تلك الصفات تكتب في بطاقة التعريف الخاصة بالأحصنة، لإدراجها ضمن الخيول العربية الأصيلة، والمعروف عنها أنها من أكثر الحيوانات، التي لها أنساب، والتي لا تهاون في تحديد نسبها، وضمان أنها من سلالة نقية من الخيول العربية الأصيلة، لهذا السبب تعتبر الخيول ثروة قومية، وأنها اقتصاد في حد ذاته، ومجال مربح إلى أقصى درجة، الأمر الذي  وصل معه إلى حفظ السائل المنوي للأحصنة، من أجل الحفاظ على السلالة، والذي يخزن في بنك المني للأحصنة، بشكل دقيق جدا وحساس.

وتابعت؛ أنه في المسابقات، يتم تعريف الخيول والسلالة العائلة، لأن إثبات النسب يتم دفع فيه ملايين الدولارات، خصوصا عندما يكون للخيل عائلة عريقة عربية أصيلة.

واختتمت قائلة: «هناك بعض الأحصنة عريقة لدرجة يتم منع الجمهور من الاقتراب إليها، وفي المسابقات مثلا يتم التعامل مع تلك الأحصنة، بشكل رقيق جدا وحساس للحفاظ عليها، مهما كانت أنواع هذه المسابقات، والتي تتنوع ما بين مسابقات جمال، أو مسابقات سباق، وغيرها من السباقات المختلفة، وأنه يتم عمل جواز سفر خاص للخيول في حالة سفرة للاشتراك في مسابقة خارج البلد المولود فيها. 

اقرأ أيضا : لمحبي الحيوانات الأليفة.. أفضل 5 سلالات كلاب صديقة للأطفال


 

;